حاكمية مصرف لبنان بين بري ونصرالله

WhatsApp-Image-2023-07-27-at-2.43.07-PM

من دون التقليل من أهمية الموقف المسيحي من تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، لا بد أيضا من السؤال عن موقف الثنائي الشيعي من الموضوع نفسه؟
لو جرى الاكتفاء بالرفض المسيحي الذي أدى الى تطيير جلسة الحكومة التي كانت مخصصة لبت مصير منصب حاكم “المركزي” ، لكان الامر محصورا بنصف القصة. أما النصف الاخر ، وهو ما يجب شرحه الان فله حيثياته أدت الى ما أدت اليه يوم الخميس في 27 تموز .
تقول أوساط نيابية قريبة من الرئيس بري، انه عندما اتفق مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي قبل يوميّن من الجلسة الحكومية التي لم تنعقد، كانت لديه الأسباب التي كانت كافية لإقناع الرئيس ميقاتي. وبدا من هذه الأسباب ان الرجليّن كانا لديهما المعطيات نفسها حيال مصير مصرف لبنان بعد انتهاء ولاية حاكمه رياض سلامة. ومن بين هذه الأسباب، ان هناك تشجيعا غربيا لكي يتم تعيين بديل لسلامة يتمتع بالكفاءة التي تجعل الانتقال سلسا من سلامه الى خلفه. وفي هذا السياق، ذكرت أوساط إعلامية ان الولايات المتحدة تعتبر منصبيّ حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش ، يجب الا يشغرا، بل يجب التعيين فيهما او التمديد عند الحاجة.
ربما هناك من يجادل في هذه الأسباب انطلاقا من معطياته. لكن، وبعد انتهاء محاولة تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وإعلان سلامه في اطلالته التلفزيونية الأخيرة انه سيغادر منصبه في نهاية تموز ، صار لزاما الحديث عن جانب آخر من هذا الموضوع.
عندما سارع بري يوم الثلاثاء الماضي الى التأكيد ان جلسة للحكومة ستعقد بعد يوميّن ، أوحى ان هناك معطيات يملكها رئيس البرلمان جعلته واثقا من انعقاد الجلسة. وما زاد موقف بري جدية، انه لم ينتظر موقف رئيس الحكومة ليقوم بالإعلان بنفسه عن جلسة تعيين حاكم “المركزي”. ووفق ما تردد يومذاك، ان بري كان واثقا من ان حليفه “حزب الله” موافق على عقد هذه الجلسة، ما يسهل توفير النصاب لها. غير ان هذا التكهن لم يستمر طويلا. فقد سارعت أوساط “الحزب” الى ابلاغ المعنيين ،ان ما قاله سابقا الأمين العام حسن نصرالله ما زال ساريا. وكانت هذه الأوساط تشير الى ان نصرالله سبق وقال ان منصب حاكم “المركزي” إذا شغر، فيمكن معالجته بتطبيق قانون النقد والتسليف. وبموجب هذا القانون يتولى النائب الأول للحاكم وسيم منصوري مهمات سلامة.
هذا التناقض بين بري ونصرالله في موضوع حاكمية مصرف لبنان، سلط الأضواء على العلاقات بين الجانبيّن على مستويات عدة بينها “المركزي”. وتعيد شخصية سياسية قريبة من الثنائي الى الاذهان واقعة منصب المدير العام للامن العام عندما اقترب موعد الشغور فيه عند نهاية ولاية اللواء عباس إبراهيم. وأشارت الى ان “الحزب” كان ميالا للتمديد للأخير. لكن الرئيس بري لم يكن منسجما مع رغبة نصرالله، ما أدى ووفقا للقانون الى ان يصبح العميد الياس البيسري خلفا لابراهيم.
قيل الكثير ولا يزال عن الأسباب التي أدت الى عدم التمديد للواء إبراهيم. كما سيقال الكثير عن عدم تعيين حاكم جديد ل”المركزي”. وفي موازاة القيل والقال، هناك من يشير الى مستوى التنسيق بين ابرز شخصيتيّن في الطائفة الشيعية ، أي بري ونصرالله. وفي أوساط الثنائي تأكيد على ان العلاقة بين الزعيميّن الشيعيين مستقرة على صعيد الأهداف الكبرى وفي مقدمتها الحفاظ على دور المقاومة التي يمثلها “حزب الله”. لكن ما دون هذه الأهداف، فهناك تنسيق بين الجانبيّن على مستوى المساعدين. وتلفت هذه الأوساط الى ان أي لقاء يعقده مباشرة رئيس حركة “أمل” والأمين العام ل”حزب الله” يكون من اجل التأكيد على وحدة الموقف حيال امر ما. وفي البحث عن آخر لقاء بين بري ونصرالله يتبيّن انه تم في آذار الماضي.
ما يستفاد مما سبق، ان بري كان خارج التنسيق مع نصرالله في موضوع حاكمية مصرف لبنان. وفي الوقت نفسه كان نصرالله داخل التنسيق مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل في الموضوع نفسه. والخلاصة ، ان بري خسر الرهان في مصرف لبنان مثلما خسر نصرالله الرهان في الامن العام. وهناك لا يزال الكثير من الرهانات التي يمكن توقعها. لكن من الأفضل من الان فصاعدا، تفحص كل رهان من زاوية التنسيق بين زعيميّ الثنائي.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: