حاصباني و" الضيعة البيروتية "

IMG-20220401-WA0000

من لا يعرف حقيقة البنية المجتمعية لبيروت عن قرب بما فيها الدائرة الاولى بين الاشرفية والصيفي والرميل يخالها مدينة افراد مجهولين ومتباعدين، فيما بيروت المتمدنة هي "ضيعة" بأهلها وعاداتهم وتفاعلهم في ما بينهم ومعاناتهم المشتركة وقصصهم وذكرياتهم.

بيروت الحضارة والعراقة والثقافة والحياة بالنسبة لإبنها المرشّح عن المقعد الارثوذكسي والآتي من خبرة محلية كنائب رئيس مجلس الوزراء ووزير للصحة غسان حاصباني وكذلك من نجاحات دولية في الاستشارات والاستراتيجية ورسم السياسات، هي أيضاً بنظره ضيعة باحيائها واهلها وروابط المحبة والالفة والجيرة و"ولاد الحي".

هذه المقاربة المجتمعية يتلمّسها عن كسب من يراقب جولات حاصباني المتوالية في مناطق الدائرة انطلاقاً من الرميل، حيث ابصر النور وترعرع وعاش كأطفال جيله مآسي الحرب والملاجئ ، ودرس في مدارسها ونشط في الحياة الكشفية وفي كنائسها وتنقّل في احيائها فتى على دراجة هوائية يكوّن ذاكرته ويرسم صورها في وجدانه.

في الامس كانت الجولة في الاشرفية من ساحة ساسين، حيث حضرة البشير وهامة دولة برئيس الـ21 يوماً وعنفوان قائد كالارز. من هناك إنطلق حاصباني في الشوارع والازقة يشارك اهله همومهم ويُشرِكهم في رؤيته لموقع بيروت ودورها. درداشات مع هذا وذاك، عودة الى الطفولة حيث الاستوديو الذي كان يصطحبه والده طفلاً لالتقاط الصور، مروراً ببائع الصوف و"الاوبيسون" حيث كانت والدته تتردد.

مجمّع " اوفلان" في الجامعة اليسوعية احد المعالم التربوية والثقافية في العاصمة، كان محطة في الجولة من الباب الرياضي، حيث حضر حاصباني دورة في كرة السلة موزعاً الميداليات على الفائزين، بدعوة من هيئتها التربوية وبترحيب من العميد والادارة. إلا ان بعضهم سعى الى تشويه ذلك ورمي الشائعات لغاية انتخابية وكان الاجدى بهم مراجعة الادارة.

وجع الناس لا يحتاج الى جولة لتلمّسه، لكن الناس يحتاجون لمن يصارحهم ويعرض لهم رؤية للحل، ولا يكتفي بتوصيف الواقع وتعداد المشاكل والخطابات الشعبوبة ودغدغة الغرائز. هكذا كانت احاديث حاصباني معهم، وهو لا يخافهم كما بعض السياسيين بل يخاف عليهم.

لذا حين ندهته ربّة منزل لا يعرفها من شرفتها في الطبقة الرابعة وهي تصرخ "كيف بدنا نكفي وفاتورة المولد اجيت اليوم وقيمتها مليوني ليرة"، إستأذنها زائراً وكانت جلسة خيّمت عليها الصراحة بعيداً عن "الكليشيهات"، وكان تأكيد ان الاشرفية التي لم تسقط في حرب المئة يوم ولم تستسلم في زمن الوصاية، لن يركع اهلها اليوم ويستسلمون، وتشديد على ان هذا الموقف المبدئي لا ينفي الواقع المرير، ولا يؤمّن الكهرباء والماء والغذاء والدواء بشكل فوري، ولكنه الباب لحل جذري للواقع اولى خطواته السيادة وبناء دولة القانون والمؤسسات التي ترعى ابناءها من دون اي تمييز.

من رصد حاصباني في احياء الاشرفية تلمّس في اعماقه شعور ابن الضيعة، بين اهله والجيران واللهفة والمحبة، وشعر بالروح التي يسعى وفق شعاره " لنرّد الروح لبيروت" الى عودتها والى عودة الثقة لاهلها، بعد أن خطف انفجار 4 آب ما كان تبقى فيها من روح، بعد الانهيار المباشر المستدام منذ العام 2019.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: