لم تُسجَّل بعد عودة ملحوظة للنازحين السوريين على الرغم من الحديث عن رفع العقوبات وإعادة الإعمار. ففي بعلبك ـ الهرمل، وحدها عرسال شهدت عودة “لافتة” تجاوزت 70%، بينما بقيت العودة “خجولة” في سائر البلدات، حيث أن معظم النازحين وفدوا حديثًا بعد سقوط النظام.
وتشير المعلومات إلى أنّ آخر قوافل العودة التي نظمها الأمن العام اللبناني قبل أسبوع على صعيد كل محافظات لبنان، حملت على متنها 107 نازحين، فيما كان الرقم المتوقع هو 300، علما أن بعضا من شهود العيان يتحدث عن عودة نازحين سوريين إلى بلادهم بنسبة أكبر عبر معابر غير شرعية.
وعن السبب وراء هذه العودة الخجولة، قال مصدر بقاعي إنه “عائد إلى كون الأغلبية الساحقة من السوريين بات لديها أعمالها ومصالحها في لبنان وتملك مؤسسات تجارية ولو بطريقة غير شرعية”، مضيفا إن “على الدولة اللبنانية التشدد في تطبيق قانون العمل لممارسة نوع من الضغط غير المباشر على النازحين، لأن السوري الذي يملك متجرا للخضار أو اللحوم أو الثياب والذي استثمره من شخص لبناني، إنما يكسب مدخولا جيدا جدا ولا يشعر تاليا بالحاجة أو الضرورة للعودة إلى بلاده، بينما إقفال محله من قبل الأجهزة الأمنية المعنية تطبيقا للقانون ومنعه بالتالي من مزاولة عمله، سيجعلان خياراته ضيقة في لبنان، فيضطر حينها للبحث عن خيارات أخرى الأرجح أنها ستكون في سورية”.
وعن خطوة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وقف التغطية الصحية للاجئين السوريين في لبنان بدءا من نوفمبر المقبل ومساهمة خطوة كهذه في الدفع باتجاه العودة، قال المصدر “التمويل من قبل المنظمات والمؤسسات الدولية تراجع كثيرا، لكن بعض الخدمات لاتزال قائمة”، مضيفا إن “السؤال الكبير يتعلق بما إذا كانت منظمة اليونيسف ستمول السنة المقبلة تعليم الطلاب السوريين في لبنان”.
وإذا كان البعض في لبنان يؤيد العودة الطوعية للنازحين السوريين، فإن ثمة من يطالب بترحيلهم. وبحسب المعلومات فإن أي خطة وطنية أو حتى مشروع خطة رسمية لم يتم وضعه بعد من قبل الحكومة لإعادة النازحين. وفي رأي البعض ليس المطلوب تجميع السوريين في قافلات ووضعهم على الحدود اللبنانية ـ السورية، لأن خطوة كهذه قد لا تعرف عقباها، وإنما تحضير الأرضية الكفيلة بدفعهم إلى خيار العودة، الأمر الذي من شأنه جعل العدد ينحسر إلى حد كبير ويسهل بعد ذلك عملية الترحيل.
ويجمع المطلعون على ملف النزوح على أن الأكثرية الساحقة من النازحين السوريين لا تواجه عقبات أمنية أو غير أمنية تحول دون عودتها، لأن من كان يخشى العودة خوفا من النظام السوري، سقط عذره مع سقوط النظام. كما أن الخشية من الخدمة العسكرية في سورية انتفت مع إلغاء هذه الخدمة، ما يعني أن أسباب البقاء في لبنان هي أسباب محض اقتصادية. وحتى لو انتفت هذه الأسباب، سيظل هناك جيل نشأ وشب في لبنان ولا يعرف سورية، في موازاة من يفضل عدم التأسيس لحياة جديدة ومصدر عيش جديد في سورية، طالما لبنان هو واحة رزق، وما يتوافر فيه ليس متوافرا بعد في سورية.