أشار مصدر سياسي بارز إلى أن "قرار رئيس الجمهورية جوزاف عون جاء في سياق متصل بسلسلة توترات ميدانية بلغت ذروتها بتوغل وحدة إسرائيلية داخل بلدة بليدا، وسقوط أحد العاملين البلديين ضحية الاعتداء. ومن هنا، بدا موقف بعبدا رسالة مزدوجة: داخلياً لتأكيد أن المؤسسة العسكرية تبقى المرجع الأول في الدفاع عن الأرض والمواطنين، وخارجياً لتأكيد أن لبنان لن يقبل بتحويل الخروقات الإسرائيلية إلى واقع دائم تحت عنوان الأمر الواقع الأمني".
أضاف المصدر: "ما طرحه الرئيس عون يتجاوز الإطار الميداني إلى السياسي والديبلوماسي، فهو يشير ضمناً إلى أن الآليات الدولية القائمة، وعلى رأسها لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية الميكانيزم، لم تعد كافية ما دامت تكتفي بتسجيل الوقائع من دون ترجمتها إلى إجراءات رادعة. من هنا، يبرز الموقف الرئاسي كمحاولة لإعادة تفعيل الضغط عبر المؤسسات الدولية، لا إلغائها، بحيث تصبح هذه الأطر أداة مساءلة لا منصة تبرير".
وأوضح المصدر أن "التصدي لأي توغل إسرائيلي لا يمكن أن يكون قراراً انفعالياً، بل يحتاج إلى رؤية شاملة تحدد بدقة قواعد الاشتباك، وحدود الرد، وأهدافه السياسية. فكل تحرك عسكري غير محسوب قد يفتح الباب أمام مواجهة أوسع، وهذا ما تحاول إسرائيل استدراجه أحياناً لفرض معادلات جديدة على الأرض. لذا تبدو المقاربة التي يقودها رئيس الجمهورية محاولة للموازنة بين الصلابة في الميدان والواقعية في السياسة، بحيث يستثمر الموقف الدفاعي في بناء مسار ديبلوماسي وقانوني متكامل يدعم الموقف اللبناني ويعيد الأمور إلى طاولة المحاسبة الدولية".
ولفت المصدر إلى أن "عون يربط بين الدفاع الميداني والضغط السياسي، في مقاربة تعيد الدولة إلى موقع المبادرة بعد أعوام من إدارة الأزمات بردود الفعل. فالمطلوب اليوم ليس فقط الرد على الخرق، بل تثبيت قواعد اشتباك جديدة تحفظ الحق اللبناني، وتعيد للآلية الدولية وظيفتها الردعية، وتحول الخرق من واقعة محلية إلى قضية رأي عام دولي".
وختم المصدر بالتأكيد ان "رئيس الجمهورية وضع معادلة جديدة عنوانها أن الدفاع عن السيادة هو سياسة دولة قائمة على ردع محسوب، وتوثيق قانوني، وتحرك ديبلوماسي متزامن. فإما أن تتعامل الأمم المتحدة مع الانتهاكات الإسرائيلية كاختبار جدي لقراراتها، وإما أن يتحمل لبنان عبء حماية حدوده وحده، مستندا إلى جيشه، وإلى إرادة وطنية جامعة لاتزال ترفض أن تكتب حدود البلاد بالنار الإسرائيلية".