مَن يتابع شؤون العراق الداخلية، سيلحظ بشكل واضح تطابق معايير إدارة البلدين الى حدٍ " التوأمة" في تفاصيل كثيرة لعل أبرزها تقاطع التدخلات الإقليمية مع المصالح الدولية، أما أهم تجلياتها فهو إندلاع الثورة في كلا البلدين في عام واحد وشهر واحد، أي في تشرين الأول من العام ٢٠١٩، رفضاً لنظام طائفي متجذر راكم سنوات طويلة من سوء إدارة شؤون البلدين فأوصلهما الى حافية الإنهيار." تشارنة العراق"، وهي التسمية التي تُطلق على الثوار في بغداد، دفعوا باتجاه إنتخابات برلمانية مبكرة أفرزت صناديقها عدداً كبيراً من المشاركين في الإنتفاضة الذين تمكنوا من تشكيل كتلة وازنة في البرلمان العراقي جاورت كتل الأحزاب الدينية التقليدية، خصوصاً تلك المحسوبة على إيران التي لم تتقبل نتائج الإنتخابات فعمدت الى تحريك الشارع، بالتزامن مع بدعة " الثلث المعطّل" المستنسخة من البلد الشقيق لبنان، ما أوقع العراق في الفراغ والتعطيل بدءاً من تعطيل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بعد مضي سبعة أشهر على إتمام الإنتخابات، إضافة الى عرقلة تأليف الحكومة، و" كربجة" عمل البرلمان العراقي.
أما في لبنان، فمن الواضح أن السيناريو العراقي يتكرر بحذافيره مع برلمان جديد لم تتوضح فيه بعد خريطة التحالفات، مع استمرار " العدّ على الأصابع" لتحديد الأحجام، من دون وضوح الرؤية حول ما يمكن أن ينجزه الثوار ونوابهم أو "تشارنة لبنان".