في إنتظار الاستشارات النيابية الملزمة التي تنتهي يوم الخميس، لتليها اساليب التناحر في اليوم التالي، واسطوانة الخلافات على الحصص مع كل ازمة حكومية، تبدأ بالاتفاق على الرئيس المكلف ومن ثم على التأليف فلا تنتهي الازمة إلا بعد اشهر، لكن هذه المرة لا يوجد ترف الوقت، لانّ الاستحقاق الرئاسي على الابواب، والمطلوب تشكيلة حكومية بأسرع وقت ممكن.وسط هذه الأجواء الضبابية تبدو العراقيل كبيرة، وبات كل شيء مصحوباً بالصراعات، بين قادة الكتل السياسية حول شكل الحكومة المرتقبة، وإن كان بعض كبار المسؤولين يفضّلون بقاء حكومة تصريف الاعمال لمصالح خاصة بهم، فيما آخرون يدعون الى تشكيل حكومة من الحياديّين، تضمّ أصحاب الكفاءات والنزاهة البعيدين كل البعد عن المحاصصة، بهدف إعادة تحريك عجلة الانتاج والنهوض بالاقتصاد المتهاوي.هذه الدعوة لاقت إستحساناً لدى بعض السياسيين، لأنها الحل الأفضل للأزمة، خصوصًا أنّ لبنان يحوي العديد من الشخصيات المفكّرة والاقتصادية القادرة على إعطاء الحلول لكل الملفات المتعثرة، فلماذا نعيد الاشخاص الذين لم يعطوا أي حلول للاوضاع السياسية والاقتصادية المتردية؟ وبالتالي فلماذا لا نعيد تجربة حكومة الاختصاصيّين التي عايشها لبنان في فترات سابقة وكانت ناجحة؟ والأهم من كل هذا أن تحمل هذه الحكومة عنوان: " الرجل المناسب في المكان المناسب"، مع غياب مطلق لأي تبعية، كي تستحق لقب "حكومة اختصاصيّين تنقذ لبنان"، أي حكومة تضم حياديّين عن الأحزاب، وليس كما الحكومة الاخيرة التي ضمّت أسماء مقرّبة من احزاب مسيطرة على قراراتهم.وإنطلاقاً من حكومة بهذا الشكل، فالإنقاذ وارد لان التعامل مع صندوق النقد الدولي يتطلب وزراء قادرين على تحقيق الاستقرار الاقتصادي اولاً، وتشجيع المشاريع الداعمة له، لانهم يتحلّون بقدرة على طرح الحلول بعيداً عن الاجندات السياسية واصطفافاتها، وإلا ستبدأ الازمة الحكومية الحقيقية إعتباراً من يوم الجمعة، بدءاً " بالحرتقة " على التأليف، لانّ البعض سيجعل ميقاتي يندم على الساعة التي قبل بها التكليف من جديد، فمصلحة هذا البعض تقتضي بقاء الوضع كما هو بسبب مصالحه الخاصة، وهنا الطامة الكبرى، فلا احد قادر على تغيير ما يُحضّر من لعبة سياسية، لذا ستتفاقم العرقلة، والألغام السياسية قد تنفجر في اي لحظة، وعندها سيدخل التأليف مرحلة ضبابية لا احد يعرف نهايتها.
