ما يجري منذ ليل أمس من غياب للحق والعدالة ومشاعر الانسانية، في قضية محقة أبكت العالم أجمع في ذلك التاريخ المأساوي 4 آب 2020، من دون ان ترّف جفون المنظومة الحاكمة منذ ذلك الحين ولغاية اليوم، يطرح تساؤلات عن مستوى الدرك الذي وصلنا اليه في الغابة التي نعيش فيها، ليصبح المثل الشائع مسيطراً بقوة على الواقع الذي نشهده بحسرة" رضي القتيل ولم يرض القاتل"، في قضية إنفجار مرفأ بيروت الذي أسقط اكثر من مئتي ضحية واكثر من ستة الاف جريح، ومئات المعوقين وسط دمار هائل للعاصمة بيروت، التي ما زالت لغاية اليوم جريحة حزينة تبكي شهداءها…
فكيف يمكن لوليام نون شقيق الشهيد جو، المدافع الاول وحامل راية هذه القضية المحقة، ان يكون موقوفاً منذ يوم امس، فيما يسرح المجرمون الذين تسبّبوا بهذه الكارثة منذ اكثر من سنتين ونصف السنة، والتي من المفترض ان تسقط عروشاً بأكملها، لكن كالعادة لا سبيل لمعرفة هوية اي مجرم كبير في لبنان، فالساحة مفتوحة امام الفاسدين والمجرمين الكبار المتعالين عن الشبهات دائما، والامثال كثيرة لا تعد ولا تحصى.
للاسف التوقيفات والتبليغات تتوالى من وليام نون الى بيتر بو صعب، على خلفية كلام قيل بالتزامن مع فورة غضب شقيقيّ الشهيدين، فيما المشتبه بهم لا يبالون ولا يردون على اي تبليغ قضائي، في ظل تهديد من مسوؤل حزبي للقضاة، سرح ومرح منذ أشهر في قصر العدل من دون ان يتحرّك احد.
لا شك في أنّ وليام وقع في الفخ، فكل شيء مدبّر لتوقيفه ومحاولة إسكاته بالقوة، لكن من يعرف هذا البطل يتأكد بأنّ رهانهم خاطئ، فمن لديه قضية شهادة لا يتراجع عنها، فكيف اذا كانت شهادة أبطال دفعوا حياتهم ثمناً للامبالاة منظومة حاكمة لا تحوي اي ذرّة من المسؤولية؟!
هذه الصورة التي نشهدها منذ ليل امس، تشير الى انّ القرار السياسي إتخذ بإقفال ملف المرفأ، والمشاهد المخزية التي رأيناها ليلاً من ضرب وإهانات ومعاملة وحشية طالت كاهناً هو خال وليام نون، تطرح تساؤلات حول مسار الوطن الذي نعيش فيها، فماذا بعد؟، الى متى سيستمر هذا الانقلاب في المقاييس؟، كفى هذا الإجرام بحق اهالي الشهداء، لقد قتلتوهم مرّات ومرّات…
