لطالما شدّد البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظاته ومواقفه، على رفض تحميل لبنان وشعبه وزر أوطان وشعوب أُخرى، مع الدعوة الى التمسّك بالقرار 1701 وتجنيب لبنان واللبنانيّين الدخول في حرب إسرائيل وغزّة. لانّ أهل بلدات الجنوب يعانون من ويلات هذه الحرب قتلًا وتدميراً للمنازل. كما يطالب الراعي بإيجاد الحلول بالمفاوضات الدبلوماسية، وبعدم توريط البلدات الحدودية في حرب لا علاقة لهم بها، وينادي الدولة بإتخاذ القرارات وبسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية.
هذه المواقف أوجدت توتراً مع حارة حريك سرعان ما تفاقم، من دون ان ان يحوي الردود المتبادلة، وهذا ما يظهر بوضوح لدى سؤال اي من المطارنة او المسؤولين الكنسيين في بكركي، عن مدى عودة العلاقة بينهم وحزب الله؟، فيأتي الجواب على الفور”: العلاقة لم تنقطع بين الصرح البطريركي وقيادة الحزب والحوار مطلوب لحل الخلافات”، كذلك الامر بالنسبة الى قيادة حزب الله، اذ يأتي الجواب مشابهاً جداً ” نحن نؤمن بالحوار خصوصاً مع بكركي”.
هذه الاجوبة الدبلوماسية أخذت مكانها في العلن، لكن في الواقع الوضع مغاير،لانّ القصة تحتاج للكثير من الوساطات، فالحوار لم يستطع إزالة التباعد و”اللطشات” الخفيفة التي يجري تبادلها بين الحين والآخر بصورة مستترة، والتي بدأت تبرز قبل سنوات على خلفية دعوة البطريرك الراعي الى ضرورة الابتعاد عن سياسة المحاور، والالتزام بالحياد كحل مريح للبنان، ومطالبته بعقد مؤتمر خاص بالدولة بإشراف الأمم المتحدة لحل النقاط الخلافية، الامر الذي ادى حينها الى ظهور التباين في المواقف ومن ثم الفتور والتوتر في العلاقات.
اما لجنة الحوار القائمة منذ التسعينات بين البطريركية المارونية والحزب، فلم تجتمع بما فيه الكفاية نظراً للظروف التي رافقت لبنان، وتوقفت فعلياً منذ سنوات عن اللقاء والحوار، وساهم بذلك تدهور الاوضاع السياسية والاقتصادية عموماً في لبنان، وفي هذه المرحلة تحتاج الى المزيد من الوقت والتقارب السياسي، على بعض المحاور والبنود التي تطرحها بكركي، قبل اي اجتماع بهدف الوصول الى نتائج إيجابية.
وفي هذا الاطار وبعد إشارة موقع LebTalks قبل أيام قليلة، الى أنّ نائباً سابقاً مقرّباً من الطرفين، عمل على وساطة وتقارب منذ أيام بين بكركي وحارة حريك،اذ اجتمع الى البطريرك الراعي، ومن ثم مع أحد أبرز نواب “الحزب”، لكن ووفق المعلومات التي حصل عليها موقعنا، فالمحاولة لم تلق المطلوب لانّ الخلافات تفاقمت كثيراً، خصوصاً بعد تفرّد حزب الله بقرار الحرب، وإدخال لبنان بالقوة الى أتون المعارك والقتل والدمار غير آبه بالدولة اللبنانية، وبالتالي فالكيل طفح من تلك الصورة الاستفزازية المتحكّمة بالوطن، مما يضع” الحزب” في خانة بات الخروج منها صعباً جداً، اذ يكاد يكون وحيداً ومرفوضاً من أكثرية الافرقاء السياسيين والمواطنين اللبنانيين الرافضين فرض الموت عليهم بالقوة.