إذا كان من المبكر الدخول في أية تفاصيل متعلقة بالمشهد الإنتخابي المرتقب في طرابلس في الإستحقاق النيابي في العام 2022، فمن الثابت ومنذ اليوم ، أن عاصمة الشمال ستكون من أكثر المدن تأثيراً في تحديد اللوحة السياسية على مستوى لبنان كله في مرحلة ما بعد الإنتخابات النيابية في آذار المقبل.الاّ أن المعركة الانتخابية لم تبدأ بعد داخل شوارع المدينة، فلا هوية المرشحين بدأت تنضج، ولا الشعارات والتحالفات الإنتخابية، خصوصاً وأن الموعد الانتخابي لا يزال بعيداً، والأمور مرشحة الى مزيد من الاخذ والردّ، لا سيما عقب ما جرى في السنوات الاخيرة إن لناحية الحراك الشعبي الأوسع في 17 تشرين الأول 2019، أو انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وما تخلل هذه الفترة الاستثنائية من انهيار لليرة، وحجز لأموال المودعين، وشح المواد الأساسية، ورفع الدعم عن المحروقات، وسحق خطير للطبقات الشعبية إلى أن طال الفقر أكثر من 75% من السكان، وفق تقديرات دولية. بعودة سريعة الى انتخابات العام 2018 بلغ عدد الناخبين في لوائح الشطب في طرابلس وحدها 237,330 ناخباً، اقترع منهم 94,047، أي ما نسبته 39.63%، وهي نسبة منخفضة. وبجولة سريعة على الاحزاب التي من الممكن ان تشكل لوائح إنتخابية، تتكتم أوساط الرئيس نجيب ميقاتي من تيار "العزم" عن كشف التحضيرات لانتخابات 2022، تماشيًا مع تحفظ رئيس الحكومة عن تحديد مصير ترشيحه. وتقول مصادر مقربة منه: "الموسم الانتخابي لدينا لم يبدأ بعد، ومن المبكر الحديث عن الانتخابات قبل نحو 6 أشهر من موعدها". وفي كلتا الحالتين، سيكون لميقاتي لائحة، من دون أن تتضح بعد ملامح الشخصيات وتحالفاتها، لا سيما مع النائب السابق سليمان فرنجية.إنما يبقى اسم نقولا نحاس (روم أرثوذكس)وعلي درويش (علوي) ونجل جان عبيد (ماروني) من الاسماء شبه العائدة على لائحة ميقاتي.في المقابل، يولي سعد الحريري أهمية كبيرة للانتخابات. وتشكل تحديًا كبيرًا لتياره السياسي، خصوصاً بعد 9 أشهر من مساعي تشكيل حكومة برئاسته باءت بالفشل. وعليه، تبدو الانتخابات، وتحديدًا في طرابلس حيث يرتكز الثقل السنّي، مفصلًا في مسار حياته السياسية، وهو بدأ اتصالاته وتحركه لجس نبض الشارع، سواء عبر مفاتيحه الانتخابية في الأحياء الشعبية، أو عبر التواصل مع جماعات وتيارات أخرى، لبحث سبل التوافق والتحالف. ومن المرجح أن يعزف النائب محمد كبارة عن الترشح، مقابل ترشيح نجله كريم كبارة، وهو يعمل على تحضيره للنيابة منذ سنوات. وكذلك النائب سمير الجسر قد يُرشح نجله غسان الجسر بدلاً منه. أما محمد الصفدي، الوزير والنائب السابق، فلا هو مرشح شخصياً ولا وجوه من قبله، إلا أن مسألة دعمه لائحة المستقبل فشبه محسومة.وفي سياق موازٍ تنشط "القوات اللبنانية" ومنذ أشهر في العمل على الساحة الشمالية استعداداً للإستحقاق، وفي ظل عنوان أساسي يقضي بتأمين حاصلٍ إنتخابي يؤمن فوز مرشحها إيلي الخوري، وهو أول مرشح ماروني ابن طرابلس،ولهذه الغاية بدأت جولة مشاورات مع النائب السابق مصباح الأحدب وشخصيات سياسية في طرابلس كالوزير السابق اشرف ريفي، على أن تقوم "القوات" بمبادرة مصالحة بين ريفي والأحدب، وتشكيل تحالف إنتخابي يضمّهما ومرشحها الخوري، الذي نسج علاقات طيبة مع كل شرائح المجتمع الطرابلسي في موازاة علاقاته العربية والاقليمية والدولية.وفي حين ينشط النائب فيصل كرامي على نطاق واسع، سواء عبر سفره إلى الخارج وسعيه لتحسين علاقاته، وتحديدًا مع الجانب التركي، أو لجهة لقاءاته الشعبية المستمرة، يتوجه الوزير السابق أشرف ريفي للاعتكاف عن الترشح والإكتفاء بدعم لائحة. ويبرز في هذا السياق المغترب "المثير للجدل" في مواقفه عمر حرفوش، إذ تتحدث مصادر موثوقة عن تفاهم اولي بينه وبين ريفي يقوم فيها الاول بدعم لائحة الثاني.أما الجماعة الإسلامية، فغالباً ستخوض الانتخابات، كما تعودت، حتى لو كانت حظوظ نجاحها وشعبيتها محدودة للغاية، والأمر عينه ينطبق على "الأحباش" (جمعية المشاريع) في طرابلس. وقد يلجأ كلاهما، إلى التحالف مع لوائح وازنة وترشيح شخصيات تمثلهم فيها. في المقابل، لم تتضح في طرابلس طبيعة خوض المجتمع المدني للاستحقاق الانتخابي. ويرى البعض أن القوى الممثلة له تأخرت في تقديم نفسها وبرنامجها، قياسًا للفترة الزمنية بعد انتفاضة 17 تشرين، حيث يجري العمل على لائحة تضمّ مجموعات صغيرة في الثورة ويديرها القيادي السابق في تيار المستقبل عميد حمود بالتحالف مع منتديات نبيل الحلبي ومجموعات أخرى ك"نقابيون أحرار" و"شباب لطرابلس" و"حجر وبشر".
