لن تكون أزمة المحروقات الناشئة عن فرض ضريبة بمفعول رجعي على أعمال كل الشركات وليس فقط الشركات المستوردة للنفط التي رفعت الصوت وأعلنت الإضراب، وذلك احتجاجاً على ضريبة جديدة فرضتها الحكومة على ما تسميه “دعماً ” حصلت عليه كل الشركات عبر منصة “صيرفة”. وهذه الأزمة، هي اللغم الأول وليس الوحيد في موازنة ٢٠٢٤ التي أقرها مجلس النواب أخيراً.
ويصف عضو تجمع رجال الأعمال روبير كنعان في حديث لموقع LebTalks الموازنة، بأنها “تدميرية”، وذلك على الرغم من أن عددا” من النواب، عملوا بجد وبتنسيق مشترك مع لجنة المال والموازنة، على إدخال عشرات التعديلات عليها، وشطبوا عشرات المواد والزيادات الضريبية والرسوم العشوائية بغية التخفيف قدر الإمكان من مفاعيلها الكارثية على ما تبقى من اقتصاد شرعي .
وبمعزل عن السجال الدائر بين الشركات النفطية والحكومة من جهة وأصحاب المحطات والمستشفيات والقطاعات الإقتصادية كافةً في اليومين الماضيين، فإن الأزمة وفق كنعان، تتجاوز الشركات النفطية، كونها تطال كل المؤسسات التي استفادت من “صيرفة”، ذلك أن ضريبة ذات مفعول رجعي قد فرضت على قيود محاسبية ونتائج أعمال سابقة قامت بها الشركات وتم التصريح عنها قانونيا”، وذلك بالإضافة إلى ضرائب أخرى اقرت على عجل في مجلس النواب من ضمن مزايدات شعبوية تلفزيونية مرتجلة، تحولت إلى الغام مزروعة في هذه الموازنة “الكارثية”.
ومن المعلوم وفق كنعان أن معظم نواب المعارضة، كما التغييريين، قد صوتوا ضد الموازنة من حيث المبدأ، بسبب عدم تضمنها أي رؤية إقتصادية كما أنها لم تتضمن أي قطع حساب عن السنوات السابقة بمخالفة اساسية للدستور.
وكانت غالبية الهيئات الإقتصادية قد عارضت موازنة ٢٠٢٤ واعتبرت أنها تشجع الإقتصاد غير الشرعي وتخنق الشركات الشرعية، بمعنى أنها تفرض وترفع الرسوم والضرائب بشكل عشوائي على كل الشركات الشرعية الملتزمة بالقوانين وتستثني، لا بل تشجع المؤسسات المكتومة ضريبيا” التي تعمل ب”الأسود” والتي اصبحت تشكل ما لا يقل عن ستين بالمئة من مجموع الاقتصاد في لبنان.
وهنا، أوضح كنعان أن الشركات الشرعية هي التي تتحمل وحدها كل العبء الضريبي، بينما الإقتصاد غير الشرعي و الشركات المكتومة، يزدهر على حساب ما تبقى من شركات شرعية، تصرح دوريا” عن أرباحها وتدفع الضرائب وهي بالتالي، تكافح وتحارب يومياً من أجل الصمود والبقاء.
في الخلاصة، يجد كنعان أن المنظومة السياسية نفسها ما زالت تواصل ضرب القطاعات المنتجة الواحد تلو الأخر، من تجارة وسياحة وصحة وتعليم وصناعة ومصارف وغيرها، حتى أن أقل ما يقال فيها أنها “تدميرية تضرب ما تبقى من اقتصاد شرعي لصالح الجهات التي تمعن عمداً، في تدمير كل مقومات قيام الدولة من دون استثناء في لبنان.
وختم كنعان بدعوة الجميع للتضامن في سبيل رفع الغبن والمحافظة على ما تبقى، لان القطاع الخاص الذي استطاع بارادته وعمله الدؤوب، التكيف مع الأوضاع الضاغطة والصمود رغم كل الصعوبات، هو حجر الزاوية الذي يتكل عليه في إعادة البناء وبضربه نقضي على آخر امل في إعادة البناء وعلى الآمال في قيامة هذا الوطن.
ومن له اذنان ساعتان فليسمع.