جعجع للشباب: مرحلة الدولة الصورية انتهت والمستقبل يُبنى بيدكم

GEAGEA

دعا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الشابات والشباب إلى الاطمئنان منذ الآن فصاعدا إلى حاضرهم ومستقبلهم في لبنان، مؤكدا أن في إمكانهم بناء تطلّعاتهم على هذا الأساس، لأن ما كان متعذرا في السابق أصبح اليوم في متناول اليد. فقد انطلق قطار الدولة الفعلية، ومن المعلوم انه يستحيل ان تقوم قيامة أي بلد ما لم يكن القرار الاستراتيجي فيه من داخل مؤسساته. وقد جُرِّبت مرحلة تعطيل الدولة طويلا وأدت إلى الكوارث المعروفة. ومع استعادة الدولة قرارها العسكري والأمني، بات ممكنا مواجهة الفساد المستشري والمتمدِّد كالسرطان، بعدما أثبتت التجربة أن مكافحة الفساد مستحيلة في ظل تعطيل قرار الدولة بفعل التحالف بين السلاح غير الشرعي والفاسدين. ومع الانتهاء من المرحلة الأولى، بات في الإمكان انطلاق المرحلة الواعدة الثانية للتخلُّص من الفساد ومن يغطّيه.

وأوضح أن الدولة بدأت تبسط سلطتها على المخيمات في خطوة كانت قوى الممانعة تحول دونها، وستواصل بالتوازي عملها على باقي المسارات. وعلى الجميع ان يعتاد على أن أي قرار تتخِّذه الحكومة سيُنفّذ، لأن مرحلة الدولة الصورية انتهت. وبالتالي، فإن أي سلاح غير شرعي يجب ان يسلّم للجيش كي تعود الدولة طبيعية وقادرة على ممارسة مسؤولياتها كما يجب، ما يبعث الاطمئنان في نفوس اللبنانيين عموما، والشابات والشباب خصوصا، إلى انه أصبح في إمكانهم التخطيط لمستقبلهم في لبنان وليس في خارجه.

وقد ورد كلام جعجع في ختام المؤتمر الشبابي الذي نظمته مصلحة الطلاب في حزب "القوّات اللبنانيّة" بالتعاون مع جهاز الشباب والخريجين، في المقر العام للحزب في معراب، بعنوان "الشباب في لبنان الغد"، بمشاركة وزير المهجرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، النائبين غسان حاصباني ورازي الحاج، الأمين العام للحزب إميل مكرزل، النقيبين طوني الرامي وجو سلّوم، الأمينين المساعدين نبيل أبو جودة ورفيق شاهين، معاون الأمين العام لشؤون الانتخابات جاد دميان، رئيس جهاز العلاقات الخارجيّة في الحزب الوزير السابق ريشار قيومجيان، منسق فرنسا في الحزب زهير بصبوص، رؤساء المصالح والأجهزة: عبدو عماد، مارك سعد، ريما فضول، أنطوان كفوري، ميراي ماهر، سامر واكيم، جاد حبيب، طوني أبي حبلي، سينتيا الأسمر، رئيسة المكتب الإعلامي لرئيس الحزب أنطوانيت جعجع، رئيسة اللجنة المركزية للأنشطة فانيسا سعيد، الإعلامي موريس متى، رجل الأعمال إدغار طوق، وأعضاء المجلس المركزي آيمي عون، فارس طراد، هيلين شماس، وحشد من الطلاب والشباب.

المحور الأول: النشاط السياسي والتقدّم.

استُهل النقاش في هذا المحور بكلمة النائب غسان حاصباني الذي اعتبر أنّ بناء الذات والتطوير هما المدخل الأساسي لنجاح الشباب اللبناني. ورأى أنّ التحديات التي تعترضهم في سوق العمل كثيرة، تبدأ من البطالة وقلّة الفرص مروراً بضغوط الهجرة وصولاً إلى هشاشة الاستقرار السياسي، لكنها لا تلغي إمكان النجاح الذي يبدأ من الداخل عبر التزام القيم، الأمانة، الشفافية والانضباط. وأوضح أنّ العالم يتغيّر بسرعة وسوق العمل يفرض متطلبات جديدة بشكل دائم، ما يجعل التعلّم المستمر وتطوير المهارات التكنولوجية واللغوية شرطاً للتميّز. كما شدّد على أهمية العمل بروح الفريق وبناء شبكات مهنية واجتماعية، إذ يفتح ذلك آفاقاً أوسع ويحوّل الإنجاز الفردي إلى نجاح جماعي. وأكد أنّ روح المبادرة والإبداع عنصران لا غنى عنهما، لأنّ الشباب القادرين على التفكير خارج المألوف وطرح مشاريع ريادية هم الأقدر على قيادة التغيير. وخلص إلى أنّ خدمة المجتمع والمشاركة الفاعلة هما التعبير الأسمى عن المواطنة.

