غابت الحركة السياسية اللبنانية في عطلة الفصح التي استمرت حتى يوم أمس الاثنين، وبقيت ساحة الجنوب على حماوتها مع تصعيد في حجم الغارات للطائرات الحربية الإسرائيلية والمسيرات التي لا تفارق الأجواء على مدار الساعة.
وكان لافتا أمس تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال انه يفضل حلا ديبلوماسيا مع لبنان، مع تأكيده القيام بذلك بطرق أخرى إذا لم يحقق المسعى الديبلوماسي النتائج المرجوة من قبله.
بدورها، حذرت القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) من ان التصعيد «قد يؤدي إلى صراع أكبر بكثير، وان التطورات مقلقة بحيث اصبح القصف اكثر عنفا ودموية»، لكنها أكدت «ألا مجال للحل العسكري بين لبنان وإسرائيل، ولا أحد يرغب في صراع أكبر، ولا يزال هناك متسع للتفاوض، ولا تزال هناك فرصة للوصول إلى حل».
في المقابل، يلتزم «حزب الله» الصمت، رافضا الكشف عن أي خطط أو تصور للحل، مكررا في كل مناسبة أن الأمور مرتبطة بوقف النار في غزة، ويبدي الحزب اطمئنانه إلى ان الحقيبة التفاوضية في عهدة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويحرص الأخير في محادثاته مع الموفدين العرب والأجانب على الإمساك بالعصا من منتصفها، فيبقي أقنية الاتصال على حرارتها، من دون ان يعطي أجوبة حاسمة في انتظار معرفة المسار الذي ستذهب إليه الأوضاع في المنطقة.
في الخطوات الداخلية اللبنانية، تكثيف الاهتمام العربي بمساعدة الأفرقاء اللبنانيين على تقليص مساحات التباعد التي تفصل بينهم، عبر تضييق الهوامش من خلال إيجاد قواسم مشتركة، باتت تعرف في القاموس السياسي اللبناني باسم «تقاطع».
في هذا السياق، وكما أشارت «الأنباء» سابقا إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل تلقى دعوة لزيارة العاصمة القطرية (الدوحة)، علم انه سيلبيها وتم تحديد موعد لها. في حين تستمر عواصم عربية أخرى في ضخ مناخات إيجابية، وتحث الأطراف في الداخل اللبناني على النأي بأنفسهم وبالبلاد عن التطورات الدراماتيكية في المنطقة. وتتمسك العواصم العربية المعنية «بوجوب ترك اللبنانيين يقررون مصيرهم، وإحاطتهم بكل مستلزمات المساعدة للخروج من عنق الزجاجة، من دون الدخول طرفا مع أي من الأفرقاء في مسائل داخلية». وتحرص العواصم المعنية، وبينها واحدة لطالما اعتبرت حاضنة على الدوام وعن جدارة للبنان، على تقديم كل مساعدة لتجنيب البلاد الانزلاق من منحدرات خطرة، في هذا الظرف العصيب الذي تمر به المنطقة. في اليوميات الجنوبية، اعتياد المواطنين في البلدات التي تقع على حافة المواجهة، على عودة الحياة الطبيعية. وذكر أحد أبناء بلدة معروب في قضاء صور، والتي تبعد زهاء 15 كيلومترا عن الحدود مع فلسطين المحتلة، «ان الأمور قد عادت إلى طبيعتها بعد فترة من الترقب والقلق».
ما لم يقله أبناء البلدة وغيرها من قرى وبلدات المواجهة إن أهالي الجنوب تكيفوا مع معادلة قواعد الاشتباك التي فرضت بالنار من قبل إسرائيل والمقاومة، حيث لا مقومات للحياة في مدى يصل إلى زهاء سبعة كيلومترات من الحدود، وهذا ما ينطبق على بلدة شقرا (قضاء بنت جبيل)، والتي نزح إليها قسم كبير من أهالي حولا المجاورة، وأقاموا في بيوت يملكها أقاربهم من أبناء البلدة المنتشرين في بلدان الاغتراب. وللمفارقة، تبعد شقرا «المسافة الآمنة» عن الحدود. في أي حال، ارتفع عدد النازحين من قرى وبلدات المواجهة، وناهز الـ 200 ألف بحسب إحصاء غير رسمي، إلا ان الثابت وجود تنسيق عملاني على الأرض بانتقال النازحين إلى بيوت متوافرة وخالية من أصحابها الأصليين، من دون حصول تجاوزات.