في حديث حصري لموقع lebtalks، أعرب الكاتب والمحلّل الجيو سياسي جورج أبو صعب عن توفّر معطيات غير مطمئنة بشأن الوضع الداخلي في لبنان على المدى المنظور، خصوصاً في ظل تصاعد تورّط حزب الله المتلطّي وراء حماس والقسّام والحزب القومي السوري، وسواها من "خليط ميليشياوي" أطاح بأهم وأخطر ما في الطائف كبند إلغاء الميليشيات، إذ إنها عادت وبحجة تحرير القدس ونصرة غزة لتستبيح السيادة اللبنانية استباحةً كاملةً بعدما تم ضرب قاعدة أخرى لا تقل أهمية عن إلغاء الميليشيات ألا وهي استعادة الدولة اللبنانية لسيادتها على كامل التراب الوطني.
ما يحصل اليوم، أكثر من أي يوم مضى، ضربٌ لجوهر الطائف وعودة دراماتيكية الى الوراء خصوصاً بعدما كان اللبنانيون قد اتفقوا في العام ٢٠٠٥ على "لبنان أولا" وها نحن اليوم أمام القدس أولاً وغزة أولاً وعلى طريق القدس، وسواها من شعارات ضربت كلياً حزام أمان لبنان السيادي الداخلي وأعادت هذا البلد الى أجواء الحرب المرفوضة .
ورداً على سؤال، حمّل أبو صعب حزب الله مسؤولية خرق السيادة اللبنانية والسماح للآخرين من فصائل لبنانية وفلسطينية بخرقها في الجنوب، متسائلاً عن سبب غياب اليونيفيل والجيش اللبناني عن الساحة الجنوبية، وعن غياب تطبيق القرار ١٧٠١ الذي بات "خرقة " بالية لا مَن ينفّذه ولا مَن يطالب بذلك،
متسائلاً "منذ متى وهناك القسّام-فرع لبنان وحماس - فرع لبنان، في وقت اعترفت فيه الدولة اللبنانية بالسلطة الفلسطينية كممثلة شرعية وحيدة للشعب الفلسطيني، وماذا يمنع والحال هذه من أن تأتينا فصائل فلسطينية وغير فلسطينية أخرى غداّ مدّعيةً مقاومة إسرائيل ونصرة غزة و"تفتح" على حسابها في لبنان ؟
وإذ رأى أبو صعب أن ظروف العودة لحرب داخلية شبيهة بظروف ١٩٧٥ ترتسم مجدّداً وأن تعاظم دور الميليشيات والسلاح على الساحة الداخلية سيؤدي الى ازدياد الخوف لدى الفئات اللبنانية الأخرى، ما قد يؤدي لا سمح الله الى تسليح مقابل، وبالتالي خلق أجواء انطلاق شرارة صِدام داخلي دموي عند أول شرارة كما حصل في نيسان ١٩٧٥ مع بوسطة عين الرمانة.
وإعتبر أبو صعب أن المنطقة ذاهبة نحو المزيد من التحديات والتوترات التي لطالما حذّر منها في مقالاته السابقة بمناسبة قراءته الجيو سياسية لتسلسل وترابط الأحداث من أوكرانيا الى تايوان، مروراً بإيران والشرق الأوسط وأفريقيا، وبالتالي لبنان كما سوريا ووالأردن ومصر في مهب رياح الحرب العاتية والحالة والتي ستطيح بكافة المعادلات والحسابات والخرائط الجيو سياسية في الشرق الأوسط، داعياً في معرض رده على سؤال الى "انتقال القوى السيادية من مرحلة العمل على انتخاب رئيس للجمهورية الى مرحلة العمل على الحفاظ أولاً على الجمهورية أو ما تبقى منها، وإزاء العجز عن التأثير في سير الأحداث التي تحصل في الإقليم لا بدّ من العودة الى الأولويات الداخلية الأمنية للمناطق السيادية بالتنسيق مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية وفي ظلها لمنع تكرار أية مظاهر اعتداء أو استباحة لتلك المناطق تحت أي شعار وأي ظرف أو سبب، محذّراً من اضطرار المناطق السيادية الى العودة للأمن الذاتي في حال تقاعس القوى الأمنية عن القيام بدورها في حفظ أمن اللبنانيين وسلامتهم في تلك المناطق، مقترحاً أن تشكّل الأحزاب والقوى والشخصيات السيادية جبهة وطنية شبيهة بالجبهة اللبنانية سابقاً وإنما موسّعة تضم كل القوى والشخصيات السيادية من مختلف المناطق والطوائف لمواجهة الطوفان الجارف على لبنان، والذي يتهدّد جدياً هذه المرة الوجود والكيان اللبناني ومستقبل لبنان دولةً وشعباً وسلطةً شرعيةً.
وختم أبو صعب حديثه بالإشارة الى أن "طريق القدس وغزة" لا تمر بعوكر ولا رميش ولا عين إبل ولا أي بلدة أو قرية أو مدينة لبنانية في الجنوب،
فالوضع أخطر مما يمكن تصوّره في المنطقة، وعلى لبنان عدم إضاعة الوقت في الصغائر والمناكفات.