بدوره، أكّد الأمين العام للحزب إميل مكرزل أنّ الأوطان لا تُبنى بالفردية بل بالعمل المشترك، وأنّ التكامل بين الفرد والوطن هو أساس الاستقرار. واعتبر أنّ مواجهة التحديات تحتاج إلى قضية جامعة توحّد اللبنانيين وتعزز لديهم روح المسؤولية، وأنّ الأحزاب تمثل الإطار الطبيعي لتحويل الحماس الفردي إلى فعل جماعي مؤثر يحافظ على الوجود الحر. ورأى أنّ الشباب والخريجين هم الفئة الأكثر قدرة على التغيير لما يملكون من طاقات متجددة وأفكار مبتكرة، مشيراً إلى أنّ الالتزام الحزبي يمنحهم خبرات عملية ومهارات قيادية وتنظيمية تساعد في صقل شخصياتهم وتمكينهم من أدوار ريادية في خدمة وطنهم. وختم بالتشديد على أنّ لبنان يحتاج إلى جيل مؤمن بقضاياه، متمسك بقيم العمل الجماعي، وقادر على تحويل التزامه الوطني إلى فعل ملموس يضمن مستقبلاً أفضل.

المحور الثاني: الشركات الناشئة والتحوّل التكنولوجي.

أوضح الوزير كمال شحادة أنّ لبنان يحتاج اليوم إلى بناء "جمهورية رقمية" توازي في أهميتها الجمهورية السياسية السيدة والحرة. واعتبر أنّ هذه الجمهورية الرقمية تقوم على اقتصاد مزدهر يشجع الابتكار ويعزز المبادرة الفردية، ويفعّل القطاعات كافة من الصناعة والتجارة إلى السياحة والبيئة والاستشفاء. وأكد أنّ التحوّل الرقمي يعيد ربط لبنان المقيم بلبنان الانتشار، ويعيد تصميم مؤسسات الدولة لتصبح أكثر شفافية وفاعلية عبر شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص. وشرح أنّ خريطة الطريق التي وضعها مكتبه تشمل خمسة مسارات رئيسية: الأسس التنظيمية والقانونية، تطوير الخدمات الحكومية الرقمية، الاستثمار في تنمية المهارات اللبنانية، تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والجامعات والمجتمع المدني، وتأمين التمويل اللازم للشركات الناشئة. وختم بالتأكيد أنّ لبنان غني بكفاءاته وأنّ الذكاء الاصطناعي سيكون رافعة أساسية لخلق فرص عمل نوعية وتطوير اقتصاد المعرفة.

وفي الإطار نفسه، رأى الإعلامي الاقتصادي موريس متى أنّ التحوّل الرقمي لم يعد خياراً بل ضرورة تحدّد موقع لبنان في المنافسة العالمية. وأكد أنّ التكنولوجيا أصبحت العمود الفقري للاقتصاد والتعليم والصحة، داعياً الشباب إلى الانتقال من الاستهلاك إلى الإنتاج عبر تطوير التطبيقات والحلول المبتكرة. واستشهد بنجاحات لبنانية بارزة مثل Anghami وToters. ورأى أنّ التحديات كبيرة نتيجة ضعف البنية التحتية وتأخر التشريعات وهجرة الكفاءات، لكنه شدّد على أنّ الطاقة الشبابية والانتشار اللبناني حول العالم يوفران فرصاً واسعة، قائلاً: "الفضاء الإلكتروني هو منصّة لبنان لصناعة مستقبله، وإذا حوّلناه إلى ساحة إنتاج وابتكار يمكننا إعادة الدور الريادي لبلدنا بفضل طاقات الشباب".

المحور الثالث: قصص النجاح.

خُصص هذا المحور لعرض تجارب حيّة تشكل مصدر إلهام للشباب. وقد شدّد الإعلامي موريس متى على أنّ قصص النجاح اللبنانية تثبت أنّ التحوّل الرقمي يمكن أن يكون منصّة لإعادة بناء لبنان إذا استُثمر بشكل صحيح. فيما عرض رجل الأعمال إدغار طوق قصة نجاح شركته يوريسكو التي انطلقت عام 2010 كشركة ناشئة صغيرة لتصبح بعد خمسة عشر عاماً مؤسسة رائدة تضم أكثر من 200 موظف دائم وتنتشر في خمس دول. وأوضح أنّ الشركة تحوّلت إلى ركيزة أساسية في مجال الابتكار الرقمي في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنّها تدرب أكثر من ألف خرّيج سنوياً، وتواكب توسعاً سريعاً مع معدل نمو توظيف يبلغ 30% سنوياً. وأكد أنّ الرؤية المستقبلية للشركة تستند إلى الذكاء الاصطناعي، سواء عبر تقديم حلول مبتكرة للعملاء أو تعزيز دورة التطوير الداخلي. ورأى أنّ عوامل النجاح ارتكزت على المثابرة والمرونة والتعاون بين أعضاء الفريق، لافتاً إلى أنّ السنوات الأخيرة في لبنان شكّلت تحديات لوجستية كبيرة استطاعت الشركة تجاوزها بروح العمل الجماعي والإرادة الصلبة.

