“في ظل الأزمات المتراكمة، من الصعب تحديد أرقام تتعلّق بالحد الأدنى للأجور أو تحديد قدرة المواطن الشرائية، لا بل تحديد هكذا أرقام هو من الوهم، لأن الوضع ذاهب إلى أسوأ مما نحن عليه”، هذا الكلام لرئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو الذي يعتبر أن إنفجار الأزمة أدى الى خلل وإنهيار مستمرين والدولة دخلت في حال “كوما” متقاعسةً عن القيام بواجباتها أو وضع خارطة طريق، فلا المجلس النيابي ولا الحكومة ولا أحزاب الطوائف قدمت برنامجاً متكاملاً للخروج من الأزمة، لذلك فإن الأفق مفتوح على إحتمالات غير معروفة على الإطلاق، وكل مَن يدّعي أنه يعلم ماهية هذه الإحتمالات المتوقعة يكون مخطئاً.
ويضيف في حديث مع LebTalks “لم يكن أحد ليتكلّم عن إحتمال وصول الدولار إلى المستويات التي نشهدها اليوم، فأقصى التوقعات كانت حدود ال ١٠ آلاف ليرة، وبفعل تعميم مصرف لبنان رقم ١٥٨، الذي يعني طبع عملة إضافية، فإن هذا سيشكل زيادة في عمق الأزمة.
ويقول برو ” في الواقع المسألة يمكن حلها، وهي ليست “قدر اللبنانيين” لكنها تعود إلى قرارات يجب أن تُتخذ من قبل الدولة لتحمّل مسؤولياتها، وعلى أحزاب الطوائف أن تبتعد عن السلطة لترك المجال لأجيال جديدة، أو بالحد الأدنى لتتحمّل مسؤولياتها في الأزمة، وإن كان الجواب لا، فإن الفقر سيزيد والأزمة ستتفاقم وبالطبع الأوضاع الأمنية ستصبح أكثر خطورة، وقد بدأنا نشهد فصولاً منها كل يوم تقريباً.
يؤكد أنه” على السلطة أن تسترجع الدولة من أحزاب الطوائف، هذا الكلام يمكن إعتباره حلماً ولكن على اللبنانيين أن يقوموا بالتغييرات المطلوبة ومنها على صعيد القضاء أو الإنتخابات النيابية، ولكنني أتوقع ألا يحدث أي تغيير في النتائج، و يبقى الحل بأن يتحمّل الشعب مسؤولية قراراته وإيجاد حلول جذرية للأزماته.
وتابع ” منذ البداية، أصدرنا مواقف عدة كان أبرزها موضوع رفع الدعم و الودائع وإقترحنا حلولاً، لكن بالطبع لم يؤخذ بها، فالنظام اللبناني ذهب بموضوع الدعم إلى حل “غريب عجيب” إذ لجأ الى دعم التجار بدل دعم العائلات المحتاجة والفقيرة كما يحدث في كل دول العالم،و بالتالي فإن مصير دعم التجار معروف المسار، وهو السرقة والتهريب، ما أدى الى خسارة لبنان من جراء هذا الدعم نحو ٨ مليار دولار، في الوقت الذي تشير فيه أرقام المصرف المركزي الى أن أن الرقم أقل بكثير.
وأكد برو أنه تم تهريب أموال في هذه الفترة وصلت إلى ٣٥ مليار دولار، فلو جرى تطبيق الكابيتال كونترول مع خطة إقتصادية متكاملة لكان الإنهيار توقف ولما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، ولكان الدولار إرتفع بالحد الأقصى إلى ٣ أو ٤ الآف ليرة لبنانية وكنا حافظنا على الأموال، ولكن ما جرى هو أن النظام السياسي والمصرفي تهرّب من مسؤولياته وهرّب الأموال إلى الخارج، فكل دول العالم تمكنت من الوصول إلى حلول بعد أزماتها، والحل بنظرنا يكمن بأن يتم إتخاذ سياسات على الصعد كافة، منها وقف الإقتصاد الريعي فوراً، وقف الفساد والإحتكار، وبعد هكذا إجراءات سينشط الإقتصاد ويتقدم نحو إتجاهات وآفاق أخرى، فهل هذه الحلول ستُجترح في ظل هذه الطبقة السياسية؟ الجواب
بالطبعا كلا، على اللبنانيين أن يتحركوا ومن الواضح أن القوة هي المسلك الوحيد، ولكن بدلاً من إستخدام القوة بين اللبنانيين بين بعضهم البعض فليستخدموها ضد الطبقة السياسية والتخلص منها.
وبرأي برو” إذا أردنا اليوم أن نراجع المسار التاريخي للبنانيين وفإننا نستذكر الحرب الأهلية التي نشهدها اليوم ولكن من دون أسلحة. هناك إنزلاق نحو عزل الشعب اللبناني كلّ في منطقته وهذا يستدعي تحركه مع ما تبقّى من قوى ديمقراطية في البلد وخصوصاً بعض جماعات الحراك في هذا الإتجاه.
وشدّد برو على أنه يستحيل تأكيد أرقام الغلاء ما قبل الأزمة الى اليوم لأن الأسعار لا تتشابه في كل المحال، وهذا ما يشكل عقبة أمام معرفتنا لهذه الأرقام، ولكن بالتأكيد فإن نسبة الغلاء تجاوزت ال ٥٠٠٪، بينما البنك الدولي تحدّث عن ٤٥٠٪ ، واليوم بعد إرتفاع سعر الدولار إلى هذا الحد، فقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية من أجبان وألبان بشكل كبير كإنعكاس لإرتفاع سعر الدولار، وبالتالي تراجع إستهلاك اللبنانيين إلى حدٍّ كبير، فيما زيادة الأسعار ستتصاعد خصوصاً وأن لا أفق للحل.
وعن الحد الأدنى للأجور قال برو إنه “بحسب قوته الشرائية الملموسة فهو لا يتجاوز ال ٤٠$ بالشهر أي بمعدل دولار ونصف الدولار للفرد الواحد في اليوم، ولا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يعيش بهذا المبلغ في لبنان، خصوصاً وأن الغلاء فاحش. نحن أمام انهيار خطير جداً وظواهره ستتزايد مع الوقت، فالإنزلاق نحو عدم الإستقرار يزداد كل يوم، وحتى ولو أقرت زيادة الحد الأدنى للأجور فمن المستحيل أن يتم تطبيقه لكي يصل الى مستوى يلبّي حاجات الناس.في السابق كان الحد الأدنى للأجور ٤٥٠$، اليوم تحتاج الدولة الى نحو ٦ ملايين إلى ٨ ملايين ليرة لوضع حد أدنى للأجور واضح، وفي هذه المرحلة الأمر شبه مستحيل، فإن كان سيتم رفعه ليساوي ما كان عليه في الماضي فيجب أن يرتفع نحو ٧ ملايين ليرة لبنانية.
