بعد مضي أكثر من اربعين يوماً على آخر موقف له، إعتبر رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون في بيان بتاريخ 4/4/2023 أن “أي خلاف سياسي بين أبناء الوطن الواحد هو مرحلي ولا يبرّر تفلت الخطاب وجنوحه نحو الكراهية واستثارة الغرائز الطائفية وغير الطائفية، كما نتابع أخيرا على وسائل التواصل”، مذكراً أن “الحروب الداخلية مدمرة للجميع والتشبث بالماضي لا يبني المستقبل وتشويه التاريخ لا يغير الحقيقة” وأن “لبنان أكبر من أن يبلع وأصغر من أن يقسم، وأنه أرض تلاق وحوار، وقد حرص على وضع أسس لأكاديمية لتعليم هذه القيم”.
سؤال يفرض نفسه: لماذا يصر العماد عون على “الوعظ” والعودة الى نغمة “بي الكل” التي إنتهت بالضربة القاضية مع ثورة “17 تشرين” التي طوبته “بي الذل”؟! ما الدافع لإصداره بياناً بحيث لم ينتظر إطلالة إعلامية أو إحتفالاً أو إستقبال احد للادلاء بمواقفه؟ هل يحاول إستدراك إنهيار العلاقة بين تياره و “حزب الله” علّه يضخ بعض الامل في حلم وصول صهره النائب جبران باسيل الى بعبدا بعدما أصبح مرشح “الحزب” و”امل” رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية خارج السباق الرئاسي عملياً وأضحت ورقته محروقة؟
يبدو أن العماد عون نسي خطاباته التي تشكّل مدرسة في التفلت والجنوح نحو الكراهية واستثارة الغرائز الطائفية وغير الطائفية ولا يصغي اليوم الى خطاب تياره الذي:
- طيّف إشكال عدم تأخير الساعة عوض حصره بالمشاكل التقنية.
- طيّف مسألة إنعقاد حكومة تصريف الاعمال فإعتبرها مساساً بصلاحيات رئيس الجمهورية عوض حصرها بإنتهاك الدستور إذا لم تكن البنود ملحة وفي إطار تصريف الاعمال الضيق.
- طيّف دعوة الرئيس نبيه بري الى الحوار، فرفض المشاركة معتبراً ان الدعوة تعدٍ على صلاحيات الرئيس فيما عون نفسه شارك في حوار عام 2006 الذي دعا اليه بري يومها؟
- يستحضر الحروب الداخلية ويتشبث بالماضي ويشوّه التاريخ عبر وسائل إعلامه ولسان بعض من قيادييه.
- يصمت عمن يحاول أن يبلع لبنان الدولة لمصلحة الدويلة ولا يعلّق إلا ما ندر من باب الاشتباك الرئاسي ولعبة رفع السقوف.
يصرّ العماد عون على التذكير أنه وضع أسس لأكاديمية تلاق وحوار، ليمنّن النفس بإنجاز يدعيه، خصوصاً أن إنجازات الايام الاخيرة من عهده التي روّج انه حققها لم تصمد أكثر من 31 تشرين الاول الماضي.
فعودة النازحين السوريين الى بلدهم التي إنطلقت في الايام الاخيرة للعهد كانت فلكلورية.
ترسيم الحدود مع السوريا التي رفضت إستقبال ممثل عون لبحثه أشبه برسم كاريكاتوري يظهر إستجداءه إنجازاً في الدقائق الاخيرة.
أما ترسيم الحدود جنوباً، فشكل إعترافاً بإسرائيل وفق نص الاتفاق الذي سجّل في الامم المتحدة وتأميناً لمصالحها حيث بدأت بإستخراج وبيع الغاز من حقل كاريش فيما حقل قانا ينطبق عليه القول “ع الوعد يا كموّن”.
إن الانجاز الذي قد يسجّل لعون هو متى إستطاع إلزام نفسه وتياره ووسائل إعلامه بمضمون بيانه لأن البلاد لا تحتمل فعلاً أي جنوح نحو الكراهية واستثارة الغرائز.