المحور الرابع: المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والعمل النقابي.

تناول نقيب الصيادلة جو سلّوم هذا المحور عبر مقاربة متكاملة من ثلاثة أبعاد: داخلي يتمثل في الإصلاحات والتشريعات الأساسية وعلى رأسها قانون الوكالة الوطنية للدواء، ووطني يقوم على حماية صحة المواطن وضمان حصوله على الدواء بشكل آمن وفعّال، وإنمائي يهدف إلى تعزيز الصناعة الدوائية والمكاتب العلمية والصيدلة السريرية لإعادة ترسيخ موقع لبنان كـ"صيدلية الشرق". وشدّد على ضرورة مكافحة تسجيل الأدوية المتدنية الجودة ومنع دخولها المناقصات كما حصل في السابق، وعلى مواجهة الصيدليات غير الشرعية وكل ما يهدد سلامة المواطن.

أما الأمين المساعد لشؤون المصالح نبيل أبو جودة فقد توقف عند الأزمة المستمرة منذ أكثر من ست سنوات، لافتاً إلى أنّ هجرة الأدمغة باتت من أخطر التحديات التي تهدد مستقبل لبنان، مع تراجع واضح في المهن الحرة وتأثرها الكبير. ودعا الشباب إلى الانخراط النقابي والحزبي باعتبار أنّ الانتساب إلى النقابات أو الانخراط في حزب القوات يشكل مدخلاً أساسياً للتأثير وصناعة القرار. ورأى أنّ إشراك الشباب في مسيرة النهوض هو الطريق الوحيد لنهضة لبنان وضمان مستقبله.

المحور الخامس: الشباب والاقتصاد المنتج والسياسة الحزبية.

شكّل هذا المحور مساحة لبحث دور الشباب في الاقتصاد المنتج والعمل الحزبي. وقد أشار النائب رازي الحاج إلى أنّ النظرة القديمة التي وضعت الشباب في موقع انتظار المساعدة لم تعد قائمة، إذ أصبحوا القاطرة الفعلية للتغيير والنمو. وأكد أنّ الشباب يشكلون قوة الدفع الاقتصادية الأساسية ليس بفضل سنّهم فحسب، بل بفضل قدراتهم على الابتكار والإبداع. وشدّد على ضرورة الانتقال من ردّة الفعل إلى الفعل، والتركيز على المهن ذات القيمة المضافة التي تحرّك القطاعات الإنتاجية وتعزز القدرة التنافسية.

أما نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي طوني الرامي فسلّط الضوء على أهمية القطاع السياحي كركيزة من ركائز الاقتصاد الوطني، مستعيداً مساهمته الكبرى في الدخل القومي عام 2010 قبل أن يتراجع بفعل الأزمات. واعتبر أنّ السياحة ليست قطاعاً اقتصادياً فحسب بل محرّكاً للشباب ومجالاً لإنتاج الأفكار الجديدة. وأوضح أنّ النقابة بادرت إلى التعاون مع جامعة LAU لتعزيز هذا الدور، مشيراً إلى أنّ القطاع السياحي أثبت صموده وقدرته على إثبات الوجود رغم التحديات. ولفت إلى أنّ لبنان قادر على استعادة موقعه الريادي بفضل تنوّعه وغناه السياحي، داعياً إلى تحديث التشريعات السياحية وتنظيم القطاع، واقترح إنشاء مطار سياحي متخصص يدعم الحركة السياحية ويخلق منافسة على أسعار التذاكر، بما يعزز جاذبية لبنان.

وفي ختام هذا المحور، شدّد رئيس جهاز الشباب والخريجين مارك سعد على أنّ المقولة التي تدعو الشباب إلى الابتعاد عن الأحزاب قد تصحّ على من دمّر مؤسسات الدولة، لكنها لا تنطبق على حزب القوات اللبنانية. وأكد أنّ النشاط السياسي والالتزام الحزبي لا يتعارضان مع التقدم الشخصي والمهني، بل يساهمان في صقل شخصية الفرد ودفعه نحو التطور. وأوضح أنّ التعاون بين جهاز الشباب والخريجين ومصلحة الطلاب يشكل ضمانة لاستمرارية الزخم الشبابي والاندفاع الطلابي في الحزب، داعياً الخريجين إلى المبادرة وطرح أفكارهم وتطويرها في سبيل خدمة لبنان الغد.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: