من الواضح أن هناك محاولة ممنهجة من أجل تكريس واقع تشريعي في المجلس النيابي، لا يأخذ في الإعتبار كلّ ما يحصل من انهيارات في البلاد وأزمات متلاحقة، تفترض إعلان حال الطوارىء على كل المستويات، انطلاقاً من المستوى المالي، من خلال إقرار كل التشريعات الإصلاحية التي يشترطها صندوق النقد الدولي لتوقيع برنامج دعم وتمويل مع الحكومة اللبنانية.
وفي هذا المجال يعتبر احد النواب في كتلةٍ معارضة، إن ما يحصل في مجلس النواب، هو محاولة لفرملة أية قوانين وتشريعات ذات طابعٍ إصلاحي وذلك من خلال عملية التفافٍ واضحة على مضمون أي قانون، كما هي الحال بالنسبة للتعديلات التي تمّ إدخالها على قانون السرية المصرفية، والتي لم يوافق عليها صندوق النقد بحسب الصيغة النهائية التي صدر بها القانون، والذي رفض رئيس الجمهورية ميشال عون توقيعه.
وعلى الرغم من أن الجميع يدرك ضرورة التشريع في هذه المرحلة الدقيقة، وخصوصاً بالنسبة للقوانين الأساسية المتعلقة بشروط صندوق النقد التي طلبها من الحكومة من أجل الموافقة على دعم لبنان، فإن النائب المعارض، يلفت إلى أن قانون السرية المصرفية قد تمّ تفريغه من محتواه وهدفه الأساسي، وكذلك بالنسبة لقوانين أخرى ما زالت قيد الدرس والنقاش كقانون الكابيتال كونترول على سبيل المثال.
ووبالتالي، فإن قدرة المجلس على إقرار التشريعات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، ليست واضحة وفق النائب المعارض، الذي لم يرَ في وتيرة العمل الحالية، وحجم الجدّية المعطاة، أو حتى الجهد المبذول للبتّ بالتشريعات الإصلاحية، أي مؤشّر على أن هناك قدرة على الإلتزام بما طلبه الصندوق، فما حصل بالنسبة لقانون السرّية المصرفية من خلال شطب عبارات وإعطاء صلاحيات واسعة للمدعي العام المالي، قد شكّل ضربة كبيرة للقانون وأدّى إلى إضعافه، وهذه الشروط غير كافية لصندوق النقد، وتعبّر عن محاولة من المنظومة من أجل التذاكي على الصندوق، والذي اعتبره ناقصاً، مع العلم أن هذا القانون هو أولوية وحاجة، ليس فقط من أجل صندوق النقد، بل من أجل إعادة الثقة بالقطاع المصرفي وتكريس الشفافية في المعاملات المصرفية.
