لفت العلامة الشيخ علي الخطيب الى ان الرهان كان كبيراً على ان تكون المرحلة الحالية بداية لتحول حقيقي في حسابات السلطة السياسية.
وقال خلال ندوة حوارية: "لكن يبدو ان السلطة ما زالت تحمل نفس العقلية وحساباتها نفس الحسابات التي تتحكم بها أوامر القناصل وتتقدم على المصالح الوطنية على قاعدة أن من يأكل من خبز السلطان يضرب بسيفه، ويصبح التمني ان تكون المواجهة مع السلطان بشكل مباشر بدل أن تكون مع وجههه الذي يلبس لبوسا وطنيا".
اضاف: "لقد كان القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة صادما في الانقلاب على هذه الأهداف وعلى الموقف الرسمي الموحد في وجه الورقة الاسرائيلية التي حملها المبعوث الامريكي والذي عبر عن حقيقة الموقف الوطني، لقد كان هذا القرار صادما في الانقلاب على الموقف الوطني الجامع الذي تم الاجماع الرسمي عليه في الرضوخ لمطلب العدو، في الوقت الذي مازال العدو يحتل الارض ويستمر في الحرب والقتل والاغتيال والتدمير ومنع المواطنين من العودة الى قراهم.
وتساءل: "هل هذه هي السيادة التي وعدتم بالدفاع عنها؟ ام أن حفظ السيادة التي تدعون هي في نزع اوراق القوة التي يمتلكها لبنان وأولها الوحدة الوطنية التي تعرضونها الآن بقراراتكم التي اتخذتموها بالأمس الى الخطر إرسالا لرسائل الاستسلام، وعلى ماذا تعولون بعد ذلك؟ على الضمانات الامريكية التي رفض المبعوث الأميركي اعطاءكم إياها؟ أم على تسليح الجيش اللبناني بالأسلحة التي تمكنه من ردع العدو الممنوع هذا التسليح يعني انكم تساهمون في تمهيد الطريق للعدو لتحقيق ما لم يكن يحلم به، بل ما عجز عن تحقيقه في المعركة العسكرية".
وتوجه الخطيب الى مجلس الوزراء قائلاً: "أيها الوزراء الذين اتخذتم القرار، لقد سلكتم طريقا خطيرا يهدد مصير الوطن، إنكم تعيدون بهذا القرار نفس التجارب الفاشلة الماضية. فمقاومة العدو وتحرير الارض وحماية السيادة لا يكون بالقرارات المأخوذة على الارائك والوسائد في الغرف المبردة بإملاءات العدو، بل بالمواقف في ساحات المواجهة وتقديم التضحيات وتحمل المسؤولية، ذكرونا بسنة 1982 وب 17 أيار واتفاقية العار ذكرتمونا بها، ونحن أيضا نذكركم سنة 1982 و 17 أيار وما حصل بعد ذلك من تحرير في العام 2000.
وأشار: "لا تفكروا أن الأميركي الى جانبكم، والله لو وقفتم موقف رجال لكان أشرف لكم، ماذا سيفعل العدو أكثر مما فعل؟ نحن الذين دفعنا الثمن وأنتم تفرجتم علينا ونحن نقتل وبيوتنا تقصف وأبناؤنا ونساؤنا يستشهدون، أي ثمن دفعتموه؟ لقد اعترض بعضكم على أن هذا القصف يمنعكم من الذهاب الى الساحل لممارسة السباحة، أي شعور وطني لديكم؟. إن المقاومة وبيئتها ستبقى الاحرص على سلامة الوطن، لماذا؟ لأن هذه البيئة دفعت الثمن الغالي من الدماء والبيوت والأبناء والأمن والاستقرار وبعد ذلك حصارها، يا دولة رئيس مجلس الوزراء أنت تحاصرنا، أنت تحاصر هذه البيئة بمصادرة الأموال التي جناها أبناؤنا في الخارج بعرق جبينهم لمساعدة أهلهم ووطنهم، صادرتها في المطار بحجة ما ادعيت أنها تبييض أموال، سود الله وجوهكم."
كما اكمل حديثه لافتاً: "نحن الذين نتحمل المسؤولية، أما أنتم فلم تتحملوا المسؤولية على الإطلاق وفرطتم بها، واما الذين ليس لديهم استعداد للتضحية ودفع اثمان للموقف حينما يستدعي الامر الموقف، فيصح فيهم: ومن ملك البلاد بغير حرب... يهون عليه تسليم البلاد، لن نترك ارضنا محتلة وقرانا مستباحة واهلنا لقمة سائغة للعدو، وننصح بعدم السير بهذا الموقف والتراجع عنه والرجوع الى ضمائركم، لأن هذا يدفع بالبلاد الى ما لا يحمد عقباه، تراجعوا في جلسة الغد عن الخطأ الذي ارتكبتموه فالتراجع عن الخطأ فضيلة، فدفع الثمن للحفاظ على السيادة مهما بلغ اقل بكثير من الثمن الذي ندفعه بالاستسلام، انتم تستسلمون الآن للأميركي."
أضاف: "ندعو الى العودة الى الموقف الرسمي الجامع، أنتم خرقتم الموقف الرسمي الوطني الجامع الذي يحافظ على الميثاقية، لا ميثاقية لقراركم، هذا الموضوع لا يبحث في مجلس الوزراء ولا يؤخذ بالتصويت حيث لا شرعية لأي قرار يخالف ميثاقية العيش المشترك، أين أنتم من اتفاق الطائف؟".
وختم: "أخاطب الجميع وأعني ما أقول: (يا ايها الذين آمنو قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين)، لا تأخذوا البلد الى هذا البلد، الذين سيصلون هذه النار هم ليس المقاومون وليس الشرفاء الذي يبذلون الدماء والتضحية من أجل لبنان وكرامته ومن أجل كل اللبنانيين لأننا نعتبر أن اللبنانيين جميعا هم واحد في الكرامة وفي الحقوق والواجبات".