يحاول العهد العوني استثمار مسألة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل وكأنّه حقق إنجازاً كبيراً ليصرفه في نهاية ولاية الرئيس ميشال عون، وبالتالي هذا ما ينسحب على حزب الله الذي يحاول، وفق المتابعين لمسار الأوضاع، أن يقول للبنانيين "أنا مَن حققتُ الترسيم بفعل فائض القوة، ما يستدعي بقاء سلاح المقاومة لأنّه حاجة ضرورية لمواجهة إسرائيل"، وما إطلاقه ثلاث مسيّرات منذ حوالي الشهرين فوق حقل كاريش إلا مؤشر ضمن هذا السيناريو الواضح المعالم، لا سيما وأنّ هذه المسيّرات التي أُطلقت لم تكن تحتوي على ذخيرة، ما يعني في المحصّلة أنّ حزب الله يفاوض وليس الدولة اللبنانية.
أما على خط انتخاب رئيس للجمهورية، فتلك مسألة مغايرة تماماً لأنّ الرئاسة هي ضمن توافق داخلي ودولي وعربي وإقليمي، خصوصاً أنّ البيان الثلاثي المشترك السعودي - الفرنسي - الأميركي كان واضحاً في تحديد مواصفات الرئيس، وصولاً إلى لقاء دار الفتوى الذي كان وطنياً وجامعاً وتطرق إلى الطائف ومواصفات الرئيس، الأمر الذي يؤكد بما لا يقبل الشك أنّ المملكة العربية السعودية هي ناخب أساسي وليس في وسع حزب الله أن يواجه هذه الثابتة والمسلّمة، لا سيما أنّ الحزب يحاول أن يستثمر الوضع الحكومي والرئاسي بعد الترسيم ليسلّم البلد إلى إيران بالكامل في ظل توافق فوق الطاولة وتحتها مع إسرائيل.ويبقى أخيراً أنّ الأيام القليلة المقبلة كفيلة بتحديد مسار الاستحقاق الرئاسي، لا سيما أنّ التواصل السعودي مع كل الأطراف عبر حراك السفير وليد البخاري مستمر، وكذلك الاتصالات بين الرياض وباريس، وبعدها يُبنى على الشيء مقتضاه رئاسياً.