بين الانهيار والإفلاس، يقع المواطن ” حَجراً بين شاقوفين”، فإما الغلاء الفاحش للأسعار وإما دولرة شاملة تُنسَفُ بها العملة الوطنية التي تُعاني الأمرَّين، ومع رفع سعر صرف الدولار الرسمي إلى 15,000 ل.ل مقابل الدولار الواحد يستمر ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى مستويات تاريخية لا سقف لها ولا رادع، وهنا تأتي اقتراحات “الحلول” من التجار، مُتَّفقين على حل وحيد وهو دولرة الأسعار، بدءاً من المحروقات مروراً بالبضائع في السوبر ماركت ووصولاً إلى الأدوية “والحبل على الجرّار”، فما هي المواقف تجاه هذه الخطوة وإلى أي حدٍّ يُمكنها أن تُوصف بأنها “حل” للأزمات الراهنة؟
زينون: عملتنا لبنانية إنما الموضوع بات مُذِلًّا
في هذا السياق، أكّد رئيس نقابة العاملين والموزّعين في قطاع الغاز ومستلزماته في لبنان فريد زينون في حديث لموقع LebTalks أن “دولرة الأسعار لا تعني اعتماد الأسعار بالدولار فقط، إنما حسب الزبون الذي يمكنه أن يدفع إما بالدولار أو وفقاً لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، ذلك لأن سعر صرف الدولار ليس ثابتاً ولا نعرف ما سقفه، وحتّى مع اعتماد جدولَين في اليوم الواحد هذا لا يعني أن المشكلة ستُحلّ، فاعتماد الدولرة في الأسعار هذا بإمكانه أن يلغي المضاربات والإحتكار للبضاعة أو تخزينها مثلاً بانتظار الجداول، لذلك نطالب بدولرة الأسعار وهذا ما يتم دراسته في وزارة الإقتصاد”، مضيفاً “نحن نعلم أن العملة الرسمية في لبنان هي العملة اللبنانية إلا أن الأمر بات مُذلًّا لكل اللبنانيين مع استمرار عودة الطوابير، وعدم استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية، وتسليمنا للبضائع وشراؤنا من الشركات يتم “بالدولار فريش”، لذلك بدولرة الأسعار يمكننا تخيير المواطن أو الشاري بين الدفع بالدولار أو وفقاً لسعر السوق السوداء، وهذا أيضاً ينطبق على الحال في السوبرماركت”.
براكس: لا حلّ إلا بدولرة الأسعار
من جهته، إعتبر عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس أنه لا استقرار في الأسواق إلا بدولرة الأسعار “لأننا كأصحاب محطات ندفع أسعار البضائع بالفريش دولار وسعر صرف الدولار ليس ثابتاً كما هو واضح، لذلك الموضوع أصبح قيد الدرس كما هو حاصل في ملف دولرة أسعار البضائع في السوبرماركات”
الحكيّم: لا فائدة من هذه الخطوة إلا بالتسهيل على التجار
ومن جهة أخرى، اعتبر الباحث في الشؤون الإقتصادية والأسواق المالية العالمية الدكتور جهاد الحكيّم في حديث ل LebTalks أن التسعير بالدولار لا يعني سوى أن لا أُفُق لتثبيت سعر صرف الدولار “وهذا التوجّه من شأنه أن يُضعِف أكثر دور الليرة اللبنانية، وبالرّغم من أنه إجراء غير قانوني إلّا أنه يتم العمل على قوننته أو تشريعه رسميّاً بلا أي فائدة سوى تسهيل عمل التجّار والزيادة من أرباحهم”. ويضيف الحكيّم أن “لا تأثير إيجابياً لهذه الخطوة أبداً، ولن تخفّف من ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء بل على العكس، لأن لا حل لانهيار اللبرة اللبنانيّة إلا بإعادة هيكلة للقطاع المصرفي، وهو حل جذري لمحاولة إعادة أموال المودعين والتعويض على الصغار منهم وحلول إقتصادية ومالية جدّيّة وسريعة لوقف النزيف”.
أما عن النيّة في دولرة قطاع الأدوية أيضاً، فسيؤدّي إلى التضخّم المفرط أو “hyper inflation” بحسب ما كشفته مصادر مالية إقتصادية لموقعنا سابقاً، وفي الختام يبقى السؤال الأبرز إلى متى سيبقى المواطن اللبناني صامداً في وجه كل هذه الخطوات المُجحِفة في حقّه مع بقاء غالبية الرواتب بالليرة اللبنانية وسط دولرة أغلب القطاعات لا بل جميعها!؟