ترأس سـيادة متروبوليـت بــيروت وتــوابعهـا المـطران الــيـاس عــوده خــدمـة الــقـداس الإلـهـي فـي كــاتــدرائـيـة الــقــديـس جــاورجـيــوس فـي سـاحـة الــنـجـمـة. بـعـد قــراءة الإنـجـيـل الــمـقــدس ألــقـى سـيـادتـه الـعـظة الـتالية:
أَحِــبَّــائــي، فــيــمــا يَــحْــتَــفِــلُ الــعــالَــمُ بِــبِــدايَـةِ عــامٍ مـيـلادِيٍّ جَــديــدٍ، تَــحْــتَــفِــلُ كـنـيــسَـتُــنـا الــمُــقَــدَّسَـةُ بِـذِكـرى خِــتـانَـةِ الـسَّـيِــدِ، وعــيــدِ الــقِــدِّيــسِ بــاســيــلــيــوسَ الــكَــبــيــرِ رَئــيــسِ أَســاقِــفَــةِ قَــيْــصَــرِيَّــةِ كَــبَّــادوكِــيــا.
بِـمــيـلادِهِ، ارْتَــضَـى الــمَــسـيـحُ أَنْ يَــتَّــخِــذَ مـا لِــلــبَــشَــرِ بِــتَــمــامِــهِ، مـا عَــدا الـخَـطـيـئَـة، لِـكَـي يُــخَــلِّــصَ الإِنْــســانَ بِــتَــمــامِ بَــشَــرِيَّــتِــهِ. لــذا تَــنــازَلَ وخَــضَـعَ لِــنَــوامــيـسِ الــبَــشَـرِ، ومِــنْـهـا الـخِــتـان. وبِــإِتْــمـامِــهِ هَــذا الــنَّـامـوسَ كـانَ الــمَـسـيحُ يُــطــيـعُ الــشَّــرِيـعَــةَ الَّــتـي أَعْــطــاهــا اللهُ الآبُ لِــلآبــاءِ الأَقْــدَمــيــن، خُـصـوصًـا لإبـراهــيـمَ عِـنـدما قــالَ لـه: «يُــخْــتَــنُ مِــنْــكُــمْ كُــلُّ ذَكَــرٍ… فَــيَــكــونُ عَــلامَــةَ عَــهْــدٍ بَــيْــنــي وبَــيْــنَــكُــم. إِبْــنَ ثَــمـانِــيَــةِ أَيَّــامٍ يُــخْــتَــنُ مِــنْــكُــمْ كُــلُّ ذَكَــرٍ فـي أَجــيــالِــكُــم: وَلــيــدُ الــبَــيْــتِ، والــمُــبْــتــاعُ بِــفِــضَّــةٍ مِــنْ كُــلِّ ابــنِ غَــريــبٍ لَــيْــسَ مِــنْ نَــسْــلِــكَ. يُــخْــتَــنُ خِــتــانًــا وَلــيــدُ بَــيْــتِــكَ، والــمُــبْــتــاعُ بِــفِــضَّــتِــكَ، فَــيَــكــونُ عَــهْــدي فـي لَــحْــمِــكُــم عَــهْــدًا أَبَــدِيًّــا. أَمَّــا الــذَّكَــرُ الَّــذي لا يُــخْــتَــنُ، فَــتُــقْــطَــعُ تِــلْــكَ الــنَّــفْــسُ مِــنْ شَــعْـــبِــهــا. إِنَّــهُ قَــدْ نَــكَــثَ عَــهْــدِي» (تــك 17: 10-14).
