افتتح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المؤتمر العام الأول للحزب بكلمة مطوّلة توجّه فيها إلى الرفيقات والرفاق في لبنان والانتشار، مؤكّدًا أنّ هذا اللقاء الرسمي الأول يأتي بعد مسيرة نضالية امتدّت لخمسين عامًا من العمل السياسي والمقاوم.
وأشار جعجع إلى أنّ "ما يجمع القواتيين ليس مجرد مؤتمر تنظيمي، بل تاريخ طويل من اللقاءات على خطوط الدفاع عن لبنان الحرية والكرامة والسيادة”، مستذكرًا مراحل المواجهة في الجرود والقمم والمتاريس، وفي أحلك الظروف تحت الشمس الحارقة والليالي المظلمة".
ولفت جعجع إلى أنّ "القوات اللبنانية حافظت عبر العقود على نواة لبنان الحر رغم التحديات الكبرى، وفي طليعتها ما وصفه بنظام الأسد الأب والابن، إضافة إلى الوطن البديل و وصاية السلاح".
وتوقّف جعجع عند محطات مؤلمة في مسيرة الحزب، من تضحيات الشهداء، إلى رعاية الجرحى، إلى الاعتقال والنفي وملاحقات سلطة الوصاية، معتبرًا أنّ الحزب خاض “مؤتمرًا عامًا دائمًا” دفاعًا عن القضية وعن الإنسان في لبنان.
وأعلن جعجع أنّ "المؤتمر العام الأول يشكّل تتويجًا لمسار تنظيمي طويل، لحزب عاش الاستشهاد والاضطهاد والاعتقال والتعذيب والتشويه، لكنه واجهها بالإصرار حتى تبدّد الظلام وبانت خيوط الصباح الأولى".
وختم كلمته بتوجيه "تحية وفاء" إلى جميع الشهداء والمصابين والمعتقلين والمناضلين، مؤكدًا "إيمانهم الراسخ بأن الصحّ هو الذي سيبقى في النهاية".
وتابع جعجع كلمته مؤكدًا أنّ "مسيرة الحزب ما كانت لتتكلل بما وصفه بالحرية والثبات والوجود والنجاحات لولا تضحيات الرفاق وإيمانهم"، مضيفًا: "الطريق كان صعبًا وطويلًا ومؤلمًا، لكنه لم يكن في أي لحظة طريق يأس أو خوف أو تراجع، بل كان دائمًا في الاتجاه الصحيح".
وأشار جعجع إلى أنّ "هدف خصوم لبنان من نظام الأسد إلى نظام الملالي في إيران وما بينهما، كان ولا يزال محاولة إخضاع البلد ووضعه في خدمة مشاريعهم الاستراتيجية، معتبرًا أنّ هذا المسار لم يتوقف حتى اليوم".
ورأى جعجع أنّ "ثبات القوات اللبنانية، إلى جانب ما وصفهم بالسياديين الأحرار، كان عاملًا حاسمًا في منع تلك المشاريع من تحقيق غاياتها"، مشددًا على "الإيمان بضرورة قيام دولة فعلية تمتلك قرارها، بمؤسسات مستقلة وأجهزة متماسكة وقضاء عادل وسلاح شرعي واحد، لا شريعة غاب تحكمها التدخلات الخارجية". وأضاف أن "هذا الثبات أدّى المطلوب منه وحقق أهدافه".
واستكمل جعجع سرد مسار المواجهة التي خاضها الحزب على مدى العقود الماضية، مؤكدًا أنّ "قوى الأمر الواقع ومنظوماتها الحاكمة أدركت أنّ إحكام قبضتها على البلد غير ممكن إلا بإنهاء القوات اللبنانية".
وقال إنّ "تلك القوى جرّبت بين عامي 1975 و1990 الحرب العسكرية المباشرة” لكنها فشلت في تحقيق هدفها".
وأشار جعجع إلى أنّ "مرحلة ما بعد الحرب حملت وسائل أخرى للضغط بدأت بين عامي 1990 و1994، عبر رسائل تهويل وتضييق وملاحقة، وعمليات اغتيال طالت عددًا من كوادر الحزب، أبرزهم سامي أبو جودة، نديم عبد النور، سليمان عقيقي وإيلي ضو".
وأضاف أنّ "هذه الحملات بلغت ذروتها في تفجير كنيسة سيدة النجاة بتاريخ 27 شباط 1994، في محاولة — بحسب قوله — لإلصاق التهمة بالقوات وتشويه صورتها أمام اللبنانيين وفتح باب جهنّم عليها".
ورأى جعجع أنّ "الموقف الأكثر إزعاجًا لمنظومة الوصاية آنذاك كان اعتراض القوات اللبنانية على إبقاء السلاح بيد ميليشيا الحزب"، مشدّدًا على أنّ "القوات، التي حملت السلاح عند غياب الدولة، كانت أوّل من سلّمه التزامًا بوثيقة الوفاق الوطني، فيما التزمت باقي الميليشيات بالاتفاق نفسه".
وبحسب جعجع، فإنّ "إصرار الحزب على خيار الدولة ورفضه التراجع عن هذا المسار دفع إلى اتخاذ القرار الانتقامي في 23 آذار 1994 بحلّ الحزب، ما فتح مرحلة جديدة من التضييق والتخوين والملاحقات والاعتقالات وتشويه الحقائق".