يواصل فريق الممانعة محاولاته لكسب الوقت عبر دعواته المتكرّرة لحوار "فولكلوري" يقطع الطريق على تطبيق الدستور وإنتخاب رئيس للجمهورية، علّه يستطيع إعادة الحياة الى ترشيح مرشح "الثنائي" سليمان فرنجية الذي أصبح في حال "موت سريري" رئاسياً بعد سقوط المبادرة الفرنسية وفشّل الرهان على أي دعم عربي والاهم النجاح داخلياً في تشكيل جبهة رفض وازنة نيابياً وسياسياً وشعبياً في وجهه عبر التقاطع بين المعارضة و"التيار الوطني الحر".
فبعد أن رمى رئيس مجلس النواب نبيه بري كرة الحوار في أحضان بكركي، معلناً انه أصبح طرفاً عبر ترشيحه فرنجية وداعياً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى قيادة الحوار، كان أمس اوضح ردَ للراعي على هذا الفخ حيث وضع الاصبع على الجرح بقوله "لم يتمكنوا من الجلوس معا والتحاور وهم يقولون مسبقاً ان القضايا الخلافية لا نتحدث عنها، اذا على ماذا نتحاور؟". فكرّر البطريرك دعوته الى "عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يطرح القضايا الأساسية وذلك بسبب عجز المسؤولين اللبنانيين عن التحاور لإيجاد حل لبلد يتفتت وشعب يهاجر".
إلا أن الرّد أتى سريعاً كالعادة من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان بقوله: "لبنان جمهورية وليس جمهوريات، واستنقاذه لا يكون عبر بارود التدويل… الحل الوطني يمرّ بالحوار الوطني فقط، والمجلس النيابي طبّاخ تسويات وطنية وضامن سيادة وميثاقية وليس آلة عدّ أصوات، والتدويل إعلان وصاية ولا وصاية على لبنان، والمواقع الدستورية ملك الشعب اللبناني الذي ارتضى لنفسه نوعاً من ميثاقية تراعي الطوائف لكنها لا تحوّل الطوائف الى شعوب، ولا تعطي القوى السياسية أقاليم ودويلات، ومركزية الدولة ضرورة وجودية للبنان، ومتاريس التجربة اللبنانية دليل صارخ على ذلك، والقيادات الروحية والسياسية مطالبة بتأكيد العائلة اللبنانية لا العائلة الطائفية، وإن أسوأ الكوارث اللبنانية انتهت بالحوار، وهذا ما عليه سيرة العقلاء".
عن أي جمهورية يتحدث قبلان و"الثنائي" بممارساته جعل لبنان أسوأ من "جمهوريات الموز" وخلق له عدوات مع محيطه العربي والخليحي تحديداً وحوّله الى دولة مخطوفة من قبل دويلة؟!
عن أي "حوار وطني" يتحدث، عن حوار العام 2006 حين وعد امين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله اللبنانيين بصيف هادئ ومزدهر، فكانت حرب تموز حرب "لو كنت أعلم"؟! أم عن الحوار في زمن الرئيس ميشال سليمان والذي أفضى الى "إعلان بعبدا" الذي إنقلب عليه "الحزب" بعد أسابيع على لسان رئيس كتلته النائب محمد رعد الذي قال "بلّوا وشربوا ميتو"؟!
عن أي تدويل يتحدّث عن التدويل في "الطائف"؟! أما التدويل في إتفاق "الدوحة" الذي دفع اليه "حزب الله" جراء إستباحته بيروت في "غزوة 7 أيار"؟! أما التدويل عبر موافقته على القرار 1701؟! يتحدّث عن بارود التدويل وعن أن "التدويل إعلان وصاية ولا وصاية على لبنان" وماذا عن البارود الفعلي والمئة الف صاروخ ومئة الف مقاتل؟! ماذا عن وصاية "عنجهية السلاح" على قرار الحرب والسلام وسياسة لبنان الخارجية وأصغر تفاصيل في سياساته الداخلية؟!
عن أي "تسويات وطنية" يطبخها مجلس النواب برئاسة نبيه بري؟ عن إنتهاك القانون الداخلي للمجلس ومزاجية رئيسه بتحديد الجلسات وتحديد "المعجّل المكرّر" من القوانين المقدمة و"مهزلة" التصديق على المحاضر قبل الانتهاء من تلاوتها؟! يقول إن "المجلس ليس آلة عدّ أصوات"، لكنّ عد الاصوات في صلب العملية الديمقراطية وعمل المجلس. أما الاستخفاف بصوت من هنا او هناك كما فعل بري في جلسة الانتخاب الاخيرة فهو إستخفاف بالاف الاصوات التي أوصلت صاحب الصوت الى ساحة النجمة.
عن أي تجربة يتحدث بقوله "مركزية الدولة ضرورة وجودية للبنان"؟! المركزية التي تشلّ عمل المؤسسات وتعيق كل المعاملات وتعرقل الانماء في الاطراف؟! وفق اي منهج علمي في السياسة يربط المركزية بالوجود؟! هل دعوته هذه لتكريس الانقلاب الذي يمارسه "الثنائي" على الطائف الذي ينصّ على اللامركزية الادارية الموسّعة؟!
يختم قبلان بـ"مطالبة القيادات الروحية والسياسية بتأكيد العائلة اللبنانية لا العائلة الطائفية"… من يرفض ان تكون المواطنة والقانون سقف العائلة اللبنانية ويعيق تعزيز مدنية الدولة وتمدّنها عبر توحيد الاحوال الشخصية من خلال زواج مدني الزامي وقانون الارث وغيره ومنع زواج القاصرات ومحاسبة اي إغتصاب زوجي، كيف له أن يزايد بالعائلة اللبنانية وينتقد العائلة الطائفية؟! يبدو أن عنجهية فائض القوة لدى "الثنائي" تصيب حتى رجال الدين…