عون من “الحروب الكونية” الى “الإنجازات الأممية”

عون1-960x633

لطالما تعمّد العماد ميشال عون أن يقترن إسمه بـ”الحروب الكونية” التي يتعرّض لها من ضمن إمتهان “المظلومية” بحثاً عن عطف شعبي. فمنذ وصوله الاول الى قصر بعبدا في نهاية ثمانينات القرن الماضي، أصرّ على أن ثمة مؤامرات دولية تحاك ضده وحروب كونية تشنّ بوجهه. لم يأبه بالتكاليف الباهظة للترويج لهذه النظيرة، فهو حتى صباح ذاك السبت المفجع في 13 تشرين الاول 1990 أصرّ على عدم المواجهة – وإن لم يصمد في بعبدا سوى 47 دقيقة قبل اعلانه الاستسلام من السفارة الفرنسية في الحازمية – رغم علمه مسبقاً ان القرار بإزالة تمرّده قد إتخذ وذلك “كي يبرهن للعالم ان ثمة مؤامرة كونية ضده” كما ردّ مراراً.

وصول عون الثاني الى بعبدا عام 2016 – ولكن هذه المرة كرئيس جمهورية أصيل – لم يحرّره من نغمة “الحرب الكونية” التي رافقته من بيروت الى باريس فالرابية. لذا سارع عون لتبرير فشل عهده الى الحديث عن “حروب كونية” ضده وحصار دولي للبنان، فيما إستند تياره الى مقولة “ما خلونا” للتنصل من فشله وإنغماسه في لعبة المنظومة التي أوصلت البلاد الى “جهنم”.

في اول مؤتمر صحافي له في 7/8/2020 عقب “زلزال نيترات الامونيوم” الذي ضرب بيروت، إستبشر عون ان إنفجار 4 آب “فك الحصار المفروض على لبنان واتصل بي أغلبية رؤساء الدول الفاعلين وأعلنوا استعدادهم تقديم المساعدات المادية”. غير أن العزلة التي وضع عهده بها – جراء التماهي الكبير مع “حزب الله” وترك نصرالله يصنع سياسة لبنان الخارجية وفق اجندته العابرة لحدود مصالح الوطن – إستمرت خصوصاً مع الاداء السيء لوزراء الخارجية المحسوبين بالمباشر على الرئيس.

إلا ان الرياح الدولية جرت في الايام الاخيرة لعون كما تشتهي سفنه حيث أفضت المصالح الغربية والاسرائيلية في ظل ازمة المحروقات جراء الحرب الروسية – الاوكرانية الى ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان. فسارع العونيون الى إدعاء ان هذه الخطوة التي اتت بعد سنوات طوال من التفاوض “إنجازاً تاريخياً” للعهد يدخل لبنان في مصاف نادي الدول النفطية.

لم يكتفِ العهد في آخر أيامه بإنجازه “الغازي” وبإنجازات توزيع الاوسمة على “أم شريف” وأخواتها من الشخصيات التي إعتبر أن لها فضلا على لبنان، بل أصرّ على إنجاز كوني للبشرية تمثّل بإطلاق عون “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار” في 19/10/2022 التي كان بادر منذ بدء ولايته الرئاسية الى طرح فكرتها ونجح في إيصالها الى اعلى منبر أممي من خلال قرار صادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة في أيلول 2019.

لكن ما يدعي رئيس الجمهورية وعهده أنها إنجازات – بغض النظر عن صحتها ومهما علا شأنها – لا يمكن لها طمس لا بل حتى “تجميل” فشل العهد أو حرف الأنظار عن النكبات التي سيذكر التاريخ انها وقعت في ظل رئاسة ميشال عون كإنفجار 4 آب أو الانهيار المالي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والصحي غير المسبوق الذي شهده لبنان أو سرقة جنى عمر اللبنانيين وحجز اموالهم في المصارف أو حجم الهجرة غير المسبوق للبنانيين إلا في حقبة عون الاول في ثمانينات القرن الماضي… التاريخ لن يرحم وكذلك الشعب اللبناني المفجوع والموجوع.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: