في ظل السقوط الكبير للقطاعات الإقتصادية والصحية والتربوية والمالية، تبقى حاكمية مصرف لبنان صامدة في عين العاصفة التي تضربها من الداخل كما من الخارج، من الحليف القديم الى الخصم الحالي، وصولاً إلى تنفيذ سيناريو قاتم يصب في خدمة العدو الإسرائيلي، الطامع إلى احتلال موقع لبنان المالي في المنطقة، بعد أن تحقق الحملة الشعواء على سياسات الحاكم رياض سلامة في انهيار سمعة المركزي وخروج لبنان من أسواق المنطقة والعالم.
ومعلوم أن الحاكم سلامة، الذي لم ينفك يستنبط السياسات والحلول المالية، التي كرّست معادلة الإستقرار النقدي على مدى عقود في لبنان، يواصل مهمته الشاقة اليوم، ويخوض المواجهة مع السلطة التي عجزت على مدى السنوات الماضية، من تحويل الإقتصاد من ريعي إلى منتج ، مكتفية بالإتكال على مصرف لبنان ومن دون القيام بأي خطوة أو إجراء إصلاحي يسمح بالحصول على الدعم الخارجي، بل على العكس فقد اتخذت الحكومات المتعاقبة خيارات سياسية أدت إلى ابتعاد الدول الداعمة للبنان منذ نشوئه عنه وامتناعها عن تقديم أي مساعدة جدية له.
أما اليوم وفي خضم الأزمة اللبنانية، وحده سلامة ينشغل بتقديم الدعم ووضع الحلول العادلة لصغار المودعين، كما يقف منفرداً في مواجهة الطامعين بالسيطرة على المركزي وتغيير هوية لبنان وضرب دوره وموقعه، من دون الإلتفات إلى الضرر البالغ الذي أصاب المركزي وسمعة حاكمه وسمعة لبنان.
لا يمكن إغفال دور المركزي وسلامة في النهضة المالية الإستثنائية التي عرفها لبنان بعد الحرب، كما من الضروري الإجابة على سؤال جوهري يتعلق بمصير اللبنانيين لو لم يعمل المركزي على تثبيت سعر الصرف في مرحلة تقاعست فيها الدولة عن تأمين الرعاية على اختلافها للبنانيين.
قد تكون تهمة سلامة أنه ساهم في تحقيق “جنة” مالية ورفاهية إستثنائية للبنانيين، ولا يزال يعمل لتأمين انتظام عمل المؤسسات الرسمية والقطاعات الإقتصادية والقطاع النقدي، ولكن لا يستطيع وفي زمن الحقيقة إلا أن يقول الحقيقة ويضع النقاط على الحروف، إن المسؤولية “سياسية” كما أن القرار السياسي هو المسؤول عن سقوط العملة الوطنية والمصارف والمرفأ والمدرسة والمستشفى لمصلحة أعداء لبنان.