شكوك في حصول زيارة بايدن للخليج

دلالات-وأهداف-زيارة-بايدن-إلى-الشرق-الأوسط-780x470

على الرغم من كثرة التحليلات والتوقعات التي تتناول زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة وتحديدا الى المملكة العربية السعودية بعد إسرائيل ومشاركته في اجتماع قمة مع القادة الخليجيين – وتزاحم التخمينات والسيناريوهات التي ترسم لمثل هذه الزيارة – الا ان ثمة وقائع وظروف – تحملنا على ملاحظة أجواء ضبابية تلف هذه الزيارة وظروف اتمامها – ومنها ما يلي :

أولا : الزيارة دخلت مرحلة التعقيدات – نتيجة تضارب تصريحات الإدارة الأميركية – وانخفاض أسعار الوقود بشكل كبير وقد بلغ سعر برميل النفط الى 104 $ بعدما كان قد وصل الى 120$ اول أيام الحديث عن الزيارة – وقد تحدثت سيتي غروب عن إمكانية انهيار السعر الى 65 $ بنهاية العام 2022 – ما بات يحمل المراقبين على الشك بقوة تهافت الإدارة الأميركية على الزيارة ناهيك عن ضعف الحماسة السعودية في استقبال الرئيس الأميركي الذي تتناقض مواقفه ومواقف ادارته تجاه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وتجاه ملفات حقوق الانسان باستمرار في ظل مواجهة بايدن اعتراضات كبيرة من الديمقراطيين خاصة على لقاء ولي العهد والملك سلمان نفسه .

ثانيا : وفقا لتسريبات منقولة عن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان – ثمة غموض يكتنف اهداف زيارة بايدن بحيث لم تتمكن الرياض الى الان من معرفة اهداف الزيارة الحقيقية وطلبات الرئيس الأميركي – فضلا عن استياء المملكة من تناقضات تصاريح بايدن وادارته كما اشرنا أعلاه والذي اضيف اليها تصاريح تنفي تارة زيارة المملكة للقاء الملك وولي العهد وطورا للقاء الملك دون ولي العهد الى ما هنالك من تصاريح يسهل رصدها من متابعة المواقف الأميركية اليومية .

كل هذا الجو ترافق مع ما سرب عن رفض ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استقبال وزير الخارجية الأميركي انطوني بلينكن للاعداد لزيارة بايدن – حيث جاء رد ولي العهد بتولي التحضير والتنسيق للزيارة على مستوى وزيري خارجية البلدين او السفارة السعودية في واشنطن – ما يثبت ان لم نقل التوتر في العلاقات اقله انعدام الاهتمام بتلك الزيارة مع ارتفاع منسوب انعدام الثقة بالسياسة الأميركية للديمقراطيين ولا سيما إدارة الرئيس بايدن - لدى الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة .

ثالثا : مسألة زيادة انتاج النفط – باتت بدورها مدار تشكيك – في ظل الهبوط في أسعار البرميل وإعلان المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة رفضهما زيادة الإنتاج في هذه المرحلة – والمعلوم ان من الأهداف المعلنة لزيارة بايدن الى الرياض – البحث مع المسؤولين السعوديين في زيادة الإنتاج – لمواجهة الصعود في كلفة البرميل – الامر الذي تبدل مع هبوط السعر كما اسلفنا أعلاه .وقد تولى الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون ابلاغ الرئيس جو بايدن عن رفض المملكة والامارات أي زيادة في الإنتاج – علما ان هبوط سعر برميل النفط يضر بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يضطر الى بيع البرميل بسعر متدني للصين والهند – وهذا بحد ذاته الهدف الاستراتيجي للاميركيين الذي تحقق .

