عهد التميمي.. المناضلة التي تحولت إلى أيقونة وطنية في فلسطين

faa42080f6c164120636d8d9c403ace294

من هي عهد باسم التميمي؟ هي فتاة فلسطينية شابة اشتهرت على الصعيدين الوطني والدولي بسبب نضالها ضد الاحتلال الإسرائيلي أثناء تحديها لجنود من الجيش الإسرائيلي الذين اعتدوا عليها وعلى والدتها الناشطة ناريمان التميمي في مسيرة سلمية مناهضة للاستيطان في قرية النبي صالح مكان ولادتها، الواقعة غرب رام الله، في آب (أغسطس) 2012، وذلك في مشهد تناقلته وسائل إعلام عالمية.
أصبحت مشهورة عالميًا بعدما تم تصويرها وهي تتصدى لجنود إسرائيليين في محاولة لإخراجهم خارج منزل عائلتها. وقد بيّن فيديو تم تداوله على نطاقٍ واسع صفعها لجنديين مسلحين، ما أدى إلى اعتقالها فجر ذلك اليوم من منزلها.
منذ طفولتها عُرفت عهد بين أقرانها أنّها دائمة التصدي والتحدي لجيش الاحتلال في اعتداءاته على عائلتها وجيرانها، إذ تمكنت ووالدتها من تخليص شقيقها محمد من يد قوات الاحتلال التي حاولت اعتقاله، وقد التقطت كاميرات الإعلام ذلك الموقف.
شاركت عهد منذ عمر الرابعة مع والديها في العديد من المسيرات والمظاهرات رفضًا للسياسات التي تفرضها السلطات الإسرائيلية ضد منطقتها، وذكرت أنها كانت تؤمن بما تفعل تمامًا، وترى أنّ الخروج في المسيرات المناهضة للسياسات الإسرائيلية حافز للناس للاستمرار في النضال. ومن ضمن ذلك كانت لا تتخلى عن المشاركة في المسيرة الأسبوعية كل يوم جمعة في قرية النبي صالح، رافعةَ شعار «اخرجوا من أرضنا.. فهذه الأرض ليست لكم»، وكانت تتمنى دائمًا أن تدرس القانون لتصبح محامية لتدافع عن وطنها وأهلها وشعبها.

عهد التميمي أصبحت معروفة بسبب نضالها ضد الإحتلال الإسرائيلي والأحداث الهامة في حياتها تتعلق بنشاطها السياسي والاجتماعي.
بعض الأحداث البارزة في حياة عهد التميمي:
حادثة تواجه الجندي الإسرائيلي (2017): في ديسمبر 2017، تم تصوير عهد التميمي وهي تتصدى لجندي إسرائيلي في محاولة لطرده من منزل عائلتها في القرية الفلسطينية نبي صالح. هذا الحادث أصبح مشهورًا على نطاق واسع وجذب اهتمامًا دوليًا.
إصابتها: قبل اعتقالها تعرضت عهد للإصابة 3 مرات برصاص الاحتلال المطاطي، وتعرضت لكسر بيدها، لكنها واصلت الدفاع عن نفسها وأهلها والصراخ في وجه الجنود الإسرائيليين لطلب حقها
الاعتقال (2017): بعد الحادثة، تم اعتقال عهد التميمي ووالدتها بتهم تحريض ومقاومة. أقدمت أكثر من عشرين دورية إسرائيلية على اعتقال عهد في ساعةٍ متأخرة من ليلة الثامن عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) 2017 في قرية النبي صالح قرب مدينة رام الله المحتلة. وكانت القوات الإسرائيلية التي اقتحمت المنزل وإستولت على عددٍ من أجهزة الحاسوب والهواتف المحمولة، قبل أن تعتقل عهد.
التحقيقات والمحاكمة:
في 24 ديسمبر 2017 رَفضت محكمة إسرائيلية الإفراج عن عهد التميمي.
في 1 يناير 2018 مددت محكمة إسرائيلية اعتقالها ووالدتها 8 أيام أخرى، ووجهت لها 12 اتهامًا رسميًّا، من ضمنها إعاقة عمل وإهانة جنود، والتحريض، وتوجيه تهديدات، ومشاركة بأعمال شغب وإلقاء حجارة.
في 15 يناير 2018 مدّدت محكمة إسرائيلية اعتقال عهد لمدة 48 ساعة لاستكمال التحقيق معها للمرة الرابعة منذ اعتقالها.
الحكم عليها: في 21 آذار (مارس) 2018، حَكمت محكمة عوفر بِسجن عهد التميمي لِمدة ثمانية شهور، وبالسجن لمدة ثمانية شهور مع وقف التنفيذ لمدة 3 سنوات، إضافةً إلى غرامة مالية قدرها 3000 شيكل إسرائيلي جديد. وقد ظهرت عهد يومذاك في المحكمة مكبلةَ اليدين والقدمين، وهي دون السنِّ القانوني، ولمَّا سألتها إحدى الصحافيات عمَّا إذا كانت راضية بِالحُكم، أجابت: «إحنا مش راضيين على إشي، ولا وُجود الاحتلال على أرضنا».
وعن متابعة تحصيلها العلمي خلال فترة سجنها: قالت عهد التميمي أنها كانت تشعر بِقلق كبيرِ في السجن من احتمال خسارة شهادة الثانوية العامة، كونها سُجنت في السنة التي يتوجب فيها على طلاب المدارس تقديم تلك الشهادة، المعروفة في فلسطين بـ«التوجيهيَّة». ولم يقف الأمر عند الثانوية العامة، بل استطاعت الأسيرات، وفقًا لعهد، أن يعقدن دورات في مجال القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني حتى يتعلمن المزيد.
الإفراج عنها: أفرجت السلطات الإسرائيلية عن عهد التميمي صباح يوم الأحد 29 يوليو 2018 بعد سجنها لِثمانية أشهر، ونقل الإسرائيليون عهد ووالدتها التي سجنت أيضًا بسبب التهمة ذاتها، من سجن داخل إسرائيل إلى معبر جبارة جنوب مدينة طولكرم، الذي يؤدي إلى الضفة الغربية حيث تعيشان.
فور وصولها لقريتها النبي صالح، عقدت عهد التميمي وعائلتها مؤتمرًا صحفيًا لنقل رسالة من المعتقلين الفلسطينيين، وقالت: «أنا سعيدة بالافراج عني وعن والدتي لكن فرحتنا منقوصة ولن تكتمل إلَّا بالافراج عن كل الأسرى والأطفال داخل السجون الإسرائيلية». وذكرت القناة العاشرة الإسرائيلية، أنه فور إطلاق سراحها، زارت عهد التميمي قبر الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في مقر المقاطعة في رام الله. أمَّا عهد نفسها فقالت إن قضاءها ثمانية أشهر في سجون إسرائيل غيّرها كثيرًا، لكنها ليست نادمة على صفع الجنديين وأنها كانت ستفعل الشيء نفسه حتى ولو عرفت أنها ستقضي 8 أشهر في السجن، لأنَّ هذا ليس سوى رد فعل طبيعي على وجود الجندي في بيتها، وإطلاقه النار على أهل بلدتها، وإنها ولو ضربته فإنَّ غيرها كان رُبما سيقتله، كذلك، نفت عهد الرواية الإسرائيلية التي تقول بأن أهلها يستغلونها ويدفعون بها وبأخواتها لاستفزاز الجنود.
نشاطها السياسي والاجتماعي: بعد الإفراج عنها، استمرت عهد في نضالها ضد الاحتلال وشاركت في مختلف الفعاليات والنشاطات السياسية والاجتماعية الداعمة للقضية الفلسطينية.
الإعتقال(2023): اعتقلت القوات الإسرائيلية الأسيرة المحررة عهد التميمي من بلدة النبي صالح شمال رام الله.وكشف موقع “واينت” العبري، عن أن التميمي، التي أدينت سابقا بمهاجمة ضابط وجندي في الجيش الإسرائيلي، اعتقلت بسبب منشور كتبته منذ نحو أسبوع، على حسابها بموقع “إنستغرام” هددت فيه المستوطنين في الضفة الغربية. كما أفادت وسائل إعلام فلسطينية، بأن القوات الإسرائيلية عاثت خرابا بمنزل عهد قبيل اعتقالها.
أثرت عهد التميمي على المجتمع بمختلف الطرق نأتي على ذكرها:
تأثيرها على الوعي الدولي: عهد التميمي أصبحت رمزًا للنضال الفلسطيني وحقوق الأطفال في مناطق النزاع، وساهمت بزيادة الوعي الدولي حول القضية الفلسطينية.
التضامن الدولي: حصلت عهد على دعم وتضامن دولي كبير، وتلقت جوائز عديدة من مختلف المنظمات والهيئات الدولية.
أصبحت عهد التميمي أيقونة وطنية بالنسبة للفلسطينيين، الذين رأوا في وقوفها في وجه جندي إسرائيلي مدجج بالسلاح شجاعة كبيرة. وأصبح وجه عهد في كل مكان وفي كل شارع وانتشرت اللوحات الجدارية لصورتها كما بدأ الفلسطينيون يحملون صورها في المظاهرات.

جوائز وتكريم
جائزة حنظلة للشجاعة: في كانون الأوّل (ديسمبر) 2012، كُرِّمت عهد التميمي بجائزة «حنظلة للشجاعة» من قبل بلدية إسطنبول الكبرى (بالتركية: İstanbul Başakşehir Belediyesi)‏ في مدينة إسطنبول بتركيا، والتقت حينها رجب طيب أردوغان (وكان رئيسًا للوزراء) وعقيلته في ولاية أورفة.
شخصية العام 2017: اختار جمهور شبكة الجزيرة الإعلامية عهد التميمي لتكون شخصية العام 2017 في حلقة يوم 30 كانون الثاني (يناير) 2017 من برنامج «سباق الأخبار»، وأظهرت نتائج التصويت الذي شارك فيه أكثر من 285 ألفًا من جمهور الجزيرة، أن التميمي نالت 15% من الأصوات.

وُصفت التميمي كإحدى الرموز الجديدة للمقاومة الفلسطينية للاحتلال العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية. كان العديد من الفلسطينيين قد احتجوا على ظروفهم المعيشية، لكن التميمي كانت إحدى الناشطين القلائل الذين اعتُرف بهم دوليًا كمعبرين عن القضية الفلسطينية. يُنسب إليها الفضل في تنشيط الفلسطينيين الذين عانوا بسبب سنوات من بناء المستوطنات الإسرائيلية، وتجديد الاهتمام الدولي بخصوص احتلال إسرائيل للضفة الغربية. يرى بن هرينريش – وهو صحفي وثق عائلة التميمي في عام 2012 – أن مظهر عهد الخارجي كان عاملًا مؤثرًا في شخصيتها الشهيرة. فكتب قائلًا:”هناك الكثير من المحاولات لجعل الفلسطينيين “فئة أخرى”، وعزلهم.” وأضاف: “وفجأة تأتي الطفلة التي تنفي صحة تلك الصور النمطية. حيث تبدو في الواقع مثل طفلة أوروبية أو طفلة أمريكية. لذا، فجأة تفشل محاولات إظهار الفلسطينيين بالمظهر المتجرد من الإنسانية.”

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: