بعد متابعة حثيثة من قِبل نقيب مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية المهندس مارون الحلو مع رئاسة مجلس الوزراء ومجلس الإنماء والإعمار وديوان المحاسبة، وافق مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة على المذكرة المُقدّمة من مجلس الإنماء والإعمار بخصوص المشاريع المتعثرة، وذلك بعدما أصبح ما يتقاضاه المتعهد لقاء تنفيذ الأشغال لا يشكل سوى جزءاً يسيراً من الكلفة الواقعية التي يتكبدها.وهذا الإختلال في التوازن المالي للعقد هو نفسه سواء كانت عملة العقد الليرة اللبنانية أو الدولار الأميركي، لأن الإختلال سببه القيمة الفعلية لما يجري تسديده للمتعهد مقارنة مع الكلفة التي يتكبدها، لاسيما وان العقود الموقعة بالدولار الأميركي تسدد بالليرة اللبنانية على أساس سعر صرف غير واقعي هو/1705/ل.ل.
وممّا جاء في المذكرة، إن "استكمال تنفيذ المشاريع موضوع هذه العقود يتطلب أولاً تعديل أسعارها لإعادة التوازن المالي اليها، وثانياً تأمين الإعتمادات الإضافية اللازمة للإستكمال، وبما أن هذه المشاريع لم تدخل حيز التشغيل بعد، وبالتالي فإن إنهاءها بحالتها الراهنة لن يكون له تأثير على الواقع الحالي للخدمة في القطاع المعني بكل مشروع،وفي ضوءصعوبة تأمين الاعتمادات اللازمة لإستكمال هذه المشاريع لا سيما وأن موازنة 2022 لم تلحظ أي اعتمادات تذكر للإستثمارات العامة،لذلك، فإن الاقتراح الواقعي هو المبادرة الى إنهاء هذه الفئة من العقود بحالتها الراهنة وإستلام الأشغال المنفذة، على أن يصار الى تلزيم إستكمالها، من جديد عند توفر الاعتمادات اللازمة . وينطبق ذلك بطبيعة الحال على عقود المكاتب الإستشارية المكلفة بالاشراف على تنفيذ الأشغال.مع ضرورة أن لا يشمل اقتراح إنهاء العقود التي قد يسبب إنهاؤها بحالتها الراهنة تداعيات على السلامة العامة. إن هذه الفئة من العقود يجب أن تستكمل فيها بعض الأعمال الضروية لتأمين متطلبات السلامة العامة قبل إنهائها.وفي هذا السياق، تنبغي الإشارة الى إشكالية استرداد بعض السلفات المعطاة وفقاً للعقود والتي لم تسترد كلياً أو جزئياً بعد. ففي هذه الحالة، وعند إنهاء العقد سيسترد مبلغ السلفة (أو قسم منه) دون الأخذ بالاعتبار لكون القيمة الفعلية للمبلغ المسترد هي أدنى من القيمة الفعلية لنفس المبلغ عند إعطاء السلفة، وذلك نظراً لإنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية."
وأشارت المذكرة إلى استمرار العمل في معظم عقود التشغيل والصيانة، بالرغم من اختلال توازنها المالي هي أيضاً ، كون ايقاف العمل بها كان سيسبب تداعيات على المنشآت نفسها وعلى الخدمة العامة التي تؤديها.في ما يخص مجلس الإنماء والإعمار، يتعلق الأمر بعقود في غاية الأهمية كلف المجلس بها من قبل مجلس الوزراء .- عقد تشغيل وصيانة مطار الرئيس رفيق الحريري- عقد تشغيل وصيانة المدينة الجامعية في الحدث- عقد تشغيل وصيانة المدينة الجامعية في طرابلس- عقد تشغيل وصيانة المبنى المركزي لوزارة التربية والتعليم العالي.- بعض عقود تشغيل وصيانة محطات التكرير/ الضخ للصرف الصحي.- بعض عقود ادارة النفايات الصلبة (الجمع، الكنس، الفرز والمعالجة، الطمر الصحي)
وكون الشركات الملتزمة لعقود التشغيل والصيانة قد استمرت بأداء مهامها رغم اختلال التوازن المالي للعقود، فأن الإنصاف يقضي بتعديل أسعار هذه العقود من الآن وصاعداً فحسب بل اعتباراً من تاريخ سابق قد يكون بداية شهر نيسان 2020 مثلاً.وللأخذ بعين الاعتبار لهذا التعديل، نقترح وضع معادلة تحاكي تغيّر الحد الأدنى للأجور مع تغيّر سعر صرف الدولار.أما بالنسبة للإنعكاس المالي على عقود التشغيل والصيانة القائمة لمدة حوالي 3 سنوات، اعتباراً من نيسان 2020 وحتى نهاية 2022، فأنه يتطلب تأمين اعتمادات إضافية، وذلك بعد احتساب المستحقات بدقة وفقاً لمعطيات كل من العقود وبالإستناد الى معادلة تعديل الأسعار المقترحة، في حال موافقة مجلس الوزراء على اعتمادها.كما أن المبالغ المطلوبة لتشغيل وصيانة مشاريع الصرف الصحي هي نفسها المطلوبة في كتاب وزارة الطاقة والمياه الموجّه إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مع الإشارة الى أن المبلغ المطلوب من وزارة الطاقة والمياه أي 288 مليار ل.ل. ، يغطي التقديرات البالغة حوالي 250 مليار ل.ل.، بالاضافة إلى متأخرات اعتباراً من العام 2018.كذلك فإن تطبيق معادلة تعديل الأسعار على عقود إدارة النفايات الصلبة لا يتطلب تأمين مصدر للإعتمادات الإضافية كون هذه العقود مموّلة من الصندوق البلدي المستقل."أمّا بالنسبة للعقود المموّلة كلياً أو جزئياً من مصادر خارجية، فقد ورد في المذكرة، أن "الإختلال الذي أصاب التوازن المالي للعقود المموّلة محلياً لايعني أن العقود المموّلة من مصادر خارجية (قروض أو هبات) كلياً أو جزئياً لا تعاني من مشكلات تعترض استكمالها، ولو أن حجم هذه المشكلات ليس بنفس الأهمية."وبالنسبة لمشكلة توفر السيولة للمتعهدين، فإن بعض الشركات المنفذة وخاصة في مجال التشغيل والصيانة، مثل الشركات التي تنفذ عقود ادارة النفايات الصلبة تواجهها مشكلة من نوع خاص تتعلق بقدرتها على تأمين السيولة لتسديد رواتب وأجور العاملين لديها وهذه المشكلة المستجدة لا علاقة لها بتسديد مستحقات هذه الشركات من قبل مجلس الإنماء والإعمار وإنما ترتبط بالقيود التي تفرضها المصارف على تزويد العملاء بالسيولة. إن هذه القيود المصرفية تدفع بعض الشركات الى تسييل مستحقاتها في السوق الموازية ولوكان ثمن ذلك خسارة نسبة هامة من قيمة هذه المستحقات.إن هذه المشكلة طرحت في أكثر من إجتماع بين وزارة البيئة ووزارة المالية ومجلس الإنماء والإعمار، وقرر المجلس الموافقة على الإقتراحات المرفوعة من قبل مجلس الإنماء والإعمار وتعميم تطبيقها على الإدارات والمؤسسات العامة كافة والبلديات واتحاد البلديات بعد عرض المشاريع ذات الصلة على ديوان المحاسبة، وعلى أن يُصار الى نقل الإعتمادات اللازمة تباعاً من قبل مجلس الوزراء بناء على إقتراح وزارة المالية والوزارة أو المؤسسة المعنية.