إنها لعبة الأمم، هذا ما يقوله دائماً رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، عندما يكون هناك صراعات دولية وإقليمية، وعند اشتداد الرياح فما عليك الا أن تنحني لتراقب وتواكب متى تزول العاصفة، عندها يُبنى على الشيء مقتضاه، وهذا ما يحصل اليوم مع الإستحقاق الرئاسي بحيث "يلعبها" سيّد المختارة بدهاء وبدقة متناهية، فهو أكّد المؤكّد بأنه مستمر في دعم ترشيح النائب ميشال معوض، ويتوافق مع القوات اللبنانية والكتائب والأحرار والمستقلين والاستقلاليين والسياديين على هذه المسألة، لكنه في المقلب الآخر يُدرك أن ترشيح النائب معوّض وفي هذه المرحلة قد يكون مناورة سياسية ناجحة من الفريق السيادي لحشر الفريق الآخر، أي ما يُسمى بالممانعة وحيث لم يعلن هذا الفريق حتى الساعة عن مرشحه، وإن كانت ورقة زعيم تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية في جيبه، فلماذا جاءت زيارة جنبلاط الى عين التينة ولقاؤه برئيس المجلس النيابي نبيه برّي؟
هنا تجدر الإشارة إلى الحلف التاريخي بين عين التينة والمختارة، وهذا ما يشير اليه دوماً جنبلاط في كل لقاءاته مع صديقه "أبو مصطفى" ما تقصّد وقاله خلال الزيارة الأخيرة "إن ما يربطنا ببرّي الصداقة والتاريخ".
جنبلاط يعرف أن برّي على بيّنة بكل ما يحيط بالاستحقاق الرئاسي، ولكن ما جرى في هذا اللقاء انما كان عرضاً مسهباً لموضوع الاستحقاق الرئاسي والجلسات التي تحصل وما يواكبها من خفةٍ في التعاطي وترفٍ سياسي، في حين أن البلد يُحتَضر. وعلم موقع " LEB TALKS أن هناك توافقاً على أن تبقى الأمور على ما هي عليه باعتبار أن برّي لطالما يقدّر ظروف جنبلاط وخصوصيته، فهو لا يُغضب المملكة العربية السعودية حيث تربطه بها صداقة قديمة منذ أيام والده الشهيد كمال جنبلاط، وصولاً الى أنه باقٍ على تحالفه مع القوات والكتائب، وإن كانت هناك تباينات في بعض الملفات الا أن ذلك لا يُفسد في الودّ قضية في مواجهة الخصوم، وبالتالي الحفاظ على مصالحة الجبل التي تبقى مقدّسة بالنسبة لسيد المختارة.
في السياق، تقول أوساط الحزب التقدمي الاشتراكي لموقع LEB TALKS” " إن جنبلاط مستمر في ترشيح معوّض وهذا أمر محسوم، وما يُنقل ويُقال بأنه سيغيّر موقفه بعدما يُملي عليه الرئيس نبيه برّي ذلك إنما يأتي في إطار التشويش السياسي ليس إلا، ففي اللقاء معه تناول كل الملفات المحيطة بالبلد وما حصل مؤخراً كان عرض لموضوع الإنتخابات الرئاسية والوضع في البلد والمنطقة ومرحلة ما بعد الرئيس السابق ميشال عون، وصولاً الى ما ساد اللقاء بين الطرفين من مجاملات واستذكار للماضي ولا سيما ما قاله جنبلاط في كلمته في منتدى الطائف إنما يدلّ على أسلوبه وطريقته،وهو لا يستحي بالتاريخ وبكل ما حدث في تلك الحقبة.
شهيب… متمسكون بمعوّض
وعلى خط مواز، يقول عضو اللقاء الديمقراطي النائب أكرم شهيب لموقع LebTalks "إننا كحزب ولقاء ديمقراطي مستمرون في دعم ترشيح النائب ميشال معوّض وهو وليس كما ينقل أنه مرشح تحدٍ بل مرشح سيادي ووطني واستقلالي، ونحن إلى جانبه وسنصوّت وهذا ليس بالجديد"، نافياً أن يكون رئيس المجلس النيابي قال لجنبلاط "يجب أن تدعموا زعيم تيار المردة فرنجية "، فهذا لم يحصل اطلاقاً كما تمّ تسريبه بل أكد جنبلاط من عين التينة على خيار النائب معوّض وبعدها وفي حال بقيت الأمور على ما هي عليه عندها يجب انتخاب رئيس جمهورية توافقي من خارج المحاور ولا يكون مرشح تحدٍ واستفزازي فنحن ومعوّض جنباً الى جنب في اختيار المرشح التوافقي اذا لم نصل الى إجماع حوله، انما حتى الآن الأمور على ما هي عليه والجلسات قد تطول، ونترقب وننتظر ولن نبدّل خياراتنا وقناعاتنا.
وأخيراً ، وحول منتدى الطائف يشدّد النائب شهيب على أهمية العلاقة التاريخية مع المملكة العربية السعودية لأنها كانت الى جانب لبنان في السرّاء والضرّاء، واحتضنت أكبر جالية لبنانية منذ حقبة السبعينات وصولاً الى اليوم وهي التي ساندت لبنان وأعادت اعماره مراراً ولم تتخل عنه على الاطلاق.
أضف الى ذلك يخلص شهيب بالقول إن اتفاق الطائف هو السلم الأهلي والدستور، ومن الطبيعي وليس بجديد علينا أن نتمسك ونحصّن هذا الاتفاق في مواجهة ومجابهة ما يحصل في المنطقة من تحدّيات وتحوّلات ومتغيّرات.
ويبقى أخيراً، أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وكعادته يترقب وينتظر على كوع الاستحقاقات الإقليمية والدولية، ولكنه في هذه المرحلة لا يريد الخلافات والمساجلات مع أي طرف، فموقفه من عهد عون السابق كان واضحاً بأنه عهد فاشل وليس هناك أي تواصل وتنسيق مع التيار الوطني الحر بل ثمة تلاق مع بعض نوابه من أجل تنمية الجبل والحفاظ على المصالحة كالتواصل مع النائب الدكتور فريد البستاني لاعتداله وحضوره الشوفي والوطني، تالياً ان رئيس الحزب الاشتراكي وفي هذه الظروف الاستثنائية لديه هواجسه وقلقه من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وخائف الى درجة كبيرة أن يتدهور الوضع الاقتصادي الى حد مخيف وعلى هذه الخلفية يعمل بكل ما لديه وفق الامكانات المتاحة من أجل تحصين الجبل صحياً واجتماعياً وتربوياً في مرحلة هي الأخطر والأصعب في تاريخ لبنان المعاصر.