التقى شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى في دار الطائفة في بيروت اليوم، النائب وليد البعريني على رأس وفد شعبي كبير من منطقة عكار، لتأكيد التضامن الوطني في هذه المرحلة، وتقديرا لمواقف شيخ العقل الروحية والوطنية، بحضور عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب فيصل الصايغ ومشايخ واعضاء من مجلس الادارة والمجلس المذهبي.
وقال البعريني خلال اللقاء: "زيارتنا اليوم لهذه الدار الكريمة، دار الطائفة الدرزية، ولسماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى هي في البداية لتعزيز جسور التواصل الوطني، خصوصا اننا نلتقي على مساحة واسعة من المبادئ والخيارات، وابرزها تعزيز منطق الدولة ومؤسساتها ونبذ الفتن والسعي للحوار. المطلوب اليوم ممن يسيرون على نهج الاعتدال توحيد كلمتهم وحضورهم وتعزيز دورهم في هذه المرحلة الحساسة. كما ان الزيارة هي للإشادة بمواقفه في الأسابيع الماضية، ان كان بشأن لبنان او بشأن سوريا، وهو الذي رفع الصوت عاليا دعما لوحدة سوريا وضد المشاريع التقسيمية ورفضا للفتنة بين الدروز والسنة، وهذه مواقف نابعة من حس وطني وعروبي نقدره عاليا".
اضاف: "ان الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان وعلى أكثر من بلد عربي وآخرها قطر، هي اعتداءات مدانة، ونؤيد مقررات القمة العربية الاسلامية أمس في الدوحة وتحديدا كلام فخامة رئيس الجمهورية. فالمنطقة تمر اليوم بمرحلة دقيقة، قد تكون الادق منذ مئة عام، وعلينا جميعا العمل معا لتجاوز المخاطر، فما حصل في السنتين الاخيرتين كان خطيرا وعسى الا يكون الآتي اعظم".
وتطرق الى حقوق ومطالب منطقة عكار، قائلا: "ما أعلنه الوزير رسامني اليوم من بعبدا عن تلزيم مطار القليعات مطلع العام هو ثمرة نضالنا ونضال العكاريين، عكار ستنال حقوقها، وسنبقى الى جانب أهلنا لانصافهم بعد سنوات من الحرمان، نحن قلب لبنان النابض ولن نتخلى عن دورنا وحقنا. شكرا لكل من ساندنا وخصوصا رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الاشغال".
من جهته، أثنى الصايغ على "زيارة الوفد الى هذه الدار الكريمة وسماحة الشيخ، الذي نكبر بمنطقه العروبي والوحدوي"، وقال: "نؤكد مع زميلنا الاستاذ وليد على اهمية حضور الدولة في كل المناطق وخاصة منطقة عكار، حيث الاولوية لدى وزارة الاشغال تحديدا كما يعمل عليه معالي الوزير هي مطار القليعات، وبحسب ما قاله الوزير رسامني انه بداية العام سينطلق العمل به، وتعديل القانون الذي تطلبه الامر هو لتفعيل المشروع باعتبار تنفيذه شراكة بين القطاعين العام والخاص، ونحن كأعضاء في اللجنة النيابية انجزنا الامر، على امل انه في اول جلسة عامة للمجلس النيابي يتم تمرير القانون، وبما يشجع المستثمرين".
اضاف: "في الموضوع الزراعي ايضا معالي الوزير يولي منطقتكم الاهمية وهو ابن الارض والبيئة، ونحن الى جانبكم وعكار تعني لنا الكثير، وهي جزء لا يتجزأ من هذا البلد وخزان الجيش اللبناني، وقدمت الكثير من التضحيات، ونذكّر بأن المقاومة انطلقت اساسا من عكار وقد التحق شبابها بعدئذ بالجيش اللبناني من كل الطوائف".
واخيرا، القى شيخ العقل كلمة ترحيب بالحضور قائلا: "اهلا وسهلا بكم في داركم التي تعتز بهذه المحطة التاريخية وتسجّلها في سجلها الذهبي، لاننا نستقبل اهلنا من عكار، عكار مقلع الرجال والوطنية، عكار الارض الطيبة، ارض الزراعة والمحبة والاخوة والعيش الواحد المشترك، عكار قلب الشمال كما الجبل قلب لبنان، فنحن قلبان يلتقيان".
اضاف: "نعيش واياكم ظروفا متقلبة وكأننا نعيش في هذا الوطن فوق رمال متحركة، دائما هناك تحديات ومواجهات ومواقف يجب ان تؤخذ لكي نبني هذا الوطن الذي اردناه للجميع، والتنوع في الوحدة غنى، التنوع المناطقي والاجتماعي ضمن الوحدة الوطنية. هذا التنوع في الوحدة غنى للبنان، والاهم كيف نستفيد منه كي لا تتحول النعمة الى نقمة ويتحول الى صدام ومواجهة وتحدٍ وتعدٍ على الاخر، بينما المطلوب عيش واحد اخوي برحمة ومحبة واخوة، تلك الثلاثية التي اكدنا عليها مرارا والتي تجمع الاسلام بالمسيحية وبالتوحيد والوطنية، الرحمة الاسلامية، *وما ارسلناك الا رحمة للعالمين*، وبالمحبة المسيحية التي تنشد السلام، وبالاخوة الانسانية التي نادى بها ايضا سماحة الامام الاكبر شيخ الازهر وقداسة البابا في وثيقة الاخوة الانسانية، ومظلة تلك الثلاثية هي الحكمة. كيف نعيش اذا تلك النعم التي منحنا اياها الله سبحانه وتعالى ونحافظ عليها ولا نخرج من خلالها عن الصراط المستقيم".
