أكد رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، تايوم الجمعة، أن “استعادة المؤسسات لعافيتها هي مشروع الحكومة الأسمى لتحقيق التعافي والتنمية المستدامة”، مشيراً الى ان “دور النساء في قيادتها وتوجيهها أساسي لانجاح هذا المشروع”. مؤكداً أن “حكومة الإصلاح والانقاذ تدرك أن المسؤولية مشتركة بين الحكومة وشركاء التنمية من منظمات غير حكومية ومجتمع أعمال وجهات مانحة”.
كلام سلام جاء خلال رعايته مؤتمر تحت عنوان: “مؤسسات شاملة وخاضعة للمساءلة ومستجيبة للتنوع الاجتماعي” نظمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بالتعاون مع معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة 2025 حضره عقيلة سلام السيدة سحر، ووزيرات: الشؤون الاجتماعية حنين السيد، السياحة لورا الخازن، البيئة تمارا الزين، والنواب السادة: عناية عزالدين، غادة أيوب، ابراهيم منيمنة، فراس حمدان، مارك ضو، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة عمران ريزا، رئيسة معهد باسل فليحان لميا مبيض البساط وحشد من السفراء وممثلي هيئات الأمم المتحدة، والمنظمات الدولية.
وقدمت المؤتمر خبيرة التواصل والمناصرة في هيئة الامم المتحدة للمرأة رلى راشد المؤتمر.
وتحدثت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان جيلان المسيري وقالت: “يقف لبنان عند منعطف دقيق حيث يمكن للإصلاحات المُجدية أن تعزّز مؤسساته لتصبح أكثر شمولاً واستجابة لاحتياجات المواطنين نساءً ورجالاً. تناصر هيئة الأمم المتحدة للمرأة وتدعم إرساء مؤسسات عامة وآليات مؤسسية مستجيبة للنوع الاجتماعي، في مجالات تشمل الميزانيات المستجيبة للنوع الاجتماعي وإصلاح السياسات وتقديم الخدمات”.
وسلّط المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة عمران ريزا الضوء على أهمية الحوكمة والقيادة الشاملة.
وقال: “يدعو شعار اليوم الدولي للمرأة هذا العام لكل النساء والفتيات: الحقوق والمساواة والتمكين إلى اتخاذ إجراءات لإطلاق العنان للحقوق المتساوية والقدرة والفرص للجميع. ويكتسب الاحتفال في العام 2025 أهمية خاصة ذلك انه يتزامن مع الذكرى الثلاثين لإعلان ومنهاج عمل بيجين (BPfA) وهو الإطار العالمي الأكثر شمولاً لتعزيز حقوق المرأة. في العام 2024، ساهم لبنان، إلى جانب 158 من الدول الأعضاء أخرى، في مراجعة عالميّة للتقدم المُحرز في تنفيذ مجالات الاهتمام الحاسمة الاثني عشر في منهاج عمل بيجين. وتؤكد النتائج على أهمية البيانات المتعلّقة بالنوع الاجتماعي والتمويل لتحقيق المساواة بين الجنسين باعتبارها ركائز أساسية لدفع التقدّم الهادف.
أعادت الحكومة اللبنانية التأكيد على “التزامها بالمساواة بين الجنسين من خلال التزامها بالأطر الدوليّة مثل منهاج عمل بيجين واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”. ويشكّل دستور البلاد والقوانين والسياسات الوطنية بما في ذلك الاستراتيجية الوطنيّة للمرأة وخطة العمل الوطنية الأولى لتطبيق القرار 1325 بشان المرأة والسلام والأمن أدوات رئيسية لتعزيز الحوكمة الشاملة للجنسين.
والقى سلام كلمة قال فيها: “اسمحوا لي أولا ان أتوجه في هذه المناسبة، يوم المرأة العالمي، بأحر التهاني إلى جميع النساء، ولا سيما القياديات في القطاعين العام والخاص، والعاملات في الإدارات والمؤسسات العامة والدولية، والناشطات في المجتمع المدني. والتهنئة الخاصة اوجهها لجميع النساء والفتيات اللواتي يعانين ظلماً ما ويتأملن بتحقيق حقوقهن وانصافهن.
الحضور الكريم
سرّني أن يكون السراي الحكومي اليوم منبركم للاحتفال باليوم العالمي للمرأة، الذي يتزامن هذا العام مع الذكرى الثلاثين لإعلان بكين، هذا الإعلان الذي لا يزال الإطار الأكثر تقدماً في العالم لتعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.
لقد مرّ لبنان خلال العقود الأخيرة بتحديات كبرى، من أزمات سياسية واقتصادية إلى أوضاع اجتماعية وأمنية صعبة، وحرب اسرائيليّة عليه، أثرت كلّها بشكل خاص على النساء والفتيات.
