حرب اوكرانيا : بوتين تراجع عسكريا ربح اقتصاديا خسر سياسيا

Capture

نجحت المقاومة الاوكرانية من جيش وشعب في حمل الرئيس فلاديمير بوتين على اعادة النظر في خططه العسكرية الاساسية التي كانت تهدف الى احتلال العاصمة كييف لقلب النظام بخلع الرئيس فولوديمير زلنسكي وحكومته وتنصيب حكومة موالية لموسكو فضلا عن تطويع اوكرانيا لصالح سياسات الكرملين فانسحبت القوات الروسية من ضواحي العاصمة والشمال الغربي وحشدت الويتها في الشرق والجنوب للتركيز على منطقة الدونباس وماريوبول وصولا الى اوديسا على البحر الاسود .
هذا التراجع العسكري جاء غداة ازدياد الضغط الاوكراني الميداني ضد الروس دون ان تكون للعقوبات الغربية تأثيرات حاسمة الى الان رغم شدتها لان الرئيس بوتين ومنذ العام ٢٠١٤ جهز نفسه واجهزة الدولة لمواجهة هذا النوع من الحصار الاقتصادي الغربي .
الغرب امام معضلة مزدوجة : عدم القدرة على التورط المباشر في الحرب كي لا تندلع الحرب العالمية الثالثة وعدم القدرة على اتخاذ القرار الجماعي الموحد بالتألم الجماعي من خلال فرض مقاطعة شاملة وواحدة وموحدة للغاز الروسي والنفط والفحم ووقف الاستيراد الشامل .
بالامس اعلنت هنغاريا استعدادها لتسديد ثمن استيرادها الغاز بالروبل استجابة لشرط بوتين
وبالامس قالت برلين بانه من المستحيل الاستغناء الفوري عن استيراد الطاقة من روسيا ولا سيما الغاز .
خطر ظهور تشققات لا بل انقسامات داخل المعسكر الاوروبي في الايام والاسابيع القليلة يسيطر على حكومات الاتحاد ولاسيما في باريس رئيسة الدورة الحالية للاتحاد وبروكسل عاصمته .
وبالتالي والى الان وبحسب المعطيات تراجع الرئيس بوتين عسكريا في اوكرانيا لم يواكبه تقدم الغرب وبخاصة الاتحاد الاوروبي في الضغط على موسكو .
مؤخرا وقعت الهند على اتفاق مع روسيا لشراء كل النفط الذي يقاطعه الاوروبيون كما ان الرئيس بوتين سيد منذ عامين امدادات غاز للصين المتعطشة جدا للطاقة .
انطلاقا من هذه المعطيات اوروبا امام ٣ خيارات تجاه الرئيس بوتين : اما الاقرار بعجزها عن التأثير على قراراته المتعلقة بحربه على اوكرانيا والاكتفاء بدعم اوكرانيا بالمال والسلاح – واما المحافظة على وحدة الدول ال٢٧ في الاتحاد التي كانت حتى الان ناجحة بغض النظر عن الفعالية الامر الذي كما ذكرنا اعلاه دونه عقبات بدأت ترتسم بحكم تقدير كل بلد لقدرته على الاستغناء عن الطاقة الروسية بما يهدد بتفسخ الوحدة المحققة الى الان واما الانتقال الى نمط مواجهة مباشرة اي الدخول في نزاع عسكري مع روسيا ما يعني الحرب العالمية الثالثة وهو الامر المستبعد كليا .
لذا يبقى امام الاوروبيين امل وحيد الا وهو في توسيع مجال العقوبات ليطال حوالي ٦٠٠٠ من رجال اعمال واموال او ما يعرفون بالاوليغاركية الروسية القريبين من الكرملين بعدما بلغ عدد الذين طالتهم العقوبات الى الان حوالي ٧٠٠ شخص .
ربما بشمول كل الرأسماليين الاوليغاركيين بالعقوبات المشددة يكمن التأثير الانجع الذي يستطيع تغيير رأي الرئيس الروسي وتليين مواقفه لحمله على وقف الحرب .
لكن علينا ان لا نتوهم بالكثير في هذا المجال لان لعبة المصالح الدولية ومنها المصالح الاميركية قادرة في اي وقت على تغيير مسارات الحرب وخلط الاوراق والحسابات في اتجاهات غير متوقعة وغير محسوبة .
الثابتة الاكيدة سياسيا الى الان ان علاقات روسيا بوتين مع الغرب لم تعد بعد حرب اوكرانيا كما كانت قبلها والرئيس بوتين يدرك ان رغم انتصاراته الاقتصادية الا انه خسر سياسيا على الساحة الدولية وان الكثير الكثير من الجهود ستتطلبها اعادة اصلاح ما تحطم بينه وبين الغربيين الامر الذي سيندرج في سياق تحديد معالم نظام عالمي جديد متجافي منقطع التواصل بين شرق وغرب لن تعود بينهما اللحمة التي كانت ابان سقوط الاتحاد السوفياتي وحائط برلين .

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: