جورج أبو صعب يكشف حقيقة خفايا مؤامرة حرب غزة الجيو سياسية

georges-abou-saab

في حديث شامل وخاص وحصري لموقع LebTalks، كشفَ الكاتب والمحلّل الجيو سياسي جورج أبو صعب النقاب عن حقائق ما خُطّط للمنطقة والقضية الفلسطينية، وعن الدور التخادمي بين واشنطن وتل أبيب وطهران، وعن خفايا ما حصل في ٧ تشرين الأول، معتبراً أن ما يحصل اليوم من حرب حِيْكَ منذ زمن بعيد بهدف إنشاء ولاية إسلامية في سيناء وزعزعة أمن الدول العربية واستقرارها وأولها مصر .

أرض النقب مقابل أرض سيناء

أبو صعب أشار الى أن هدف إسرائيل ليس ألفين أو عشرة الآف أو مئتي ألف فلسطيني في غزة، بل الهدف أكبر واستراتيجي وهو إخراج مليونين ومئتي ألف فلسطيني من غزة.
هذا هو الهدف الاستراتيجي غير المعلَن والمتلطّي حالياً وراء عملية الانتقام من ٧ تشرين الأول لدى تل أبيب،
فالإخوان المسلمين في فلسطين ومصر وكل مكان كانوا يدعمون مخطط الزحف الى سيناء من ضمن مخطط قديم هادف لإسقاط مصر منذ العام ٢٠٠٤ يُعمل به، هذا المخطط رافقته إغراءات ضخمة لمصر ليس أقلها آسقاط ديونها وإعطاء أرض في صحراء النقب مقابل الأرض في سيناء التي تُعطى للفلسطينيين، فضلاً عن المساهمة الدولية في تأهيل البنى التحتية للنازحين الجدد الى سيناء، وحفر نفق يربط أفريقيا بآسيا من مصر الى الأردن تحت الأراضي الإسرائيلية، علماً أنه حصل اتفاق بين الرئيس المصري السابق محمد مرسي وإسرائيل على استقبال فلسطينيي غزة في سيناء لإسقاط الرئيس الراحل حسني مبارك بترتيب مدروس حيث عُرضت عليه فكرة التهجير الفلسطيني الى سيناء لكنه رفضه آنذاك، فما كان من الأميركيين والأخوان المسلمين وإيران إلا أن قرّروا الإطاحة به.

فلسطين و ” نكشة المسواك”

وتابع أبو صعب: “المعروف أن الإخوان المسلمين لا يدينون بالولاء لأوطان، ونذكّر هنا بمواقف القيادي في حركة حماس محمود الزهار الذي سُرّب عنه فيديو يعتبرفيه أن فلسطين هي بمثابة “نكشة مسواك ” ويستهزء بفلسطين ويُفصح عن أن هدفهم أبعد بكثير من فلسطين غير الظاهرة على الخريطة على حدّ قوله في ذاك الفيديو المسرَّب.

مشروع إعلان ” ولاية سيناء الإسلامية”

أحد قادة الإخوان وهو مصري، لم يتوانَ على إحدى شاشات التلفزة العربية الشهيرة عن سبّ وشتم وتحقير بلاده مصر، والسبب معروف فمشروع الأخوان أوسع وأكبر وأخطر وهو تجمّعُ الفصائل في سيناء ثم يتم تسليح تلك الفصائل لتحظى باستقلالية واعتراف من أميركا وإسرائيل وأوروبا بالاستقرار كشبه دولة منفصلة، وبذلك تُعلَن ولاية سيناء.
وأردف أبو صعب أن مَن أوعز لحماس القيام بعملية ٧ تشرين الأول، ومَن رتّبَ أن تقوم باختراق حواجز سلكية وجدار وكاميرات مراقبة وأقمار صناعية ومخابرات في ظل غياب تام لأي تصدٍّ إسرائيلي طوال ست ساعات، هي الجهة نفسها الضالعة في تنفيذ المخطط التآمري هذا بنوع من “كونسورتيوم” أميركي- إسرائيلي- إخواني- إيراني.

إيران تعرف ” قيمتها” ولبنان لا يهمها

إيران في محطات عدة لعبت مثل هذه اللعبة، والصراع اليوم في غزة بين أميركا وإيران عنوانه “المكاسب”،
فأميركا ليست في وارد حتى الآن أن تفقد إيران لقوة التهديد ما يُحدث إرباكاً يُفقدها كل أوراقها في المنطقة،
لذلك يتابع أبو صعب فإن إيران تعرف “قيمتها” لدى الأميركيين في لعبة الشطرنج الإقليمي في مقابل أن تُعطى مكاسب وأخذ ما تريد.
طهران تريد الاحتفاظ بنفوذها في العراق وفي سوريا واليمن وهي مستعدة في مقابل ذلك أن تضحي بحماس، وفي مرحلة لاحقة بحزب الله، لأن حماس وحزب الله يخادمان إيران في مناطق لا تهمها كثيراً، إذ إن لبنان لا يهم طهران كثيراً قياساً بسوريا واليمن والعراق.

واشنطن وذريعة الدفاع عن النفس

وتابع أبو صعب قائلاً إنه، بعد أحداث ١١ أيلول، أعطت واشنطن لنفسها ذريعة الدفاع عن النفس ومحاربة الإرهاب فقامت بتوزيع دول على دول في المنطقة، بحيث أعطت العراق لإيران، وأعطت شريطاً حدودياً يمتد حوالي ٥٠٠ كلم لتركيا شمال سوريا، حتى أن العراق دخل ضمن معادلة تقاسم المكاسب،
لذلك فإن نفس التجربة حالياً تجري في سيناء لتصبح ولاية إسلامية، وكل فصيل من الفصائل الفلسطينية خاضع لإيران، وحماس لا تمثل لوحدها الفصائل ومصالح إيران، علماً أن جزءاً من حماس حالياً على خلاف مع جزء آخر، وثمة خلافات أجنحة داخل حماس بين مَن يخضعون للجناح السياسي الذي يتلّقى المساعدات والتمويل وبين الفصائل المقاتلة.

إعادة تقاسم النفوذ الإقليمي

اذا اختفت حماس، يتابع أبو صعب، سيكون هناك ثمة بديل لها بإسم آخر، وهذا تماماً ما حصل في ١١ أيلول ويحصل وسيحصل في سيناء انطلاقاً من فكرة حق الدفاع عن النفس لأميركا إثر هذه الأحداث، والذي شكّل مطية واضحة لتقاسم مناطق النفوذ من أفغانستان الى العراق الى سوريا، وحق الدفاع عن النفس لإسرائيل انطلاقاً من أحداث ٧ تشرين الأول والذي يشكّل أيضاً مطية لإسرائيل وأميركا وإيران لإعادة تقاسم نفوذ إقليمي يلقى فيه كل طرف حصته من المكاسب .

توزيع الحصص بين أميركا وإيران وإسرائيل

ورداً على سؤال، تابع أبو صعب قراءته للمخطط بأنه، وبذريعة عجز مصر عن حماية قناة السويس بفعل التوطين الفلسطيني المسلّح، تهبّ الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بحجة محاربة المجموعات في سيناء، فتقسّم الحصص بين أميركا وإيران وإسرائيل الى أن يتم ضرب نظام الملالي في طهران بعد الانتهاء من مهمته ودوره المطلوب منها من الغرب.
وهنا، يتابع أبو صعب، فإن الخطأ الجيو سياسي الفظيع الذي وقعت فيه حماس في ٧ تشرين الأول هو أنها فتحت الباب أمام تقديم سيناء على طبق من ذهب للمخططين الكبار وتدمير القضية الفلسطينية من غزة، فضلاً عن تدميرها حل الدولتين.

” دود الخلّ” منه وفيه

واستطرد أبو صعب بأنه طالما توفّرت النية الصادقة بإعطاء قطعة من النقب لمصر مقابل تنازل الأخيرة عن قطعة من سيناء فلماذا لم تعطَ قطعة من النقب للفلسطينيين مباشرة ؟
“دود الخل” اذاً من الفلسطينين وفيهم، ومن حماس و الفلسطينيين أولاً لخدمة قسم منهم أجندة إيران المتخادمة بدورها مع أميركا وإسرائيل والغرب لتنفيذ المخطط التاريخي بإلحاق فلسطينيي غزة بمصر لإنشاء دولة سيناء الإسلامية أو ولاية سيناء، تمهيداً لضرب استقرار مصر ودول المنطقة وإسقاطها .

التطبيع عائد ولو بعد حين

وختم أبو صعب حديثه بالتحذير من تجييش العاطفة الدينية الجامحة عند بعض الشارع العربي والمسلم تحديداً بغية استحضار نهج “الربيع العربي” مجدّداً بدءاً من شيطنة الحكام وتهييج عواطف الشعوب ضد الحكام المطبّعين أو السائرين نحو التطبيع، مؤكداً أن التطبيع السعودي- الإسرائيلي عائد ولو بعد حين، وأن دولة الإمارات ليست في وارد إلغاء التطبيع وكذلك البحرين .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: