عقد المطران شكرلله نبيل الحاج رئيس اللجنة الأسقفيّة "عدالة وسلام" مؤتمرا" صحفيّا" في المركز الكاثوليكي للإعلام، قدّم خلاله رسالة قداسة البابا فرنسيس لليوم العالمي الخامس والخمسين للسلام، تحت عنوان: الحوار بين الأجيال والتربية والعمل، أدوات من أجل بناء سلام دائم".بدايةً، كانت كلمة لمدير المركز الأب عبده أبو كسم ألقتها بإسمه الإعلاميّة ربيكا أبو ناضر ، وفيها إن "وطننا لبنان يفتقد الى أدنى مقوّمات السلام الداخلي حيث لا حوار ولا تضامن بين أبنائه، وحتى العدالة الاجتماعيّة أصبحت عملةً نادرة، وغابت عنه وعن أبنائه ثقافة اللقاء والتعاضد، وأصبح اللبنانيون غرباء في وطنهم، يشحذون الطعام والدواء وويتسكّعون على أبواب المستشفيات، والدولة غائبة كالأم الضائعة لا تبالي بوجع أبنائها... نحن نتّكل على السلام الالهي الذي تجسّد ليزرع سلامه في قلوب البشر، عنيت به طفل المغارة، هو الحق والعدل، هو الحب، هو المخلّص الذي سطع نوره من المغارة وأنار الكون من شعاع نوره". ثمّ قدّم المطران الحاج المؤتمر، واستهلّه بعرض لمحة عن تاريخ يوم السلام العالمي مع انطلاق العام الجديد، ثم تناول رسالة البابا فرنسيس ليوم السلام في السنة 2022، والتي ركز فيها على مبدأ الحوار من جهة، ومفهوم الأخوّة من جهة أخرى. لذلك، اختار لرسالته في اليوم العالمي الخامس والخمسين للسلام، العنوان التالي: "الحوار بين الأجيال، والتربية والعمل: أدوات من أجل بناء سلام دائم".وقد إستهلّ رسالته بكلمات للنبي أشعيا: "ما أجمل على الجبال قدمي المبشر، المخبر بالسلام"! ثم ناشد قداسته الجميع للسير معًا على دروب الحوار والتربية والعمل بشجاعة وإبداع، وبدون أية ضوضاء، بل بتواضع ومثابرة... كما أشار إلى أن مسيرة السلام التي أطلق عليها القديس بولس السادس الإسم الجديد للتنمية المتكاملة، لا تزال بعيدة المنال لكل العائلة البشرية. فعلى الرغم من الجهود المتعدّدة الهادفة إلى حوار بنّاء بين الأمم، نرى شبح الحروب يتعاظم، ناهيك بالأمراض والأوبئة، وأضف إليها آثار تغيّر المناخ والتدهور البيئي، وسيطرة الفردية على المشاركة التضامنية. هكذا تصبح مأساة الجوع والعطش أكثر خطورة. شرح البابا فرنسيس قائلاً: "إنَّ السلام في كلِّ عصر، هو عطيّة من العُلى وثمرة التزام مشترك. هناك في الواقع، "هندسة" للسلام، حيث تتدخّل مؤسسات المجتمع المختلفة، وهناك "حرفية" للسلام تشمل كل فرد منا بطريقة شخصيّة. يمكن للجميع أن يعملوا معًا من أجل بناء عالم أكثر سلامًا: بدءًا من قلوبهم وعلاقاتهم في العائلة والمجتمع والبيئة، وصولاً إلى العلاقات بين الشعوب والدول".من هنا إقترح قداسته ثلاث طرق لبناء سلام دائم. أولاً، الحوار بين الأجيال كأساس لتحقيق المشاريع المشتركة. ثانياً، التربية كعامل حرية ومسؤولية وتنمية. وأخيرًا، العمل من أجل التحقيق الكامل للكرامة البشريّة. وقد وصفها بأنها "ثلاثة عناصر أساسية لإعطاء الحياة لميثاق اجتماعي، الذي بدونه يظهر كل مشروع سلام متناقض وغير منسجم"..وتطرق البابا إلى تأثير الأزمة الإقتصادية على المهاجرين الذين يعيشون مع عائلاتهم في ظروف محفوفة بالمخاطر، ومن ناحية أخرى، إلى تزايد العنف والجريمة المنظّمة، اللذين يخنقان حريّة الأشخاص وكرامتهم، ويسمّمان الاقتصاد ويمنعان الخير العام من التطوّر. كما أكد أن العمل هو الأساس الذي يُبنى عليه العدل والتضامن في كل جماعة.كما تمنّى قداسته على الشركات أن تحترم حقوق الإنسان الأساسية للعمال والعاملات، وعلى أهل السياسة أن يعزّزوا التوازن العادل بين الحريّة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.أخيراً بعدما وجّه شكره وصلاته إلى كل المسؤولين الذين "يكرّسون أنفسهم بسخاء ومسؤولية من أجل ضمان التعليم والسلامة وحماية الحقوق، وتأمين الرعاية الطبية، وضمان الدعم للمحتاجين، ختم البابا فرنسيس مناشداً الحكام وجميع الذين يشغلون مسؤوليات سياسية واجتماعية، والرعاة ومُنشِّطي الجماعات الكنسية، وجميع ذوي الإرادات الصالحة، للسير معًا على الدروب الثلاثة التي شرحها في رسالة السلام. ولكل صناع السلام، رفع دعاءه "لتسبقهم ولترافقهم على الدوام بركة إله السلام!"وقال المطرا الحاج، إن البابا بولس السادس وفي أول رسالة أصدرها في العام 1968 بعنوان "يوم السلام"، أكّد أن مسيرة تحقيق السلام بين شعوب الأرض، تتطلّب جهودًا جبّارة من كل الأطراف والجهات. ونحن في لبنان من أكثر الشعوب التي اختبرت هذا الواقع الأليم. غير أن أمير السلام يسوع المسيح يبقى وحده رجاءنا، ولشفاعة أمه مريم العذراء، ملكة السلام سيدة الرجاء وسيّدة لبنان.،وفي الختام ألقى الدكتور فادي جرجس، أمين عام اللجنة الأسقفية "عدالة وسلام"، كلمةً لفت فيها إلى أن اللجنة تركّز هذا العام، على قضيتين: الأولى تتعلّق بالبيئة التي يحمل قداسة البابا فرنسيس رايتها منذ بداية حبريته، وهي من صلب اهتمامات اللجنة الأسقفية، ولذا ارتأت وجوب تكريم قيادة القوات الجوية في الجيش اللبناني، وكذلك تكريم المديرية العامة للدفاع المدني.أمّاالقضية الثانية، فهي بمثابة تحيّة تقدير إلى روح المونسنيور توفيق بو هدير الذي حمل فرح يسوع إلى الشبيبة والعالم فكانت مسيرته شرارة للكثيرين.