لطالما اعتُبِر لبنان وجهة مميزة للمهرجانات في الشرق الأوسط، ولطالما كان يستقطب العديد من الزوار خصوصاً لحضور المهرجانات الدولية السنوية التي تجذب السياح والمحليين على حد سواء، وهذا الصيف تعود المهرجانات الموسمية في أغلب المناطق لتستقطب الكثير من محبي لبنان الذين انقطعوا عنه في السنوات الأخيرة الماضية من جراء الأزمات التي عصفت بالبلد، ومع افتتاح مهرجانات بعلبك بالأمس، يمكننا القول إن موسم المهرجانات قد عاد.
وفي هذا السياق، اعتبر الناقد والمتابع الفني بيار البايع في حديث لموقع LebTalks أن "للمهرجانات تأثير كبير على الواقع الإقتصادي في لبنان، ولا شك في أنها تحرّك العجلة الإقتصادية في كل المناطق اللبنانية خصوصاً المهرجانات الدولية، فمثلاً مهرجانات بعلبك ومنذ أن انطلقت مجدّداً بعد انتهاء الحرب الأهلية، تجذب السياح العرب والأجانب والمغتربين كما المقيمين الذين ينتظرونها لأنها باتت مقصداً موسمياً لهم، إضافة الى "أبناء البلد" الذين يقصدونها من مناطق بعيدة ليزوروا مقاهيها والمطاعم والفنادق وغيرها من الأماكن التي لها تأثير فعلي على الإقتصاد اللبناني، ما يحرّك العجلة الاقتصادية، هذا بالإضافة إلى فترة التحضيرات التي تُشغّل الكثير من اليد العاملة اللبنانية".
وأضاف البايع: "بعلبك قاومت الأحداث الأمنية التي حصلت فيها وفي محيطها، وقاومت جائحة كورونا إذ حتّى حين أقفلت البلاد عام 2020 كان لبعلبك عمل كبير جداً تحت عنوان "صوت الصمود"، والذي نقلته أهم القنوات العالمية وشاهده الملايين من الناس عبر اليوتيوب، وعام 2021 أيضاً تم تقديم عمل فني بجمهور إفتراضيّ أعطى مجالاً كبيراً للشباب اللبناني لإثبات مواهبه في هذا المهرجان، ما يعني أن مهرجانات بعلبك لم تتوقف، وهي لطالما كانت "أم المهرجانات" ومن أعرقها إن لم نقل أعرقها في الشرق الأوسط، مع الإشارة الى أن هذه المهرجانات انطلقت عام 1956 في عهد الرئيس كميل شمعون، لتتوالى بعدها العروض الفنية المحلية والأجنبية، فلا يمكن المرور ببعلبك من دون أن نتذكر ترداد صدى أصوات عمالقة الفن اللبناني مثل فيروز وصباح ووديع الصافي ونصري شمس الدين وجوزيف عازار وغيرهم من كبار زمن الفن الجميل والعريق العابق في حنايا القلعة، كل هذه الأمور تجعل من هذه المهرجانات محطة ثابتة في صيفية لبنان".
البايع أشار في السياق ذاته الى أنه "على الرغم من أن مهرجانات أخرى توقفت لأسباب كثيرة منها الوضع الاقتصادي ولكن العديد منها عاد هذا العام ليستأنف نشاطه الصيفي، ما يعني أن الحركة الفنية اللبنانية عائدة، وما يُثبت أن اللبناني يريد العيش والحياة، ولا توقفه الظروف ولا الصعوبات، لا بالحرب ولا بالسلم، وهذه طبيعة الشعب اللبناني الذي يخرج من تحت الأنقاض ومن بين الركام أقوى وأجمل، وهذا ما حصل في الماضي ويحصل اليوم وحتماً سيحصل في المستقبل".