رابعا : اعلان وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان ال سعود بالأمس – عن مشروع مشترك مع الصين لانشاء مجمع بتروكيماويات كبير – في موقف فسربانه اريد منه استباق زيارة بايدن به لايصال رسالة للرئيس الأميركي بان المملكة ومعها دول الخليج ماضية في الانفتاح على الصين وفي ابرام مشاريع تنموية واقتصادية ضخمة – بحيث لن يكون بالإمكان الاستجابة لطلب أميركي بوقف التعامل مع الصينيين والروس .فانطلاقا من مجمل تلك الملاحظات الأولية – يطرح المراقبون السؤال : بانتفاء السبب الأساسي للزيارة الا وهو النفط – مع تراجع أسعار البرميل بما يصب في خانة مطلب بايدن المفترض من الخليجيين لم تعد للزيارة ذات الأهمية التي كانت لتكون عليها لو استمر ارتفاع سعر البرميل – وبطبيعة الحال انخفض مستوى التوقعات بحصول تنازلات أميركية للخليجيين وتعهدات استعادة الثقة والتحالف .فضلا عن ذلك – اذا كانت الغاية من الزيارة محاولة فصل الصين عن الخليج – فهذا الامر دونه عقبات وصعوبات لن يستطيع جو بايدن تجاوزها ولا معالجتها  – خاصة مع تنامي شراكة الصين مع الخليج بشكل كبير بحيث بلغ حجم الاستثمارات الصينية  هذا العام فقط 43 مليار دولار – ما حول الصين الى اكبر شريك تجاري  لتلك الدول من الصعب عليها الاستغناء عنه كرمي عيون الإدارة الديمقراطية المتقلبة في سياساتها ومواقفها تجاه حلفائها التقليديين والضعيفة في مقاربتها الملف الإيراني .في سياق متصل -  نقلت وكالة رويترز - عن المفاوض الأميركي في الملف النووي الإيراني روبيرت مالي موقفا غريبا وفريدا من نوعه – صادر من الجانب الإيراني – اثناء جولة المفاوضات الأخيرة في الدوحة – مفاده ان الإيرانيين طلبوا عدم التفاوض لا مع الاوروبين ولا مع الاميركيين ... بما يبين عدم جدية طهران في السير في مفاوضات جدية بعدما ادركت ضعف الإدارة الديمقراطية الحالية في تصديها لها وفي تحقيق ما تريده طهران – ما دفع بمالي ساخرا الى التساؤل عما اذا كانت تريد طهران التفاوض مع نفسها .والمعلوم انه واثناء الجولة اليتيمة الى الان في الدوحة – عرض الجانب الأميركي على المفاوض الإيراني تخفيض تدريجي زمني مبرمج لتخصيب اليورانيوم في مقابل تخفيف واشنطن للعقوبات على طهران بحسب روبيرت مالي – الا ان الإيرانيين رفضوا العرض – ما دفع بدولة قطر الشقيقة الى بذل مجهود ديبلوماسي مضاعف توج بزيارة وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن ال ثاني الى طهران لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين – وقد ابلغ الإيرانيين الوزير القطري برغبتهم في استمرار التفاوض ملقين على الطرف الأميركي مسؤولية العرقلة.

طبعا ايران تكذب – لتلعب على الوقت – وهي التي وبحسب صحيفة نيويورك تايمز باشرت بالسر في بناء منشأة صناعية تجريبية تحت الأرض قرب مفاعل " نطنز " النووي – وقد تم تشييد هذا المصنع بطريقة تجعله يصمد امام أي خرق او قصف او اعتداء عسكري او حتى سيبراني – الا ان إسرائيل تؤكد سهولة قصف المنشأة – بعكس منشأة "فوردو " التي بنيت في قلب جبل على عمق يصعب قصفه .وبالتالي لدى طهران أجندة مختلفة عما تعلنه من استعداد للتفاوض – وهي تزيد من قدراتها النووية وتصعد من تخصيب اليورانيوم .

في هذا الاطار يتوقع تصعيد الهجمات الإسرائيلية ضد المنشآت النووية الإيرانية وقد سجل منذ ايام انفجار كبير في قاعدة عسكرية إيرانية باسم " باتشي " نتيجة عمل استخباراتي بحسب وكالات اخبار إسرائيلية .على صعيد اخر نقل تلفزيون فرانس 24 في تقرير له – اقتراحا فرنسيا للرئيس ماكرون قدمه لرئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة يائير ليبيد اثناء زيارته الأخيرة الى فرنسا – مفاده العودة الى الاتفاق النووي الذي كان قبل 2018 وليس 2015 – وهو العام الذي فيه انسحب الرئيس دونالد ترامب فيه من الاتفاق – الا ان ليبيد رفض الاقتراح لان إسرائيل لا تريد أي اتفاق نووي مع ايران كما قال .

بالخلاصة – تراجعت شعبية الرئيس جو بايدن لدى الشعب الأميركي بنسبة فاقت 53 % - ومعه تراجع تأثير واشنطن على مجريات الأمور في المنطقة – والضبابية التي اقل ما يقال عنها حاليا – التي تلف زيارة الرئيس الأميركي للمملكة العربية السعودية – تضفي على حصول الزيارة بعض الشكوك – ولكن لا احد يمكنه التأكيد او النفي حتى الساعة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: