عن ملكية الأراضي في القرنة السوداء… وترسيم الحدود بدم الشهداء

WhatsApp Image 2023-07-03 at 1.04.27 PM

حادثة أمنية خطيرة حصلت في القرنة السوداء في عطلة الأسبوع الماضي ، وأدت إلى سقوط ضحيتين من بشري هما هيثم ومالك طوق، ووضعت المنطقة على حافة الغليان. فمَن هي الجهة التي حملت السلاح ومَن تجرّأ على القتل، علماً أن التحقيقات مستمرة والمطلوب جلاء الحقيقة؟
أسئلة عدة تطرح نفسها بشكل بديهي حول مَن يريد إحداث فتنة طائفية حذّرت منها كل فاعليات المنطقة الروحية والسياسية، في ضوء ما هو متداول في المنطقة عن وجود أطراف تابعة لجهة سياسية معينة، وتدور في فلك "حزب الله" ولو أنها تنتمي إلى الطائفة السنّية، بمعنى أنها تقترب من أن تكون سَريةً من "سرايا" الحزب في الشمال؟ ومن هم أصحاب الأرض الأصليون في القرنة السوداء؟

منذ السبت الماضي، يتمّ تداول معلومات متناقضة عن الحادثة وأخبار مغلوطة أوردت أن شهود عيان أفادوا بأن المجموعة التي كان من ضمنها هيثم طوق قد تعرّضت لإطلاق نار من مسلحين ومن مسافة قريبة، بالتوازي مع
تسريب أخبار غير دقيقة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، وهو ما يقتضي التروي والحذر قبل إطلاق الأحكام والحسم حول الرواية الحقيقية لما حصل، مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي ينشب فيها نزاع حول جرّ المياه في القرنة السوداء بين أهالي بقاعصفرين وبشري.

القرنة السوداء في المتصرفية

القصة ليست طارئة والنزاع العقاري بين البلدتين عمره سنوات ويتجدّد سنويّاً على تقاسم المياه، لكن مصادر مواكبة أكدت أن "غياب الدولة وتراجع هيبتها لصالح الدويلة أبقى ملف النزاع مفتوحاً لاستغلاله في اللعبة السياسية والطائفية".

وعليه، فإن الباحثين التاريخيين يؤكدون وبشك موضوعي وبالوثائق التاريخية، أن القرنة السوداء كانت موجودة ضمن حدود متصرفية جبل لبنان فيما بقاعصفرين كانت خارج المتصرفية حسب ما تظهره خريطة جبل لبنان القديم"،
وبالتالي فإن هذه الوثائق هي دليل على "ملكية الموارنة تاريخيّاً للأرض"، و "لا تُعتبر أراضٍ متنازع عليها انما هناك تعدّ على عقارات بالقوة".

ووفق الوثائق، فإنه وحتى ما قبل العام 1282، "كان الموارنة وعشائر الشيعة يتمركزون في تلك المنطقة، حسب الكتب التاريخية، وحين أتى المماليك- السنّة، تراجع الشيعة نحو البقاع فيما المسيحيون صمدوا في الأرض وبقوا فيها."

عدا عن ذلك، القمة السوداء في الأصل هي قمّة الشهداء كما هو مذكور في كتاب "سنة الشهادة والشهداء" الصادر عن بكركي سنة 2017 حيث ذُكر إسم أعلى قمة في لبنان وهي "قرنت دسهده" وتلفظ “korne D sode” باللغة الكنعانية السريانية وتعني بالعربية قمة الشهداء لا القرنة السوداء، إنما جرى تعريبها واستخدام الأحرف نفسها لتغيير معنى الإسم.

ولذا ، من المفيد الإشارة إلى خلفيات عدم حسم هذا النزاع طيلة السنوات الماضية وترسيم الحدود بالرغم من المناشدات المتكررة لأهالي بشري ونوابها ولقيادة "القوات اللبنانية"، حيث كانت النائب ستريدا جعجع، تركّز في مناسبات ومحطات عدة على أولوية حسم هذا الملف وتطبيق القوانين ليس أكثر أو أقل؟

الأكيد أن أهالي بشري ملتزمون بالقانون ولذلك وحتى البتّ بملف النزاع، فإنه من الضروري أن تتولى الأجهزة الأمنية والقضائية مسؤولية الواقع الميداني في القرنة السوداء وفي أماكن عدة مماثلة على طول مساحة الوطن وهي تشهد بين وقت وآخر ترسيماً مؤلماً بدم الشهادة.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: