جورج ابو صعب
كاتب ومحلل سياسي
بلغت تصاريح ومواقف قادة حزب الله في الاونة الاخيرة خاصة حدا من الديماغوجية والخفة ما ينذر بافلاسه السياسي وضحالة حججه لدرجة ان امين عامه في خطابه الاخير يرى على سبيل المثال وليس ابدا دفاعا عن إسرائيل انها باتت في منحى انحداري نحو الزوال وكأن اوضاعنا في لبنان المحتل منه افضل او في ايران افضل .
مشكلتنا مع مواقف حزب الله ليست فقط في انها مواقف تخدم اجندة ايران الاقليمية على حساب مصالح لبنان واللبنانيين بل وايضا في انها منفصلة تماما عن الواقع والجغرافيا وباتت تستغشم اللبنانيين وتمعن في تحوير الحقائق وتزويرها .
فقد مضى على وجود اسرائيل اكثر من ٤٠ عاما ولا احد قضى عليها وبخاصة الجمهورية الاسلامية في ايران التي مرات ومرات توعد رؤوساؤها وقيادييها العسكريين والحرس الثوري فيها بالقضاء عليها وحتى الساعة ما زالت اسرائيل موجودة تنتظرهم
واكثر من ذلك بلغ تطورها مبالغ متقدمة جدا وباتت الدول العربية التي بامكان اسرائيلي زيارتها اكثر بكثير من تلك التي يسمح لحزب الله وجماعته بزيارتها .
فاذا كانت اسرائيل مأزومة فكيف نفسر الاتي :
نجاح اسرائيل في اغتيال العالم الايراني فخري زاده وفق تقنيات متطورة من التحكم عن بعد ومن داخل ايران عبر الذكاء الاصطناعي ؟
وكيف تمكنت اسرائيل من سرقة ارشيف ايران النووي عام ٢٠١٨ وتسريب خمسين الف وثيقة ايرانية سرية؟
وكيف تمكنت اسرائيل من توفير جزء من معلومات استخباراتية لاغتيال قاسم سليماني ؟
لا بل كيف نفسر استباحة اسرائيل لاجواء سوريا وقصفها مواقع ايرانية وتابعة للحزب هناك في ظل صمت روسي ؟
ثم كيف تكون اسرائيل مأزومة والرئيس الايراني السابق احمدي نجاد يفضح اسرائيلية المسؤول الاول عن مكافحة التجسس ضد ايران ؟
والمثير للضحك ان يتكلم امين عام الحزب عن الازمة الاقتصادية الخانقة في اسرائيل والبطالة هناك بنسبة ٢٣./. متناسيا ان نموذجه البديل في ايران أسوأ بكثير ومأساوي :
حيث ١٠ ملايين ايراني يعملون باجور منخفضة
و٤ ملايين ونصف يعملون بلا رخص
والتضخم الذي افقد الريال الايراني اكثر من ٥٠./. من قيمته
وارتفاع خط الفقر في ايران الى ٣٨./. في عام واحد
ومعاناة ٦ ملايين ايراني من البطالة
و٤٠./. من العاطلين عن العمل يحملون شهادات جامعية
وفي لبنان المختطف من حزبه والفاقد سيادته نتيجة احتلاله الدولة والمؤسسات والشعب نجد ٧٧./. من اللبنانيين بلا مدخول
و٨٠./. من اللبنانيين ما دون خط الفقر .
فمن المأزوم ؟
هل في ايران او لبنان شركات عملاقة متمركزة مثل ابل وجوجل ومايكروسوفت وامازون وفيس بوك على غرار تمركزها في اسرائيل ؟
ما رأي السيد في فوز ١٢ عالما اسرائيليا بحوائز نوبل في الادب والكيمياء والاقتصاد والسلام بالمقارنة مع ايران ونظامه في لبنان ؟
ثم ما رأي السيد باتهام الرئيس السابق احمدي نجاد المرشد الاعلى الخامنئي بالاستحواذ على ١٩٠ مليار دولار بطرق غير مشروعة .
ثم اذا كانت هوية لبنان العربية قد تهددت عام ١٩٨٢ فبالتأكيد ليس حزب الله الذي حافظ على هويته العربية لان حزب الله ومنذ نشأته زرع في لبنان ليتبع ولاية الفقيه ويواليه وتكفي نظرة الى اناشيد مدارس المهدي في لبنان والتي تبث العقيدة الفارسية وولاية الفقيه في ايران وخطاب السيد حسن نفسه عندما كان شابا في اعلان ولائه لصاحب الزمان المرشد الراحل اية الله الخميني - كي نتأكد اكثر فاكثر من عدم صحة هذا الادعاء بحماية عروبة لبنان .
فمن يريد حماية عروبة لبنان لا يجره الى معاداة اشقائه والحاق الاضرار بهم وتهديد امنهم وسلامتهم وتدخله في حروبهم الداخلية ليقف طرفا ضد اخر ولا يجعل من لبنان منصة اطلاق المعارضين لانظمة الدول الشقيقة .