مما لا شك فيه أن القضاء اللبناني يمر بانتكاسات وقرارات قضائية مختلفة ما يلقي نوعاً من الضبابية على المشهد العام و يؤدي إلى ضعف مؤسسات الدولة وبالتالي ضعف هيبة القضاء والدولة.
وفيما تنص المادة 20 من الدستور اللبناني على دستورية السلطة القضائية أي على استقلاليتها أسوة بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن الواقع العملي السائد مخزٍ ومعيب ومسيء لمضمون هذه المادة من الدستور، والممارسة اليومية تهتك وباستمرار هذه الإستقلالية، حيث النحر المستدام والمتواصل، حتى بتنا نرى تجويفاً للإستقلالية المرجوة من مفهومها الحقيقي…
وفي هذا السياق يقدم خبير دستوري لـ lebtalks قراءةً واقعية في قرار القاضي فادي عقيقي الصادر بالأمس ختم التحقيق في قضية احداث الطيونة، بعد تخلف رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع ، عن حضوره الى مقر مخابرات الجيش في اليرزة ، ويؤكد الخبير في قراءته أنه " من الثابت أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، طلب من مديرية المخابرات إقفال محضر التحقيق وإرساله اياه ؛ وبالتالي واليوم، فإن الرئيس عقيقي أمام حل من اثنين، إما أن يضم هذا المحضر الى ملف التحقيق الذي بات اليوم بعهدة الرئيس فادي صوان بصفته قاضي تحقيق عسكري اول، وإما ان يدعي على الدكتور جعجع وأن يلحق ادعاءه مع الادعاء الذي سبق أن ادعى به على 68 شخص في ملف احداث الطيونة"
ويوضح الخبير الدستوري أن الكرة في مرمى القاضي عقيقي لناحية إتخاذ الموقف المناسب حيال هذا المحضر ، على أن تصبح القضية بعدها بعهدة الرئيس صوان لاستكمال التحقيقات وصولا الى الحقيقة " .
ويبدي الخبير الدستوري أسفه بأن القضاء بات اليوم ضحية السياسيين والعمل السياسي، حيث أن استدعاء الدكتور جعجع بشكل مستقل ومنفرد عن باقي القيادات الحزبية، والتي كان لها وجود في احداث الطيونة، يظهر وبشكل واضح ان القضاء يستعمل كمطية من اجل اهداف سياسية، لا اكثر ولا اقل، فيما المفترض تجنيب القضاء أي خضة أو أي امتحان بهذا الخصوص، حتى نتمكن من بناء دولة المؤسسات ودولة القانون.