ترأس رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، اليوم الثلثاء، جلسة مجلس إدارة مرفأ بيروت للمرة الأولى في تاريخ المرفأ، وذلك في إطار جولة تفقدية قام بها، في حضور وزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني ورئيس مجلس الإدارة مدير عام المرفأ مروان النفي، شملت قسم الأرشيف في مبنى الإدارة العامة، حيث اطّلع سلام على تاريخ المرفأ وما يحمله من وثائق تعكس دوره عبر العقود.
بعد الجولة، قدم النفّي إلى سلام نسخة من الفرمان العثماني، تقديراً لزيارته وحرصه على "أن يكون مرفأ بيروت في طليعة المرافىء على البحر المتوسط".
في الختام، عقد الرئيس سلام مؤتمراً صحافياً في قاعة زور بور، ذكر بداية ضحايا انفجار مرفأ بيروت، وتمنى أن تتحقق العدالة قريباً، وقال: "أنا آخر من سيتدخّل في عمل القضاء، ولكن هذا حق الضحايا وحقنا جميعًا في أن نرى العدالة في أقرب وقت".
واعتبر "أنّ المرفأ هو ذاكرة المدينة ومستقبلها"، وقال :"إنّ الحكومة تعمل على نهوض اقتصادي للبنان، وإن ركنا أساسياً في أي عملية نهوض اقتصادي هو تطوير مرفأ بيروت وتحديثه، وهو ما يتطلب خطوات عدة يجب وضعها على السكة الصحيحة، ومنها: استكمال إعادة التأهيل الذي بدأ ولم يكتمل بعد، تحديث الرؤية المستقبلية للمرفأ، تحديث آليات العمل، إعادة بناء الصوامع، إلى جانب مجموعة من الإجراءات الداخلية".
أضاف: "أن الأهم هو وضع لبنان ومرفأ بيروت على خارطة المواصلات في المشرق العربي".
ولفت إلى أنه "اتفق الأسبوع الماضي مع البنك الدولي على إعداد دراسة للمواصلات بين لبنان والمحيط العربي، سواء لجهة الموانئ البحرية والجوية أو خطوط المواصلات البرية، بما فيها إعادة تشغيل سكك الحديد"، متمنيًا "أن تكون هناك دراسة متكاملة في هذا الشأن".
أضاف: "كلّي ثقة بمجلس إدارة المرفأ الجديد الذي سنكون إلى جانبه، وسنعمل على تلبية أي طلبات له لدفع عمليات التطوير، لأن نهوض البلد يرتبط بشكل أساسي بتطوير مرفأ بيروت".
وعن تركيب "السكانر"، قال سلام: "في السنوات الأخيرة، استخدم لبنان كمعبر لتصدير الممنوعات والمخدرات إلى عدد من الدول العربية، وللأسف كانت المملكة العربية السعودية في طليعتها. وإن قدرتنا على ضبط صادراتنا مسألة أساسية لرفع الحظر عن الصادرات، ومع تركيب "السكانر" كونوا على ثقة بأنّ تاريخ رفع الحظر عن الصادرات اللبنانية اقترب كثيراً".
ولدى سؤاله عن الاعتداءات الإسرائيلية، وما الذي ستفعله الحكومة، إضافة إلى سؤال حول القضاء وهل حان الوقت لاستئناف العمل في ملف انفجار المرفأ، أجاب:
"لا يمكن القول إنّ القضاء متوقّف، فهو يقوم بعمله. صحيح أنّه مرّ بفترة تعطّل، لكن منذ تولّي حكومتنا نوفّر كل الدعم الذي يطلبه القضاء لاستمرار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. ولا أعرف متى ينتهي التحقيق، لكنّي أتمنى، أنا وأهالي الضحايا، أن تكون العدالة قريبة، وقريبة جدًا".
أما في ما يتعلّق بالسؤال التالي، فأوضح سلام "أنّ للحكومة خطة وضعها الجيش اللبناني، ويتم تنفيذها شهراً بعد شهر بناء على التقارير التي يتقدّم بها الجيش"، مؤكداً استمرار التعاون مع القيادة العسكرية.
وأشار إلى أنه التقى أمس بقائد الجيش لأكثر من ساعة وبحثا في هذا الموضوع. وفي ما يخصّ الاعتداء الأخير، قال:" إنّ من الواضح أنّ إسرائيل تعتمد خطًّا تصعيديًا. لقد قلت أمس إنّنا سنعمل على حشد المزيد من الدعم العربي والدولي لوقف هذه الاعتداءات وللعمل على الانسحاب الإسرائيلي".
وعن خطة طوارئ في حال نشوب الحرب، قال: "نحن في حالة حرب تتصاعد وتيرتها، وقد اتّخذت طابع حرب الاستنزاف من طرف واحد. ونحن نتّخذ الاحتياطات لمواجهة أي عمليات تصعيد، وكل ما قد ينجم عنها على الصعد الإنسانية والاجتماعية وغيرها".
