من حيث المبدأ، تقوم الحياة السياسية على تعددية الافرقاء وإلا تصبح نظام الرأي الواحد الذي في معظم الاحيان ينحرف الى الديكتاتورية. اما الحياة الوطنية فتقوم على الاصطفاف بين الولاء للوطن او العمالة وبين صون السيادة والاستقلال او انتهاكهما. لا مساحة وسطية في الامور الوطنية ولا نصف سيادة.
للاسف في خضم المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف في لبنان ثمة مشكلة مفاهيم مغلوطة لا تقل تداعياتها سوءاً لدى بعض الافرقاء السياسيين في معظم الاحيان لغايات شعبوية وفي بعضها للتنصل من إتخاذ المواقف. من هذه المفاهيم المغلوطة القول "الابتعاد عن الاصطفافات" الذي لم يعُد يقتصر على مجموعة نواب الـ13 إذ إنضم اليهم نواب "تكتل الاعتدال الوطني" ذات اللون السني الفاقع.
في هذا الاطار، برّر عضو "تكتل الاعتدل الوطني" النائب احمد الخير عبر الـmtv في 30/9/2022 عدم تصويتهم للنائب ميشال معوض في اول جلسة لانتخاب رئيس الجمهورية بقوله: "فضلنا الابتعاد عن الاصطفافات السياسية ونريد رئيس يحافظ على الدستور والطائف. ميشال معوض لديه المواصفات ولكن ليس توافقيا".
"الابتعاد عن الاصطفافات" هرطقة ممن منحهم الناس اصواتهم إذ يجب ان يصطفوا عند قناعاتهم في كل محطة وعند ما هو اقرب الى طروحاتهم التي رفعوها خلال معركتهم الانتخابية.
إن اي رئيس يحافظ على الدستور والطائف بالفعل لا بالقول لا يمكن ان يكون توافقياً، إذ كيف يتوافق عليه الفريق الذي ينتهك الدستور ويتنصّل من اجزاء كثيرة من "الطائف" الذي يقوم في جزء منه على حل جميع الميليشيات وتجريدها من سلاحها بشكل صريح ولم يستثنِ لا "المقاومة الاسلامية" ولا "المقاومة اللبنانية"؟!