ذهاب رئيس حركة “حماس” إسماعيل هنيّة منذ أيام الى طهران، على رأس وفد حماسي، للقاء المرشد الأعلى علي خامنئي واجتماعه به في توقيتٍ مشبوه معطوفٍ على زيارة القيادي في حزب الله وفيق صفا مؤخراً الى الإمارات حدثان شكّلا محور تركيز واهتمام المراقبين حتى الساعة.
اجتماعٌ عاصفٌ بين المرشد الأعلى وهنيّة
في المعلومات أن اجتماع المرشد الخامنئي مع هنيّة كان عاصفاً، وانتهى بشبه طردٍ للوفد الحماسي من محضر المرشد، لاسيما عندما قدمَّ وفدُ حماس، وهنيّة على رأسه، الى الخامنئي اقتراحاً من يحيى السنوار يتمحور حول ضرورة منع اجتياح رفح ووقف تقدّم الجيش الإسرائيلي عبر تدخّل حزب الله بإمر إيراني لتنفيذ اجتياح برّي لشمال إسرائيل، فجاء ردّ الخامنئي برفض مثل هذا الطرح لعدم رغبة طهران بإحراق ورقة حزب الله، وهو أهم ما لدى طهران حالياً من ميليشيا نافذة وقوية،بحيث أن طهران غير مستعدة لتوريط حزب الله في حربٍ داخل إسرائيل ولا التفريط به.
طهران تفضّل ميليشياتها الشيعية على الميليشيات السنّية
إسماعيل هنيّة حذّرَ الخامنئي خلال الاجتماع من أن رفض هذا الطرح سيعني خسارة إيران لورقة غزّة وبالتالي للورقة الفلسطينية، فيما بدا أن المرشد لا تهمّه تلك الخسارة بالمقارنة مع خسارة حزب الله،
ومن هنا، يتبيّن مرةً جديدةً أن لطهران حساباتها التي تمرُّ فوق أكفان الفلسطينيين غير آبهةٍ بما يحصل في القطاع وبالمدنيين، لأنها ليست مستعدة لخسارة أوراقٍ تستخدمها للتفاوض مع الأميركي، كما أن ما حصل في هذا اﻻجتماع أثبتَ تفضيل القيادة الإيرانية لميليشياتها الشيعية على ميليشياتها السنّية، فخسارة حماس “السنّية” لا شيء مقابل خطر خسارة ميليشيا حزب الله .
إستدعاء وفيق صفا الى الإمارات وتسريب معلومات
فشل زيارة هنيّة ووفده الى طهران يتقاطعُ مع مشهدية استدعاء وفيق صفا، القيادي في حزب الله الى أبو ظبي، وقد سرّبت الإمارات لقناة “سكاي نيوز” العربية أن سبب استدعاء صفا كان لإبلاغ حزب الله نصيحةً بضرورة تسليم سلاحه كاملاً تحت طائلة تدمير لبنان … وهذا الكلام عادت ونشرته صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية بالأمس … فزيارة صفا حصلت بوساطة من الرئيس السوري بشار الأسد الذي طلبَ من الإمارات استقباله … واللافت أنه حين استقبلت الإمارات صفا، قامَ رئيس المجلس التنفيذي في الحزب بادر هاشم صفي الدين، المُعتبَر من صقور إيران داخل حزب الله والذي تزوّجَ إبنه من إبنة قاسم سليماني، الى التشويش على الزيارة فسرّبَ خبر هذه الزيارة الى أبواق في حزب الله على أساس أن الزيارة هي لمناقشة مسألة المعتقلين في السجون الإماراتية نتيجة أحكامٍ قضائية مثبّتة …
” حبلُ السّرة” الإيراني مقطوعٌ مع حماس وغزّة
أبو ظبي نقلت حرصها على لبنان، وقد أبلغت صفا بخطرٍ كبير سيعرّضُ لبنان لويلاتٍ أياً منها حرب غزّة إن لم يسلّم الحزب سلاحه كاملاً، من هنا فإن حزب الله يجدُ نفسه أمام خيار مصيري : إما أن يستمر في غيّه وفق الأجندة الإيرانية فيدمرّ لبنان، وإما أن يحكّم العقل ويجنّب البلاد واللبنانيين ويلات هم بغنى عنها كلياً، وبالتالي
ما يمكن استنتاجه من مجمل ما قيل أعلاه أن بين حزب الله ولبنان، وبين حماس وإيران يبدو أن “حبل السرّة” الإيراني مع حماس وغزّة قد قُطِعَ في لحظة مصيرية لحماس والجهاد الإسلامي، وأن لبنان على حافة انفجارٍ كبير لن تحمد عقباه إن استمر الحزب في اتّباع الأجندة الإيرانية، لأن الردّ الإسرائيلي سيصبح أكثر تصعيداً وتدميراً ودمويةً اذا لم يتوقّف الحزب عن خوض معركة وهمية بمسمّيات ومبرّرات واهية كالإلهاء والتضامن والساحات، فيما الحقيقة أن الحزب ورّطَ لبنان منذ ٨ تشرين الأول ٢٠٢٣ في حربٍ لا ناقة للبنان ولا جَمَل له فيها أو لشعبه، إذ لو لم “يتضامن” الحزب مع غزّة لمَا تورّط وتورّط معه لبنان، فوحده لبنان مشتعلٌ جنوباً بسبب الحزب وأجنداته الإقليمية التي يستبيحُ من أجلها البلاد والعباد والمصائر.