بــاقــتِــبــالِــه الــخِــتــانَ، ســاوى الــمَــســيــحُ نَــفْــسَــهُ مَــعَ جَــمــيــعِ فِــئــاتِ الــشَّــعْــبِ، مَــعَ ابْــنِ الــبَــيْــتِ، ومَـعَ الــعَـــبْــدِ الــمُــبْــتــاعِ بِـالـمـال، لــكـي يُــعَــلِّــمَــنــا أَنْ نَــتَــعــامَــلَ مَــعَ الــجَــمــيــعِ بِــالــمَــحَــبَّــةِ ذاتِــهــا، مِــنْ دونِ تَــفْــرِقَــة. كَـمــا عَــلَّــمَــنــا بِــفِــعْـــلِ الــخِــتــانِ أَنْ نُــطــيــعَ اللهَ الآبَ، ولا نَــنْــكُــثَ عَــهْــدَهُ، لأنّــنــا بِــأَمــانَــتِــنــا لِــلــعَــهْــدِ مَــعَــهُ نَــحْــفَــظُ أَنْــفُــسَــنــا بَــيْــنَ يَــدَيْـهِ، وتَــحْــتَ ظِــلِّ جَــنــاحَــيْـهِ، ونَـكـونُ بِــكُــلِّــيَّــتِــنــا لَــهُ وَحْــدَهُ. هَــلْ يَــهْــتَــمُّ الــرَّبُّ لِــقِــطْــعَــةِ لَــحْــمٍ بَــشَــرِيٍّ لا نَــفْــعَ لَــهــا إِنْ قُــطِــعَــتْ أَو بَــقِــيَــتْ؟ طَــبْــعًــا لا. الأَهَــمُّ لَــدى الــرَّبِّ أَنْ تَــكــونَ قُــلــوبُ الــبَــشَــرِ لَــحْــمِــيَّــةً، لا حَــجَــرِيَّــةً، لِــذَلِــكَ يَــقــولُ فــي سِــفْــرِ تَــثْــنِــيَــةِ الإشْــتِــراع: «فَــاخْــتِــنــوا غُــرْلَــةَ قُــلــوبِــكُــمْ، ولا تُــصَــلِّــبــوا رِقــابَــكُــم بَــعْـــدُ» (10: 16). لَـكِــنَّــنــا نُـعـايِــنُ يَــومِــيًّــا كَـمْ يَـسْــتَــطــيــعُ الإِنْــســانُ أَنْ يَــكــونَ قـاسِــيًـا، مُــتَــحَــجِّــرَ الــقَــلْــبِ تُــجــاهَ أَخــيـهِ الإِنْــسـان، وأَنْ يَــتَــعـامَــلَ مَــعَــهُ بِــعَــدمِ رَحْــمَــةٍ أَوْ قِــلَّــةِ مَــحَــبَّــةٍ.
الـقِــدِّيـسُ بــاســيــلـيـوس الــكَــبــيــر كـانَ مِــثــالًا فــي الــمَــحَــبَّــةِ والــتَّــواضُــعِ والــخِــدْمَــةِ، حَــتَّــى إِنَّــهُ رَقَــدَ فــي سِــنٍّ مُــبَــكِّــرَةٍ بِــسَــبَــبِ تَــعَـــبِ جَــسَــدِهِ الــنَّــاتِــجِ عَــنْ خِــدْمَــةِ الآخَــرِ وتَــأمــيــنِ الأَفْــضَــلِ لَــهُ. لَــمْ يَــعْـــرِفِ الــقــدِّيــسُ بــاســيــلــيــوس الــرَّاحَــةَ لأَنَّــهُ شــاءَ إِراحَــةَ الــمَــرْضَــى والــمُــتْــعَـــبِــيــنَ والــجِــيــاعَ والــعُـــراةَ والــمُـسـافِــريــنَ. لَــمْ يَـهْــتَــمَّ بِــنَــفْــسِـهِ اهــتِــمـامَـهُ بِــكُــلِّ آخَــرٍ، حَــتَّــى إِنَّــهُ عِــنْــدَمــا اضــطُــهِــدَ قــالَ لــلإمــبَــراطــور مــودِســتــوس: «لا يُــمْــكِــنُــكَ أَنْ تُــصــادِرَ مُــقْـــتَـــنَــيــاتِــي لأَنِّـي لا أَمْــلِــكُ شَــيْــئًــا، إِلَّا إِذا كُــنــتَ تُــرِيــدُ ثَــوْبِــي الــعَـــتِــيــقَ هَــذا، أَوِ الــكُــتُــبَ الــقَــلِــيــلَــةَ الَّــتــي فــي مَــكْــتَــبَــتِــي. والــنَّــفِــيُ بِــمَ يُــضـيــرُنــي؟ حَــيْــثُــمــا حَــلَــلْــتُ فَــالأَرْضُ لله. والــتَّــعْـــذِيــبُ لا يَــنــالُ مِــنِّــي لأَنْ لَــيْــسَ لِــي بَــعْـــدُ جَــسَــدٌ يَــحْــتَــمِــلُ الــتَّــعْـــذِيــبَ. ضَــرْبَــةٌ واحِــدَةٌ ويَــأْتِــيــنـي الــمَــوْتُ. أَمَّــا الــمَــوْتُ فَــمَــرْحَــبًــا بِــهِ لأَنَّــهُ يَــأْتـي بـي سَــرِيـعًــا إلــى حَــضْــرَةِ اللهِ الــمُــبــارَكَــة. وإِنَّــنــي لَأَحْــسَــبُ نَــفْــسِــي مَــيْــتًــا وأَتَــعَــجَّــلُ الــوُصــولَ إلــى الــقَــبْــر». لَــقَــدْ أَفْــنَــى الــقِــدِّيــسُ بــاســيــلــيــوس جَــسَــدَهُ مِــنْ أَجْــلِ خَــلاصِ أَخــيــهِ الإِنْــســان، تَــمــامًــا كَــمــا فَــعَــلَ مُــعَــلِّــمُــهُ الــمَــسيــحُ الَّــذي لَــمْ يَــأْنَــفْ مِــنْ خِــتــانَــةِ جَــسَــدِهِ، ولا مِــنْ بَــذْلِ دَمِــهِ عــلـى الــصَّــلــيــبِ فــي سَــبــيــلِ إِيــصــالِ الــجَــمــيــعِ إلــى الأَحْــضــانِ الأَبَــوِيَّــة.
