علمت "نداء الوطن" أن طرح تعيين شخصية سياسية في رئاسة الوفد اللبناني إلى لجنة "الميكانيزم" وُضع على نار حامية منذ أكثر من شهرين، حيث خضعت اللائحة الأولية لجوجلة دقيقة قبل أن يستقرّ الرأي على السفير كرم. وذلك بعد حسابات دقيقة أجراها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، مستندًا بوضوح إلى المادة 52 من الدستور.
وقد حرص على أن يُحاط هذا القرار بمظلّة سياسية وطنية، فسبقه بمشاورات مع رئيسي مجلس النواب نبيه برّي والحكومة نواف سلام، لتأمين غطاء جامع يجنب الداخل سجالات إضافية حول هوية رئيس الوفد.
واستند الخيار إلى جملة معايير، أبرزها خلفيته السيادية الراسخة، ومسيرته الديبلوماسية والأكاديمية التي تضاهي نظيره الإسرائيلي أوري رزنيك، إضافة إلى خبرته التفاوضية ومعرفته العميقة بالمقاربات الأميركية، فضلًا عن مشاركته في وفد لبنان إلى مفاوضات مدريد بين العرب وإسرائيل (1991)، وهي التجربة التي تُعدّ من أبرز محطاته الديبلوماسية، وتمنحه أفضلية في إدارة نقاشات حساسة تتداخل فيها السياسة بالقانون الدولي وميزان القوى.
في هذا السياق، اعتبرت مصادر أميركية أن تعيين كرم يمثل خطوة إيجابية من جانب الدولة اللبنانية، تعكس وعيًا بخطورة المرحلة ودقة التوقيت. لكنها، في المقابل، شدّدت على أن واشنطن، تراقب ترجمة هذا المسار بموقف عملي واضح في ما خصّ نزع سلاح "حزب الله"، الذي يبقى العقبة الأساسية أمام تثبيت الاستقرار وتجنب الانفجار.
كما أن نقل رئاسة الوفد اللبناني من المستوى العسكري إلى السياسي، يحمل دلالات سياسية وديبلوماسية وقانونية واضحة، بما يعزز قدرة الدولة اللبنانية على تثبيت حقوقها، من النقاط المتنازع عليها على الخط الأزرق والنقاط المحتلّة، إلى قضية الأسرى والمحتجزين، مرورًا بانعكاسات التفاوض السوري - الإسرائيلي على الواقع اللبناني.