في قول للعميد الدكتور علي عواد في كتابه "الإعلام والرأي" ضمن فصل تعريف وتقسيم أنواع الرأي العام من ناحية الثقافة والتأثير : "كما يقود الزعيم شعبه نحو التقدم والترقي، كذلك قد يدفعه إلى هاوية الضياع والدمار والتفتت، عندما يرتهن لوصايةٍ ما ... أو لمآربه ومصالحه الشخصية".
من هذا المنطلق نأتي بالتعليق على إطلالة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، والذي إستكمل فيه إتهامه ل "أخوانه" في لبنان، كما يدعيّ الوصف، بأنهم عملاء "للشيطان الأكبر"، ومرتهنين لقرارات أميركا ودول الخليج، واضعا نفسه وحزبه في الإطار الوطني المنتمي كليا إلى لبنان. من دون الدخول في تفاصيل هذا الإدعاء الذي لا يمت للحقيقة بصلة، إذ أن لبنان والعالم يعلم ما يمثل حزب الله لإيران من ذراع تنفذ فيه وعبره ومنه وخلاله أجنداتها الإقليمية.إلا أن ما قاله نصرالله بالأمس يتطلب الوقوف عنده إنطلاقا من القول المقتبس أعلاه، فقبل ثلاثة أيام من اطلالة نصرالله، كان قد وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الى موسكو على رأس وفد، وجرت والرئيس الروسي فلاديمير بوتين مباحثات ثنائية متعلقة بالأزمة الروسية- الأوكرانية، وفق معلومات بأن "وساطة إسرائيلية" قد بدأت لوقف الحرب والطرفين قد قدموا " الشكر للشركاء الدوليين على الجهود المقدمة"، في المقابل يدافع "سيّد المقاومة" عن روسيا متهما واشنطن بأنها من تستهدف مدنيين في الأساس متسائلا :" واشنطن تدعو روسيا إلى عدم استهداف المدنيين؟، فماذا تقول عن ضحايا الحروب الأميركية؟ وماذا عن مجازر الصهاينة في فلسطين منذ أكثر من 70 عاماً؟، ماذا عن حصار غزة؟ ماذا عن مجازر العدوان السعودي الأميركي في اليمن؟، وماذا عن الحصار عليه؟" يضيف منددا "العالم كله ساكت، لأن هؤلاء لا ينتمون إلى عالم الرجل الأبيض، وحتى من ينتمي إلى عالم الرجل الأبيض هو سلعة وأداة عند الأميركي".
هو الضياع والدمار والتفتت الذي يُدخل نصرالله مناصريه فيه، ويحاول من خلال قياس الملفات بمكيالين مختلفين تماما، خصوصا عندما يأتي الحديث عند حلفاء من ينتمي إليهم، فلماذا لا يسأل نصرالله الرئيس بوتين أيضا كل تلك الأسئلة؟ أليس هو أيضا دولة من الدول "الصديقة" للإحتلال؟ أم أن المآرب الشخصية والارتهانات الخارجية تعمي إحدى العينين وتجبرك على القراءة بواحدة منهم فقط؟!