بعدما تم اكتشاف "جدري القردة" عام 1970، بدأت تنتشر العدوى من الدول الأفريقية عبر السفر أو بيع وشراء الحيوانات بين الدول، إلا أنه سرعان ما "إستئصلت" الجدري من العالم في عام 1980 وسُحِبَت جرعات اللقاح ضد الجدري من الأسواق ليبقى عينة أو نموذج منه في المختبرات. إلا أن موجة "جدري القردة" التي انتشرت في الآونة الأخيرة والأنباء عن بدء ازدياد أعداد الإصابات في عدد من الدول حول العالم، كانت كفيلة بإحداث بلبلة وقلق عند المواطنين خصوصاً بعدما عانى العالم لسنتين من فيروس كورونا وانتشاره الكبير، علماً أن هذا الجدري لم يصل إلى لبنان حتّى الآن، فماذا يقول الدكتور طوني يزبك طبيب أطفال و حديثي الولادة عن "جدري القردة"، عن كيفية انتشاره، عوارضه وعلاجه، ومدى خطورته؟ في حديث لموقع LebTalks يقول يزبك بدايةً، أن طرق انتشار عدوى جدري القردة هي، نوعاً ما، مُقتَصَرة على الاحتكاك المباشر بالمريض إن كان إنسان أو أي نوع من أنواع القوارض ليس فقط القردة، "فهو بالدرجة الأولى يُنقَل في حال الاحتكاك بالطفح الجلدي عند المريض، أو استخدام أي غرض من أغراضه التي يمكن أن تحمل الرذاذ أو الدماء أو حتى سوائل الأسنان أو سوائل الطفرة الجلدية، وبمشاركة نفس السرير مع المريض أو استخدامه بعد أيام قليلة دون غسل أغطيته، إلا أن هذا المرض لا ينتقل عبر الهواء لأنه يُعَدّ ثقيلا لكنه ينتقل عبر الرذاذ عند التقارب الشديد مع المصاب (انسان أو حيوان)، كذلك تنتقل هذه العدوى من اللحمة إذا لم تكن مطبوخة جيدا". وفي السياق ذاته، يشير الدكتور يزبك أنه من الضروري عزل أي شخص أو حيوان لمدة حوالي ٣ أسابيع إذا ما كان قادما من أي بلد انتشرت فيه العدوى، للتأكد من عدم إصابته، موضحاً بأن عوارض هذا المرض "تبدأ بالظهور بين ٣ وال ١٤ يوم أو ٢١ يوم، وتتطوّر العوارض على مرحلتين فالمرحلة الأولى يشعر المريض بإرهاق شديد، إرتفاع بالحرارة، آلام في الجسم والعضلات والظهر وتبدأ الغدد اللمفوية بالتضخم بعد أسبوع أو ٣ أيام من المرض وينتشر الطفح الجلدي على الجسم بحيث يظهر كبقع مسطحة حمراء، تحوَّل البقع إلى بثورٍ مملوءَة بالسوائل (وهذا ما ينقل العدوى ويجب الانتباه منه) ما يستغرق حوالي ٣ أو ٤ أسابيع للشفاء".
أما عن الفئات العمرية أو الأجسام الأكثر تعرّضاً لهذا المرض يقول يزبك أن كل الفئات العمرية مُعَرّضة للإصابة، ولكن بخاصة الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة أو مرض السكري والسرطان والأطفال، وعن سبل الحماية يعتبر يزبك أن "الطريقة الوحيدة حتى اليوم هي الحجر لمدة ٣ أسابيع بعد العودة من السفر من أي بلد انتشر فيه المرض، وحجر أي حيوان أيضا يُشتَبَه بأنه قادم من أي بلد يحمل المرض، الإنتباه لكيفية طبخ اللحوم وطهوها جيدا لخروج أي دماء منها، غسل اليدين جيدا، وبما خص الطاقم الطبي يُفَضَّل أن يرتدوا معدات الوقاية الشخصية لضمان انتقال أي عدوى". إلى ذلك فإن "جدري القردة" هو من ضمن عائلة الجدري العادية بحسب يزبك، إلا أن "لقاح الجدري حتى اليوم، وبحسب آخر الدرسات، لا يحمي من جدري القردة إلا بنسبة 85%، وحتى الآن لا يوجد لجدري القردة أي علاج نهائي، إذ أنهم بدأوا باستخدام علاجات مضادة للفيروسات إلا أنها لم تُثبِت نجاحها كلّيّا، ولكن المطمئن أن هذا المرض هو "محدود ذاتيًا" أي ينتهي بعد ٣ أو ٤ أسابيع في أي جسم"، ويضيف يزبك مستطردا أن "نسبة الوفيات من هذا المرض هي 1% نسبةً لمرض الذي مصدره جمهورية الكونجو، إنما نسبة الوفيات للنوع الثاني من وسط أفريقيا فهي 10% وهي نسبة تُعد كبيرة، وهذا ما يدفع المعنيين إلى محاولة إيجاد علاجات، ومن أهمها حتّى اليوم هي اللقاحات التي تُعطى قبل الإصابة بالمرض لحماية المريض من أي مضاعفات قد تأتيه في حال أُصيب، أو في حال الإصابة تُستَخدَم أيضا هذه اللقاحات كعلاج لأنها أثبتت فعاليتها لتخفيف العوارض"، وأخيرا يُطمئِن دكتور يزبك المواطنين بأن هذا المرض " لن يأخذ حيّزاً كبيراً من الانتشار كما حصل بفيروس كورونا، لأن طرق العدوى صعبة إلا في حال الإحتكاك المباشر مع أي إنسان أو حيوان مصاب، أو التعرّض للسوائل من الطفرة الجلدية أو رذاذ الفم والأسنان أو حتى الدماء، وهذا ما يؤكّد أن ضبط انتشار العدوى ستكون أسهل بكثير مما كانت عليه الحال مع فيروس كورونا".