شكران مرتجى: زياد الرحباني إنسان خارج كل تصنيف

mour

فُجعت الفنانة الفلسطينية السورية شكران مرتجى بشكل شخصي بوفاة زياد الرحباني، من دون ألقاب كما يُحب أن يُدعى. كلماتها الصادقة حتى النخاع وبكاؤها الحار حتى الوجع، يحملان جدولاً وجدانياً من العزاء، الموجّه لها، بدلاً من تلقيه، إذ تصفه بأنه "إنسان عصي على النسيان خارج كل تصنيف، تماماً كما أمه السيدة فيروز".

تقول بألم: "رحيل زياد الرحباني خسارة كبيرة لكل واحد منا، فهو لم يكن فناناً فقط، بل كان صوتاً للجميع، يحمل همومنا وآمالنا. كل واحد منا كان له شيء خاص مع زياد، شيء يربطه بهذا الرجل العظيم".

تسكت قليلاً لتعود في الذاكرة: "اللقاء الوحيد الذي جمعني به، كان في شارع الحمراء الذي يحبه، كان عبثياً مثله. كنت أشاهد عرضاً فنياً صغيراً في مقهى بالقرب من مسرح البيكاديللي، فرأيته بوجود صديقي الغالي والمقرّب منه طارق تميم، لأطلب منه وساطة الحديث مع زياد. تحدثت معه، عرّفت عن نفسي بأني شكران مرتجى فلسطينية سورية، فرح جداً حين عرف أنا من أين، لا أنا مَن، كان هذا الأهم، ثم سألني عن دمشق وأخبارها، كان ذلك في ذروة الحرب. قال (خلينا نلتقي)، لم أعرف كيف ومتى، لكنه قالها". وتضيف: "كنت أتمنى لو أنني كنت صديقته، لأتعلم منه الكثير عن الحياة، لو أنني عملت معه في المسرح، رغم معرفتي بأن هذا حلم لم يكن ممكن التحقق".

وتغوص مرتجى في مدى تأثير الراحل وفنّه بها: "ما قاله في أعماله الفنية، جعلني أرى الحياة بطريقة مختلفة، أفهم الفن بطريقة أعمق، وأزداد نضجاً. كان صوتاً للواقع، صوتاً للإنسانية. أعماله جعلتني أخرج من الحالة التي كوّنها الرحابنة، حالة السحر والضيعة والحب المثالي، والتي هي جميلة جداً حتماً، إلى الواقع. هزّني منذ سمعته للمرة الأولى، ما تغنيه السيدة فيروز هو ما نتمناه، ولكن ما قدّمه هو الحقيقة. أثره غير عادي، أثره إنساني بالدرجة الأولى، ثم فني ووجداني".

وتتابع: "رغم أننا لم نكن نراه كثيراً، فهو عوّدنا ذلك، كنا نشعر بالطمأنينة لمجرد الشعور بأنه موجود، وأننا سنراه في أي لحظة، في حديث يجعلنا نرتاح، أو يعبّر عنا، هناك أشياء هو أكثر جرأة بالحديث عنها، نحن لا نستطيع قولها رغم أننا فنانون، هو حر جداً. كنت أنتظره بشوق، كلما تأخر كنت أعرف أنه فقد الأمل، مثلما فقدناه نحن!  في داخلي كنت أعلم أنه حزين جداً أعتقد أننا جميعاً كنا حزينين للأسباب عينها".

وتتوجّه بالعزاء إلى كل من يحبه، ولبنان وسوريا وفلسطين: "أعلم محبته لهذه الأوطان، وأن أحد أسباب قهره هو ما جرى ويجري فيها، وخصوصاً غزة، شعوري يخبرني بأنه فارق الحياة قهراً قبل المرض".

وتختم رغم محاولتها لجم الحزن والعبرة: "كان لدينا أمل بأن يعود إلينا بعمل يردّ لنا شيئاً من الروح، أو أن نرى السيدة فيروز على المسرح لا في جنازة ابنها. الرحابنة ربونا كما أهلنا، شكلوا جزءاً كبيراً من ذاكرتنا وذكرياتنا، وزياد تحديداً الذي استوعبناه في حالة النضج، هو مدرسة بكل شيء، يجعلك تبتسم بوجود الدمعة في العينين، أو تبكي بحضور الضحكة على الثغر، حالة لا تتكرر".

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: