خطاب نصرالله: من قدسية "التكليف" الى ضرورات "التسويف"

nasrallah hand

“سوف” و”سين” هي حروف "تسويف"، وتسمى أيضا حروف "التنفيس". عندما يستخدمها المرء فإما أنه "يسوّف" أو يسعى ل "التنفيس" على الناس لأيام أو شهور أو سنوات…

غالبا ما تزخر خطابات ووعود المسؤولين في العالم بشكل عام ودول العالم الثالث والرابع من اوروبية وافريقية واميركية وعربية اسلامية بشكل خاص بعبارات التسويف والتنفيس مرفقة ب"اذا" الشرطية لتوقف التنفيذ الموعود.

لم تشذ خطابات قيادات وابطال المحور الممانع يوما أو مرّة عن تلك القاعدة كما لم يكن خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تاريخ ٣ كانون الثاني 2024 نشاذا عن كل ما سبق من تهديد ووعودٍ ووعيد ب عشرات من "سين" و"سوف" التنفيس والتسويف المكررة غير المعجّلة لحجة عدم اتمام وتحقيق "الفعل" ما بعد "اذا" الشرطية.

السيد حسن نصرالله الذي قال في 1 آب 2022 "حل عنّي يعني أنت أصلاً إنسان؟ أنا الله مكلفني أنت مين كلّفك، نحنا ناس الله مكلّفنا أنت مين مكلّفك” وذلك في اطار رده على معارضيه الذين طرحوا عليه السؤال:"من كلّفك بالدفاع عن لبنان".

هو نفسه عاد وقال بالأمس: "إذا كُنا حتى الآن ‏نُداري الوضع اللبناني والمصالح الوطنية اللبنانية، فإذا شُنّت الحرب على لبنان فإن مُقتضى المصالح ‏الوطنية اللبنانية أن نذهب بالحرب إلى الأخير بدون ضوابط".

السيد نصرالله الذي قال في 27 آب 2023 في اطار رده على تهديد نتنياهو اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري: "إن أي اغتيال إسرائيلي على الأرض اللبنانية يطال لبنانيًا او فلسطينيًا او سوريًا أو ايرانيًا او غيرهم بالتأكيد سيكون له رد الفعل القوي لا يمكن السكوت عنه ولا يمكن تحمله، لن نسمح بالعودة إلى عمليات التصفية المستهدفة أو بتغيير قواعد الاشتباك القائمة"

هو نفسه عاد وقال "مسوِّفاً "مُنفّساً" بالامس بعد 24 ساعة على اغتيال العاروري وأكثر من ٥ اشهر على التهديد التسويفي: "اغتيال القيادي ‎صالح العاروري جريمة كبيرة وخطيرة ولا يمكن السكوت عليها والأمر لا يحتاج للكثير من الكلام ولن تبقى دون رد ولا عقاب وبيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي".

رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين قال في اطار تعليقه على اغتيال صالح العاروري: "إسرائيل تسبح خارج نطاق القانون الدولي وقيم الإنسانية ، وتريد توسيع نطاق الحرب إلى الضاحية الجنوبية في لبنان" وهذا ما قال به كل من بياني حركة حماس والجهاد الاسلامي …في حين ان امين عام حزب الله نصرالله يقول في 3 من الجاري :"الذي منع إسرائيل حتى الآن من شن العدوان على لبنان هو أن في لبنان قوة ‏وأن في لبنان مقاومة وأن في لبنان رجال لله وهذا واقع الحال…ويقول في مكان آخر عن"واقع حال" غير مطمئن مسوّفاً بعد ال"اذا" الشرطية:"نحن حتى الآن نُقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة ولذلك ندفع ثمناً غالياً من أرواح شبابنا…ولكن إذا فكّر العدو أن يشن حرباً على لبنان حينئذٍ سيكون قتالنا بلا سقوف بلا ‏حدود بلا قواعد بلا ضوابط".

نصرالله أعلن في 5 كانون الثاني 2020 بعد يومين على اغتيال قاسم سليماني وقبل أربعة اعوام: انه تاريخ فاصل بين مرحلتين في المنطقة.. هو بداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد، ليس لإيران أو العراق وإنما للمنطقة كلها متوعدا الولايات المتحدة الاميركية وجيشها بدفع الثمن قائلا "إن ترامب وإدارته لا يعرفان ماذا فعلا عندما اغتالا قاسم سليماني"

لينفي الايرانيون لاحقا ما صرّح به المتحدث باسم "الحرس الثوري" الإيراني، ل CNN رمضان شريف عن إن الهجوم الذي شنه مقاتلو حركة "حماس" على إسرائيل في 7 تشرين الأول كان أحد "الأعمال الانتقامية لاغتيال" القائد الإيراني قاسم سليماني"

لن يختلف "التسويف والتنفيس" بالرد على اغتيال العاروري عن الرد على اغتيال عماد مغنية وقاسم سليماني ورضي الموسوي وآخرهم المسؤول في حزب الله حسين يزبك الذي اغتيل بعد ساعات قليلة على كلام نصرالله التهديدي التسويفي التنفيسي.

مما سبق وتوثّق يصبح من الملح على شعوبنا المتضررة اولا والرازحة والمتلقية والمنساقة أن تقرر وبجرأة عاقلة واعية الشروع في هزيمة حروف "التسويف" و"التنفيس" إذا أرادت لقسط من الأمل الحقيقي الواقعي النقي ان يعود للعمل الوطني السياسي والانساني.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: