تصعيد إسرائيلي تحت غطاء "تنفيذ الالتزامات"

ghara jnoub 2

كتب داود رمّال في "الأنباء الكويتيّة":

تتجه الأزمة بين إسرائيل ولبنان نحو مرحلة أكثر اضطرابًا بعد التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، التي ترافقت مع تصعيد ميداني في الجنوب أسفر عن سقوط أربعة لبنانيين في غارة إسرائيلية جديدة. التصريحات، التي حملت بيروت مسؤولية ما تسميه تل أبيب "عدم تطبيق الالتزامات الدولية"، أعادت النقاش إلى المربع الأمني الأول، حيث تستخدم إسرائيل منطق "الرد الوقائي" لتبرير ضرباتها المتكررة على الأراضي اللبنانية.

وقال خبير عسكريّ: "يأتي هذا التصعيد بعد عام تقريبًا على وقف إطلاق النار الذي أنهى حربًا طاحنة استمرت سنة كاملة بين إسرائيل و"حزب الله"، لكنه يبدو اليوم أمام اندفاعة إسرائيلية نحو فرض معادلات ميدانية جديدة على طول الحدود الجنوبية. فتل أبيب لم تكتفِ بتوسيع نطاق عملياتها الجوية لتشمل مناطق عدة في الجنوب والبقاع، بل وجهت رسائل سياسية واضحة تعتبر فيها أن الدولة اللبنانية تتحمل مسؤولية وجود الحزب في تلك المناطق، مطالبة بإبعاده ونزع سلاحه".

أضاف المصدر: "اعتمدت إسرائيل توصيفات محددة للأشخاص الذين تستهدفهم بالاغتيال، وتعمدت الإعلان عن تنفيذ سلسلة من الغارات التي قالت إنها استهدفت مواقع وعناصر من "قوة الرضوان" التابعة لـ "حزب الله". ويبدو أن هذه العمليات تمثل جزءًا من استراتيجية عسكرية تهدف إلى استنزاف الحزب واستهداف بنيته التنظيمية، تحت عنوان منع إعادة بناء القدرات العسكرية بعد الحرب الأخيرة، كما أنها تهدف إلى جعل الحياة منعدمة في منطقة شمال الليطاني كما جنوبها، من خلال التعميم في توصيف الاستهدافات، وكأنها تمهد لمرحلة الادعاء أن كل ما يتحرك في الجنوب والبقاع هو هدف عسكري".

وأوضح المصدر: "في المقابل، ترى بيروت أن إسرائيل تستخدم ذريعة "الالتزامات الدولية" لتغطية خروقها اليومية للقرار واتفاقية وقف الأعمال العدائية، إذ لا تزال قوات الاحتلال متمركزة في خمس نقاط حدودية يطالب لبنان بانسحابها منها. فيما تتواصل الانتهاكات الجوية والبرية من دون توقف. ويؤكد الموقف الرسمي اللبناني أن التصعيد الإسرائيلي هو محاولة لفرض شروط ميدانية جديدة قبل أي مسار تفاوضي محتمل، سواء برعاية الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأميركية أو عبر وساطة دولية".

وأشار المصدر إلى أن "التصعيد الراهن لا يمكن فصله عن قواعد الاشتباك بعد 27 نوفمبر 2024، والذي يشهد اليوم اختبارًا قاسيًا. ويحاول "حزب الله" تجنب الانزلاق إلى مواجهة شاملة، لكنه في الوقت عينه لا يستطيع تجاهل الخسائر الميدانية المتتالية التي تستهدف عناصره ومراكزه. أما إسرائيل فتسعى إلى استثمار أي رد محدود للحزب لتوسيع عملياتها وتبرير استمرارها بذريعة حماية مستوطني الشمال".

واعتبر المصدر أنه "في البعد السياسي، تراهن تل أبيب على توظيف التوتر مع لبنان كورقة ضغط إضافية في المشهد الإقليمي، فالرسائل الإسرائيلية موجهة بقدر ما هي للبنان إلى العواصم المعنية بملف الاستقرار في الجنوب، من واشنطن إلى باريس، لإعادة تفعيل النقاش حول دور حزب الله وسلاحه".

ومع استمرار الغارات وسقوط الضحايا المدنيين، يبدو أن لبنان يدخل مرحلة دقيقة من التوتر الميداني والديبلوماسي معًا. فبينما تحاول الدولة احتواء التصعيد عبر القنوات الدولية وتثبيت قواعد الاشتباك، تصر إسرائيل على لغة النار والإنذارات. وهكذا، يبقى الجنوب والبقاع مرة أخرى على خط النار، رهينة معادلة غير متكافئة بين تفوق عسكري إسرائيلي من جهة، وسعي لبناني لتفادي حرب جديدة قد تكون الأخطر منذ عقدين.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: