العارفون بزواريب السياسة وأهلها في لبنان كانوا يدركون مسبقاً أن الجلسة التي خُصصت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية حول مسألة تشكيل الحكومة الجديدة تندرج في إطار ” لزوم ما لا يلزم”، لأن أستاذ البرلمان أبرع من أن “يحشره” نص دستوري، هو الذي إعتاد على تدوير الزوايا وإخراج الأرانب من الكِم والقبعة على مدى ثلاثة عقود تحت قبة البرلمان.
الرئيس بري نسج “تخريجة” إرتكزت الى مبدأ فصل السلطات “وتعاونها حتى لا تطغى سلطة على أخرى”كما ورد في جوابه على رسالة رئيس الجمهورية، أي بمعنى أوضح أعاد الكرة الى مرماها الأول فأصاب مقتلاً.
لم يكتفِ بري بذلك، إنما إستنجد بمبدأ “الحياد” فنسج منه ثوباً على قياس البرلمان، عندما أشار الى أنه “حرصاً من المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الإستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة إقتصادياً ومالياً وإجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات، يؤكد المجلس على ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلّف للوصول سريعاً الى تشكيل حكومة جديدة بالإتفاق مع رئيس الجمهورية” وفق ما ورد حرفياً في الرد على الرسالة…..إنها أرانب الرئيس بري التي لا تعد ولا تحصى….