وقال رسامني: "أبلغتُ رئيس الحكومة أنّ المرحلة المقبلة ستشهد تركيزًا أكبر على مرفأ بيروت. ففي مطار بيروت الدولي باتت لدينا هيئة ناظمة وخطة كاملة للعام المقبل، والآن نوجّه كلّ جهودنا نحو المرفأ لأننا نعرف حجم فرصه وإمكاناته".
أَضاف :"الماسحات الضوئية الجديدة أصبحت في المرفأ، ويجب أن توضع في الخدمة خلال خمسة أسابيع. أما خطة تطوير المرفأ فهي جاهزة، وسنعلنها للإعلام بعد مئة يوم".
وتابع: "هناك عنصر أساسي لنجاح مرفأ بيروت، وهو إنشاء جهاز أمن المرافئ بدعم من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، بهدف توحيد المرجعية الأمنية وعدم بقاء الأمن موزعاً بين جهات مختلفة. كما نطلب من الجمارك اعتماد نافذة موحدة للعمل، ووزير المالية ياسين جابر يعمل على خطة واضحة لتحقيق ذلك".
أكمل: "مع وصول الماسحات الجديدة، وفرنا الأدوات التي تسمح بزيادة إيرادات الدولة. هدفنا هو تعزيز المداخيل العامة لتحسين أداء الدولة والقدرة لاحقا على إعادة النظر بسلسلة الرتب والرواتب".
وختم رسامني :"أذكر أخيراً، بأنّ مرفأ بيروت يقوم على عقار تفوق مساحته مليونا ومئتي ألف متر مربّع، وهو من أهم المواقع العقارية في لبنان. علينا أن نستثمر في كلّ متر منه. ونحن مستعدون لعرض أي خطة تطويرية أمام مجلس الوزراء أسبوعيا لضمان تقدم العمل في هذا المرفق الحيوي".
أما النفي، فرحب في كلمته بسلام، مؤكداً "أن هذه الزيارة ليست محطة بروتوكولية بل لحظة تأسيسية لانطلاقة عمل مجلس إدارة المرفأ الجديد". وقال: "إن الخطط والرؤية التي وضعتموها دولتكم مع فخامة رئيس الجمهورية ومعالي وزير الاشغال العامة والنقل لمرفأ بيروت وسائر المرافىء الحيوية في لبنان، تمنحنا مسؤولية مضاعفة وشرفاً كبيراً في أن نكون جزءاً من نجاحها وتنفيذها على الارض".
أضاف: "تاريخ هذا المرفأ ليس مجرد مادة أرشيفية. تاريخنا مسؤولية. ومن دون أن نعرف تاريخنا لا يمكن أن نبني مستقبلنا. والتاريخ يثبت أن مرفأ بيروت كان الأساس، كما وصفته الصحافة الفرنسية بأنه port de l’Asie، وهو الموقع الذي نعمل على استعادته ضمن المخطط العام".
وتوقف النفّي عند الصعوبات التي مرّ بها المرفأ، مؤكداً "أن صموده يعود إلى العاملين فيه تحديدا"،. فقال: "إن موظفي وموظفات مرفأ بيروت كانوا الشريان الحيوي الذي حافظ على استمرارية هذا المرفق، إذ عادوا في اليوم الثاني مباشرة بعد انفجار الرابع من آب إلى مراكز عملهم ليبقى المرفأ في خدمة الاقتصاد الوطني".
وتابع النفي: "هؤلاء، لم يترددوا ولم يتقاعسوا رغم الظروف القاسية، بل واصلوا أداء مهامهم في أصعب مرحلة. ونحن اليوم هنا لنشدّ على أيديهم ونكمل معهم. لقد استقبلونا كزملاء، ومعهم سنبني المرحلة المقبلة، لأن المرفأ لا يُبنى بالحجارة بل بموظفيه".
ونوّه النفي بالدور الحاسم للأجهزة الأمنية العاملة في المرفأ، وقال: "بعد أسبوع واحد فقط من تسلّمنا مهامنا، لمسنا تناغماً كاملاً مع الأجهزة الأمنية، وهذا في حد ذاته ركيزة أساسية لنجاح أي خطة أو إصلاح".
وتوجّه النفي في الختام إلى سلام : "اليوم ترأستم مجلس إدارة مرفأ بيروت للمرة الأولى في تاريخ المرفأ منذ تأسيسه. هذه الخطوة بالنسبة لنا ليست مجرد جرعة دعم، بل مسؤولية كبيرة حملناها، ونعدكم أن نكون على قدرها، وأن يرافقنا حضوركم كمعيار ودافع في كل ما سننجزه".