إننا ندرك تماماً أن أي تعاف وأي إصلاح حقيقي لا يمكن أن يكتمل من دون أن تكون المرأة شريكة فعّالة في العملية التنموية، فضمان مساهمتها الكاملة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية اساسي لتحقيق التقدم المستدام.
خطا لبنان في السنوات الأخيرة، وبفضل جهودكم ومثابرتكم، خطوات ثابتة نحو تعزيز المساواة بين الجنسين، سواء على الصعيد التشريعي من خلال إقرار عدد من القوانين الجديدة، أو على صعيد الاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية التي شاركت وزارات ومؤسسات عدة في إعدادها، وأحدثها كان إقرار الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية. ومع ذلك، ورغم كل الجهود المبذولة، لا يزال لبنان يحتل المرتبة 133 عالمياً، والثامنة عربياً على المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين، مما يعكس حجم التحديات التي لا تزال تواجهنا.\إن تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين لا يتوقف فقط على المساواة في القوانين بين المرأة والرجل، بل يتعداها إلى كل المجالات الاستراتيجية التي تصب في أهداف التنمية المستدامة 2030، مما يجعل من قضية المساواة شرطًا أساسياً لتعزيز الديموقراطية والحوكمة الرشيدة.
لذلك، وانطلاقاً من التزاماتنا الوطنية والدولية، وضعت حكومتنا- حكومة الإصلاح والإنقاذ، في بيانها الوزاري هدف تعزيز المساواة بين الجنسين، وترسيخ مبادئ الشمولية والمساءلة والاستجابة للنوع الاجتماعي في مؤسسات الدولة وسياساتها العامة. وأكرر هنا التزامنا بما ورد في البيان الوزاري: “نريد دولةً حريصةً على مقاربة قضايا النساء من منظور الحقوق والمساواة في المواطنة”. وهذا يستدعي “إعادة النظر في القوانين التمييزية والعمل تشريعياً وتنفيذياً وفق سياسات تكرّس المساواة وتضمن مشاركة النساء الفعّالة في صنع القرار”.
وقال: “اجبنا اليوم تسريع تنفيذ اعلان بكين بشكل كامل وتنفيذ الإصلاحات التي طال انتظارها لإزالة الحواجز القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية التي لا تزال تعيق تقدم المرأة، لا سيما توسيع مشاركتها في صنع القرار وتعزيز قدراتها في قيادة المؤسسات. فالمساواة حقّ علينا وضرورة تنموية للنهوض بلبنان.
إننا في حكومة الإصلاح والإنقاذ، ندرك أن المسؤولية مشتركة بين الحكومة وشركاء التنمية من منظمات غير حكومية، ومجتمع أعمال، وجهات مانحة، لذلك أدعوكم جميعاً إلى العمل مع مؤسسات الدولة التي عانت ما عانته من انهيار وترهّل وضعف، لإعادة إحيائها، ودعمها، وتوفير الموارد الماليّة والتقنيّة اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.
إن استعادة المؤسسات لعافيتها هي مشروعنا الأسمى في تحقيق التعافي والتنمية المستدامة، ودور النساء في قيادتها وتوجيهها أساسي لإنجاح هذا المشروع. فالنساء هن قوة الدفع التي ستحدد مسار تقدم مجتمعنا واستقراره، ويعتمد على تمكينهن في جميع مجالات الحياة العامة.
ختاماً، أود أن أتقدم بالشكر لكل من ساهم في تنظيم هذا اللقاء، وأخص بالذكر:
هيئة الأمم المتحدة للمرأة ممثلة بالسيدة جيلان المسيري.
والسيد عمران رزا، نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة،
والشكر موصول للسيدة لمياء مبيض بساط، رئيسة معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، وللعمل الدؤوب الذي يقوم به هذا المعهد في تعزيز دور المؤسسات.
كما أوجه تحية تقدير لقياداتنا النسائية، اللواتي سيشاركننا بتجاربهن الملهمة،
السيدة نعمة كنعان، رائدة العمل الاجتماعي، اول مديرة عامة في الدولة اللبنانية، اول مديرة عامة لوزارة الشؤون الاجتماعية: حضورك معنا يجسد تاريخ الإدارة العامة ويغني احتفاؤنا بالمرأة اليوم.
وكذلك القاضية نجاة أبو شقرا، والسيدة لينا درغام، والسيدة غلوريا أبو زيد.
وأخيرًا، تحية لكل امرأة لبنانية تناضل من أجل حقوقها ولكل رجل يؤمن بقضيتها ويدعمها، وأيضا لكل من يعمل لتحقيق العدالة والمساواة.
شهر المرأة ليس احتفالًا، بل تذكيراً بما لم ننجزه بعد. فلنتعهد جميعاً بالمضي قدماً، ليس من أجلهنّ فقط، بل من أجلنا جميعاً”.