وتابع: "واجهنا تحديات كثيرة على مستوى الجبل والوطن وبقينا ثابتين في هويتنا العربية والاسلامية والوطنية اللبنانية ضمن هذا التنوع، نحن وانتم وكلنا واحد ولن نخرج عن تلك الثوابت مهما تقلبت الظروف وتعددت الاسباب، ولا عن ثوابت الهوية الوطنية والقومية والروحية مهما كثرت التحديات، فلا نبدل تبديلا. لذا رفضنا الانفصال في سوريا والخروج عن الوحدة، وهكذا كان النداء، نعم الجرح عميق وقد طالب اهلنا بما طالبوا به، لكنهم في الحقيقة بناة الوطن والوحدة الوطنية واستقلال سوريا وسيبقون كذلك".
وقال: "في لبنان سنبقى معا كفريق واحد في مواجهة الاعتداء على لبنان والتطرف والتكفير والتعصب والعنف باسم الدين، ونحن واياكم كإسلام معتدل في مواجهة التطرف وليس ثمة مواجهة بين الدروز والسنة، وانما مواجهتنا معا ضد التطرف والغلو، لاننا اخوة ويجب ان نعيش كذلك، والاخوة لا يكفرون بعضهم ولا يذهبوا للعنف وانما لتعزيز اواصر الاخوة والمحبة والرحمة. هذه رسالتي الدائمة وكلمة الاعتدال هي التمسك بكلمة سواء وتلك قوة للجمع وليس للفرقة لاننا اخوة، وامس قلتها في عاليه وفي الشمال قبلا:
اخي في رحاب الله، والله شاهدُ ... يوّحدنا بالحق والحق واحدُ".
اضاف: "نلتقي على الحق، مهما تنوعت المذاهب، فكل بني الاديان في الحق اخوة، وكل رسالات السماء روافدُ. كلنا للحقيقة، والحقيقة موجودة في كل الاديان السماوية، كما ان الاسلام شامل، لقوله تعالى: *ان الدين عند الله الاسلام*، واننا نعتز بتوحيدنا في المذهب الاسلامي الحنيف الذي لم يكن يوما خارجا عن الاسلام".
وتابع: "لبنان تطرح فيه ملفات شائكة وصعبة ويحتاج الى التعاون والاخلاص والثبات على المبادئ الوطنية والاجتماعية والروحية والقومية. اليوم يتكلمون عن حصر السلاح بيد الدولة أي نتكلم عن اعادة هيبة وسلطة الدولة، ولا احد حتى الذين لا يزالون متمسكين بالسلاح الا ويريدون الدولة، ولا حياة للمستقبل ولاجيالنا الصاعدة وللمهاجرين من ابنائنا سوى بعودة الدولة، التي تبقى هي مظلة الجميع".
وتناول ابي المنى موضوع الحوار فقال: "قررنا ان يكون من صلب فعاليات الحوار الجاري، ندوة ستكون في منطقة الشمال، حول الشراكة الروحية والوطنية – مظلة الاصلاح والانقاذ، فأي مشروع للاصلاح والانقاذ نادى به العهد الجديد ونادت به الحكومة لا يمكن ان ينجح من دون مظلة الشراكة، وتحت هذا العنوان انطلقنا مع اركان الدولة واصحاب السماحة والغبطة لمواكبة العهد الجديد بشراكة روحية ووطنية، لانها تبني لبنان التنوع بما يجمع من مذاهب واحزاب، ونحتاج تلك الشراكة لحماية الاصلاح والانقاذ، وعليه، بدأنا سلسلة ندوات ثقافية بثقافة لبنانية جديدة وسنلتقي بكم في عكار وطرابلس بإذن الله تعالى واهلا وسهلا بكم".
والتقى شيخ العقل كذلك سفير لبنان في الهند هادي جابر، وكان عرض للاوضاع العامة، لا سيما مسائل متصلة بمواضيع الجالية اللبنانية.
واستقبل ابي المنى الاستاذ زياد نصر موفدا من وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، ناقلا إليه تحيات رسامني، وأبلغه بقرار الوزارة البدء بتعبيد طريق مزار النبي أيوب في نيحا الشوف، نزولا عند طلب شيخ العقل وسعيه الدؤوب لتأهيل وصيانة هذا الطريق، بالنظر الى حالته المتردية، وذلك بما يتلاقى مع توجيهات رئيس اللقاء الديمقراطي النائب الأستاذ تيمور جنبلاط واهتمام البلدية واهالي البلدة وزوار المقام، كذلك سيكون الأمر بالنسبة لطرقات الخلوات والمزارات والمجالس الدينية".
وترأس رئيس المجلس المذهبي شيخ العقل اجتماعا لمجلس ادارة المجلس المذهبي، لمناقشة قضايا متعلقة بعمل المجلس واللجان. كما اجتمع مع اللجنة القانونية في المجلس، بحضور رئيسها المحامي نشأت هلال.
وفي منزله في شانيه، استقبل وفدا من بلدة كفرحيم ضم مشايخ ورئيس البلدية فارس غنام والمختارين كرم بو ناصر الدين وأنيس ابو درغم ورئيس المصلحة الاجتماعية في المجلس المذهبي بالإنابة سماح بو ناصر الدين.