لَــقَــدْ حَــدَثَ الــخِــتــانُ فــي الــيَــوْمِ الــثَّــامِــنِ بَــعْــدَ مِــيــلادِ الــمَــســيــح، ومــا الــيَــوْمُ الــثَّــامِــنُ فــي لاهــوتِــنــا سِــوى إِشــارَةٍ إلــى الــبِــدايَــةِ الــجَــديــدَةِ، والــقِــيــامَــةِ، والــحَــيــاةِ الأَبَــدِيَّــة. مِــنْ هُــنــا ارتِــبــاطُ هَــذا الــعــيــدِ مَــعَ بِــدايَــةِ الــسَّــنَــةِ الــزَّمَــنِــيَّــةِ، إِذْ عَــلَــيْــنــا أَنْ نُــحــافِــظَ عــلــى الــعَــهْــدِ مَــعَ الــرَّبِّ، ونَــخْــتِــنَ قُــلــوبَــنــا، ونَــقــومَ مِــنْ مَــوْتِ خَــطــايــانــا، حَــتَّــى نَــكــونَ أَبــنــاءَ الــحَــيــاةِ الأَبَــدِيَّــةِ، أَبــنــاءَ الــقِــيــامَــةِ الَّــتـي أَرْسـى الــمَــسـيـحُ أُسُــسَـهــا مُــذْ تَــصَــوَّرَ فــي أَحْــشــاءِ والِــدَتِــهِ الــعَــذراءِ الــكُــلِّــيَّــةِ الــقَــداسَــة.
يــا أَحِــبَّــة، نَـحْــنُ عـلـى أعْـــتـابِ سَـنـةٍ جَـديـدَةٍ سـوفَ نُـصَـلّـي بَـعْــد قَـلـيـلٍ لِـكَـي تَـكـونَ «سَــنَــةَ خَــيْــرٍ ورَفـاه … وأنْ يُـوَطِّـــدَ اللهُ روحَ الـسَـلامِ فـي الــعــالَــمِ أجْــمَـع … ويَــحْــفَــظَ هــذه الـمَـديـنَـةَ وسـائِــرَ الـمُــدُنِ والـقُــرى مِـنَ الـجــوعِ والـوَبـاءِ والـزَلازِلِ … ومِـنْ غـاراتِ الـقَــبـائـلِ الــغَــريـبَـةِ والحُـروبِ الأهْـلِــيَّـة والـمـيـتـاتِ الـفُــجـائـيَّـة…». نَـحـنُ نَـسْـتَــقْــبِــلُ الـسَـنَـةَ الـجَـديـدَةَ بِـراحَـةٍ مَـصْـحــوبَـةٍ بـالــقَــلَــق، راحَــةٍ مِـنْ أثْــقــالِ الـعـامِ الـمـاضي ومَـآسـيـه، وقَــلَــقٍ عـلـى الــمُـسْــتَــقْــبَــلِ الـذي نَــرْجـو أنْ يَــكـونَ، بِــمَــشــيـئَــةِ اللهِ، مُــشْــرِقا.
لَـقـد أُعْــطِــيَــتْ لَــنــا فُــرَصٌ كَــثــيــرَةٌ، فــي هَــذا الــبَــلَــدِ، لانــطِـلاقَــةٍ جَـديـدَةٍ وحَـيـاةٍ أَفْـضَـل، لَــكِــنَّ قــادَةَ هــذا الــبَــلَــدِ رَفَــضــوا اغــتِــنــامَــهــا، فَــوَصَــلَــتْ بِــنــا الــحــالُ إلــى الأســوَأ. بَــعْـــدَ أيّـامٍ، تَــأتــي فُــرْصَـةٌ أخــرى طــالَ انــتِــظــارُهــا: اجْــتِــمـاعُ نُــوَّابِ الأُمَّــةِ لِانــتِــخــابِ رَئــيـسٍ نَـأمَــلُ أنْ يُــنْــتَــخَــبَ بِــإرادَةٍ لُــبـنـانـيّـةٍ، وقَــنـاعَــةٍ لُــبـنـانـيّـةٍ بِـشَـخْـصِـهِ وكَــفـاءَتِـهِ ، وأَنْ يَــكـونَ مُــتَــرَئِّــسًــا بِــحَــسَــبِ قَــلْــبِ اللهِ، وأَنْ يَــكــونَ قَــلْــبُــهُ عــلــى لُــبْــنــانَ، لا مَــصـالِــحَ شَــخْــصِــيَّــةً ضَــيِّــقَــةً لَـهُ، ولا ارتِــبــاطاتٍ تُــعــيــقُ أمـانَــتَـهُ لِــبَــلَــدِه، فَــيَــنْــقُــلُ هَــذا الــبَــلَــدَ الـجَــريـحَ إلــى بَــرِّ الأَمـانِ، عَــبْــرَ إِرْســاءِ مَــبْــدَأِ الـعَــدالَـةِ، وخُــضـوعِ الـجَــمـيعِ لِــلـقــانـونِ، ومُـحــاسَــبَـةِ كُــلِّ مُــقَــصِّــرٍ، كــائِــنًــا مَــنْ كــان، وإِعــادَةِ الــهَــيْــبَــةِ لِــلــدَولــةِ، وتَــرمــيـمِ قَــنَــواتِ الــتَّـواصُـلِ مَـعَ الـداخِــلِ والـخـارِج، مُــرَمِّــمــًا الـصُّــورَةَ الــمُــشَـوَّهَــةَ الَّــتـي رَسَــمَـهــا الـمُــسـيـئـونَ إلــى وَطَــنِــنــا الــحَــبــيــب. نَـأمَــلُ أَنْ يَــكـونَ الــرَّئــيـسُ الـجَــديــدُ غِــرْبـالًا لا يَــمُــرُّ عَـــبْــرَهُ أَيُّ ســوءٍ أو فَـسـاد، إِنْــسـانًــا يَــقِــفُ الـوَقْــفَـةَ الــشُّـجـاعَــةَ فـي وَجْـهِ كُــلِّ مُـخْـطِـئٍ، عــلى مِــثـالِ الـقِــدِّيـسِ بـاســيـلـيـوسَ، خـادِمًـا لِــلـشَّـعْـــبِ لا مُــتَــسَــيِّــدًا عَــلـيـهِ، عـامِـلاً بِـمـا يُــمْـلـيـهِ عَــلَـيـهِ ضَـمـيــرُه، ومـؤمِــنًــا أنَّ اللهَ الــذي يَــرى فـي الـخَـفــاءِ يُـجـازي عَـلانِــيَـةً (متى 6: 4).
ولِــكَــيْ يَــســيــرَ الــبَــلَــدُ نَــحْــوَ الـنُّــور، لا يَــكْــفــي أَنْ يَــكــونَ هُــنــاكَ رَئــيــسٌ ومَــجْــلِــسُ وُزَراء وبَــرلَــمــان، بَــلِ الــدَّورُ الأَهَــمُّ هُــوَ لِــلــشَّـعْــبِ الَّـذي يُــعَــوَّلُ عـلى وَعْــيِـهِ ومَـحَــبَّــتِــهِ لأَرْضِـهِ، وهَــذا يَــبْــدَأُ مِــنْ عَــدَمِ رَمْـيِ الــقــاذوراتِ فـي الــشَّــوارِعِ، مُــرورًا بِــمَــحَــبَّــةِ الــبــيــئَـةِ والـطَّــبــيــعَــةِ، وُصـولًا إلـى احْــتِــرامِ الـقَـوانـيـن، ومُــحــاسَــبَــةِ الــمَــسْــؤولــيــنَ، ومَـحَــبَّــةِ كُــلِّ مُــواطِــنٍ لأَخــيــهِ الــمُــواطِــنِ مِــنْ دونِ تَــفْــرِقَــةٍ عــلــى أَســاسِ الــدِّيــنِ والــمَــذْهَــبِ والإنْــتِــمــاء. لــقــد خَــلَــقَــنــا اللهُ عـلـى صـورتِـهِ ومِـثـالِـهِ، ومـا يُـمَـيّــزُ لُـبـنـانِـيّـاً عَـــنِ الآخَــرِ هُــوَ حِــسُّــهُ الـوَطَــنـيُّ الـصـادِقُ، وإيـمـانُـه بِــبَــلَــدِه، وإخْـلاصُـهُ لَـه. مَــتـى وَصَـلْــنــا إلـى هَــذِه الــمَــرْحَــلَــة، يُــمْــكِــنُــنــا أنْ نَــطْــمَــئِــنَّ عــلــى مُــسْــتَــقْــبَــلِ لُــبــنــانِــنــا الــحَــبــيــب.
لــقــد كــان الــعــامُ الــمُــنْــصَــرِمُ حــافِــلاً بــالــمُــتَــغَـــيِّــراتِ والأحْــداثِ والـحُــروبِ والإغْــتِــيـالات، وكـان لـبـنـانُ ســاحَـةً لِــتَـصْـفِــيَـةِ الـحِـسـاباتِ وإشْـهـارِ الـمَـواقِــف. أمَــلُــنـا أنْ يَـكـونَ الــعــامُ الــقــادِمُ عــامَ وِلادَةٍ جَــديــدةٍ لِــلُــبــنــانَ جَــديــدٍ، بَـعــد إجْــراءِ قِــراءةٍ مُــتَــأنِّــيَــةٍ لِـمـا حَــصَـلَ فـي الـعــامِ الـماضي، واتِّـخـاذِ الـعِــبَــرِ. وأوّلُ خُــطْــوَةٍ تَــكــونُ بِـالإنْــتِــقــالِ مِــنْ لــبــنــانَ الـسـاحَـةِ إلى لــبــنــانَ الــدَولـةِ الــتـي يَـحْــكُــمُــهـا الــدُسـتـورُ والــقـانـونُ، واقْــتِــنــاعِ الـجَـمـيـعِ أنَّ لا مَـلْـجَـأَ لَـهـم إلاّ الــدَولَـة، وأنَّ الإنــتِـمـاءَ إلـى الـطـائـفـةِ يـأتـي بَـعــدَ الإنــتِـمـاءِ لِــلــوَطَــن. عـلـى اللـبـنـانــيّ أنْ يَــفْــتَـخِــرَ بـانـتِــمائِـه إلـى لـبــنـان، وأن يَـعـي مَـسـؤولِــيّــتَــهُ تُـجـاهَ وَطَــنِــه. وعـلـى الـدَولـةِ أنْ تَـعــي واجِـبـاتِـها تُـجـاهَ مُــواطِــنــيـهــا، وأنْ تُــؤَمِّــنَ لـهـم الإســتِــقْــرارَ والأمـان، وتَـعْــمَـلَ عــلى تَـحْــفــيــزِ الإنْـتـاجِ وتَـشْـجـيـعِ الــمُــبـادَرات، والإعْــتِــمـادِ عــلـى سَــواعِــدِ الــلــبــنــانــيــيــن وأدمِـغَـــتِــهِــم عِــوَضَ اسْـتِـجْـداءِ الــمُـسـاعَــداتِ. الــلـبـنـانيُّ إنسـانٌ مُــبْــدِعٌ وخَـلاّق، وهــو قــادِرٌ عـلـى الــنُـهــوضِ بِــبَــلَــدِهِ وإنْـعــاشِ اقــتِــصـادِه وإنْــمـاءِ مَـنـاطِــقِــه مـتـى تـأمَّــنَــتِ الأجْـواءُ الـمُـريحَـةُ لَــهُ. مــا عـلـى الــدَولـةِ إلا أن تَــسـتَـعــيــدَ هــيــبَــتَـهــا وتَــسْـتَــرْجِـعَ ثِــقَــةَ الــداخِـلِ والـخـارِجِ بِــهــا، وتَــتْــرُكَ أبــنــاءَهــا لِــلــعَــمَــلِ والإبْــداع.
فـي هـذا الــيَــوْمِ الـمُـبـارَك، لِــنُـجَــدِّدِ الــعَــهْــدَ مَــعَ الــرّبّ، خــاتِــنــيــنَ قُــلــوبَــنــا، واضِــعــيــنَ إِيَّــاهــا بَــيْــنَ يَــدَيْــهِ، عَــلَّــنــا نَــصِــلُ إلــى الــقَــداسَــةِ الَّــتــي نَــشْــتَــهــيــهــا، آمــيــن».