تستكمل رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون، في إطار الإعداد للاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان للفترة 2022- 2030، سلسلة اللقاءات التشاورية حول القضايا المؤثرة على أوضاع النساء في لبنان التي تعقدها الهيئة، باللقاء السادس تحت عنوان “الرعاية الصحية للمرأة من كل الفئات العمرية”، بدعم من صندوق الأمم بين الجنسين في مركز الاسكوا.
وألقت عون كلمة قالت قيها: “نلتقي اليوم للتباحث في المحاور التي ينبغي تضمينها في الاستراتيجية الوطنية للمرأة لغاية 2030، في ما يختص بالرعاية الصحية للمرأة، في ظروف تظلل فيها تداعيات الأزمة الاقتصادية كل أوجه الحياة العامة والخاصة. والأزمة تنعكس على صعيد الصحة العامة، كما على صعيد صحة الأفراد. فمن الواضح حاليا، أن ظهور وباء الكوليرا يرتبط بشكل مباشر بتراجع شروط سلامة الغذاء وتنقية المياه وصيانة شبكات توزيعها”.
أضافت: “إن الصعوبات التي يلاقيها اللبنانيون وسواهم من المقيمين لتأمين الاستشفاء وحتى الحصول على الدواء، تطغي في أولويات همومهم المعيشية، وباتت النفقات الصحية تمثل العبء الاقتصادي الأكبر الذي تضطر الأسر على تحمله، وتجهد السلطات المعنية لتوفيره لفئة المحتاجين التي تشكل اليوم الفئة الأكبر بين الفئات الاجتماعية. ووصلت انعكاسات الأزمة الاقتصادية إلى حد افتقار الفتيات والنساء للقدرة على الحصول على المستلزمات الصحية الضرورية خلال الدورة الشهرية الأمر الذي يعرضهن للأمراض. كانت المهمات الثلاث التي حددها القانون لوزارة الصحة عند إنشائها في عام 1946، الوقاية والتوعية والرعاية، واليوم من ضمن التحديات الكبرى التي تواجه وزارة الصحة العامة، نذكر الهم الاجتماعي الذي يتمثل بتأمين الخدمات الصحية للجميع”.
وتابعت: “لبنان التزم في عام 2019، في المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي انعقد في نيروبي، تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية لكل مكونات المجتمع بتنوعها، بحلول عام 2030 من خلال 95 % من مراكزه المجتمعية. كذلك التزم لبنان الحد من حالات الإصابة بسرطان عنق الرحم بنسبة لا تقل عن 4 بال100 ألف. كما التزم ضمان تبني إطار عام، يعتمد على الحقوق الإنجابية والجنسية للخدمات والمعلومات، هذا علما أن سرطان عنق الرحم، يأتي في المرتبة الرابعة من الأمراض السرطانية القاتلة للنساء في العالم، وهو يفتك بنوع خاص بالنساء اللواتي هن في حقبة الحياة العملية الناشطة، وهو قابل للعلاج الشافي إن تم الكشف عنه في وقت مبكر”.
وقالت: “لا بد أيضاً من إلقاء الضوء على الانعكاسات السلبية التي تتركها الأزمات المتراكمة على الصحة النفسية للسكان في لبنان، وعلى ضرورة حصرها ومعالجتها. ونذكر هنا بأن هذه الانعكاسات المسببة للقلق وللتوتر، تؤثر خصوصا على النساء، إذ تأتي لتزيد الضغوط التي يتعرضن إليها بشكل عادي في المجتمع، فقط لكونهن نساء وذلك منذ سن الطفولة. في هذا المجال، تكتسب الجهود التي يتم بذلها لتوفير شروط الصحة النفسية ومعالجة اضطرابها، أهمية خاصة إذ أنها تكون بمثابة إجراءات وقائية تحول دون وقوع الإضطرابات الصحية الأخطر”.
وشدّدت على “أهمية تدريب المعالجين في الصحة الأولية على كشف خطر وقوع الازمة النفسية قبل ظهورها. من هنا، أهمية تدريب المعلمين والأهل على التعاطي مع المراهقين لحمايتهم من اللجوء إلى المواد المضرة بصحتهم والإدمان عليها، كذلك أهمية توفير العناية بالصحة النفسية في مراكز العناية بالصحة الأولية وفي المستشفيات الحكومية والخاصة”.
وقالت: “إن النساء يشكلن الركن الأساسي في الأسرة، وهن بالتالي الركن الأساسي الذي يبنى عليه المجتمع. لذا، فإن الحفاظ على صحتهن والعناية بها جسديا ونفسيا، هو شرط لقيام مجتمع يتمتع أفراده بالإتزان وتتميز فيه العلاقات الاجتماعية بالإحترام المتبادل بين عناصره، ولا يستقيم مثل هذا المجتمع إلا إذا كان فيه الاندماج مؤمنا لأفراده من ذوي وذوات الإعاقة، ومن الذين واللواتي خرجوا من نطاق نشاط العمل بسبب تقدم السن”.
وختمت: “رغم التحديات التي تواجهنا من كل صوب، سنمضي في سعينا لبناء مستقبل أفضل ولرسم التوجهات الكفيلة بتحقيق أهدافنا لتأمين الرعاية الصحية لجميع النساء والرجال”.