صدق الحاج وفيق

BCSOPMUFGE

"القضم" فعل يختصر نهج "حزب الله" على الصعد كافة، أكانت الصعد الوطنية أو المؤسساتية أو حتى داخل بيئته الطائفية. فخلال 40 عاماً، أي منذ بدء تكوّنه لبنانياً مع وصول الحرس الثوري الإيراني الى بعلبك عام 1982، نجح "الحزب" وفق استراتيجة واضحة وأهداف محددة وآليات مُجدية بقضم التمثيل الشيعي النيابي والسياسي، وحتى الخزان الديمغرافي بالترغيب والترهيب وبالمعارك الدموية كأواخر ثمانينيات القرن الماضي مع حركة "أمل" من الليلكي الى إقليم التفاح، أو بالاتفاقات وتوزيع الأدوار والانتقال من المشاركة في الحياة البرلمانية منذ العام 1992 الى المشاركة في السلطة التنفيذية بشكل مباشر عبر تسمية وزراء من كوادره منذ العام 2005 بعد الانسحاب السوري من لبنان.

كذلك، نجح "الحزب" بقضم مواقع في مؤسسات الدولة لمصلحة طائفته، أكان عبر وظائف نوعية ومتقدّمة كمركز مدير عام الأمن العام أو حتى بسيطة ولكن بكميات طاغية عبر تغلغله في الإدارة وتدرّج المحسوبين عليه ليمسكوا بمفاصل عدة. إلا إن توقيع أمينه العام السيد حسن نصرالله تفاهماً مع "التيار الوطني الحر" ورئيسه العماد ميشال عون في 6/2/2006 عُرف بورقة "مار مخايل" شكّل إحدى أبرز المحطات المفصلية في مشروع "الحزب" حيث نجح بتأمين غطاء مسيحي غير مسبوق لمشروعه وسلاحه غير الشرعي.

العلاقة بين الطرفين تخطت بالممارسة ورقة التفاهم هذه والتي نصت على 10 نقاط تبخرت أمام مصلحة كل منهما التي إرتكزت على تغطية "الحزب" وسلاحه مقابل تعبيد طريق عون الى بعبدا و"شراكة الشلش" في عهده. لذا صدق مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في "حزب" الحاج وفيق صفا بقوله لـ "إذاعة النور" في 11/11/2022 إن "العلاقة بين "الحزب" و"التيار" تخطّت موضوع ورقة التفاهم".فالحديث في النقطة الأولى عن أن " *الحوار الوطني* هو السبيل الوحيد لإيجاد الحلول للأزمات التي يتخبط فيها لبنان"، ترجم مرة بالتنصّل من الاستمرار بحضور طاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس نبيه بري من جراء إشعال حرب تموز عام 2006 وصولاً الى غزوة بيروت في 7 أيار عام 2008، ثم بالانقلاب على إتفاقية الدوحة وطاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس ميشال سليمان يومها وأفضت الى "إعلان بعبدا" عبر التنكّر له من جهة، وإنقلاب "القمصان السود" عام 2011 وقطع One way ticket للرئيس سعد الحريري فيما كان يدخل البيت الابيض.

*الديموقراطية التوافقية* ضُرب مفهومها كعامل مطمئن للمكونات المجتمعية المختلفة في المفاصل الكبرى حيث تحوّلت الى ديموقراطية تعطيلية خدمةً لمصالح فئوية. أما قانون الانتخاب المعمول به اليوم، والذي عُرف بقانون "جورج عدوان"، فتمّ تمريره في لحظة سياسية وتقاطع "قواتي - عوني" ولم يكن من ثمار تفاهم "التيار" و"الحزب" بعدما إستدعت ولادة هذا القانون سنوات عدة وتأجيل الانتخابات.في " *بناء دولة عصرية*، تعتمد معايير العدالة والتكافؤ والجدارة والنزاهة والقضاء العادل والنزيه والمتمتّع بالاستقلالية التامة ومعالجة الفساد من جذوره"، فحدث ولا حرج. القضاء إنتهكت حرمته من تعيينات عطّلها عون و"تمنيات" مستشاره "السلطان سليم" جريصاتي، الى إقتحام صفا قصر العدل وتهديد القاضي طارق البيطار جَهاراً. "التيار" يتهم "الحزب" بتغطية الفاسدين وإعاقة مسيرة "الاصلاح والتغيير".

"الوقفة المسؤولة" لمعالجة ملف المفقودين خلال الحرب و"إنهاء هذا الوضع الشاذ وتريح الأهالي" بقيت حبراً على ورق مع "وقف التنفيذ".لم يختلف الأمر حول نقطة "اللبنانيين في إسرائيل"، فالحديث عن "عمل حثيث من أجل عودتهم الى وطنهم آخذين بعين الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع" وتوجيه النداء لهم "بالعودة السريعة الى وطنهم" إنتهت مفاعيله بإنتهاء اللقاء في قاعة كنيسة "مار مخايل" ولم يقدِمَا على أي خطوة جدية.في "المسألة الأمنية"، تواصل الاغتيال السياسي، أما ما تضمنه نص البند من "إننا بقدر ما ندين عملية اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وما سبقها وما تلاها من عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال وصولاً الى اغتيال النائب جبران التويني، نشدّد على أهمية استمرار التحقيق وفق الآليات المقررة رسمياً وصولاً الى معرفة الحقيقة فيها"، فسقط عبر تمنع "الحزب" عن تسليم قتلة الحريري الذين أصدرت المحكمة الدولية أحكاماً في حقهم، أي عنيسي ورفاقه من كوادر الحزب، واعتبار نصرالله أنهم "أشرف الناس" أو تسليم محمود حايك الذي حاول اغتيال الوزير بطرس حرب أو غيرهم.

في مسألة إقامة علاقات لبنانية - سورية "سويّةً" وصحيحة تقتضي مراجعة التجربة السابقة باستخلاص ما يلزم من العبر والدروس"، اتخاذ الخطوات لـ"تثبيت لبنانية مزارع شبعا وتقديمها الى الأمم المتحدة"، "ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا"، مطالبة الدولة السورية بالتعاون الكامل مع الدولة اللبنانية من أجل كشف مصير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، فكلها أمور لم تنفّذ. إستفاق عون على الترسيم في الأسبوع الأخير من عهده بحثاً عن "إنجاز"، فجاءه الرد الصاعق بتطيير الأسد موعد اللقاء. أما النقطة الوحيدة التي نُفذت في هذا البند فهي "إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين" من جراء ضغوط دولية وداخلية كبيرة.في العلاقات اللبنانية - الفلسطينية، لم يعالج الملف الفلسطيني والسلاح خارج المخيمات فيما الوضع الاجتماعي للفلسطينيين كان الى مزيد من التدهور. أما الرفض فترجم بمراسيم خاصة وقّعها عون لتجنيس عدد من الفلسطينيين.

النقطة العاشرة التي تحدثت عن "حماية لبنان وصيانة استقلاله وسيادته" ومقاربة سلاح "حزب الله" وصياغة استراتيجية دفاع وطني، ترجمت مزيداً من "عنجهية السلاح" وتلكؤ "الحزب" عن تقديم ورقة لرؤيته للاستراتيجية الدفاعية كما فعل باقي المشاركين في طاولة الحوار وإنتهاكاً للسيادة عبر الحدود السائبة مع سوريا أو عبر "مسيّرات" "غب الطلب" وفق مصالح "الدويلة" ومن دون معرفة الدولة.

صدق الحاج وفيق وكلامه أكثر من دقيق...

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: