غياب السياسة في لبنان: ضجيج الجنوب يُخفي صمت الداخل

jnoub lebnen

يخيّم على لبنان جوّ من الهدوء السياسي المريب، بينما تتجه الأنظار نحو الجنوب حيث تتصاعد حدّة التوتر مع إسرائيل لتعود وتخفت ثم تتصاعد من جديد. ففي الوقت الذي ينشغل فيه الجميع بالمواجهات على الحدود، تُهمَل القضايا الداخلية وتغيب السياسة عن المشهد بشكل شبه تام.

فمنذ انتهاء الانتخابات النيابية في أيار 2022، لم يُحرَز أي تقدم على صعيد العمل السياسي. فلم تُجرى الانتخابات البلدية والاختيارية، ولم تُشكل أي حكومة جديدة، ولم يُنتخب رئيس جديد للجمهورية، ولم تُبنى أي تحالفات سياسية جديدة. حتى خطة التعافي الاقتصادي لم توضع على الطاولة أو في موضع التنفيذ.

يُكرر الزعماء السياسيون مواقفهم دون أي تقدم ملموس. الجميع يعرف موقف الجميع الثابث، هل من أحد لا يعرف موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من الانتخابات الرئاسية أو سلاح حزب الله. وهذا الأخير، هل من أحد لا يعرف موقفه من القضايا المطروحة، وهكذا دواليك على كل القوى والأحزاب. إن كل طرف يتمسك بموقعه ويرفض تقديم أي تنازلات، لا بل لا يُحرك ساكناً، لكأن الجمود والانتظار هو الأمر الطبيعي، فيما يبدو أن الجميع ينتظرون شيئاً ما، لكن لا أحد يعرف ما هو هذا الشيء.

الحائط المسدود الذي وصلت إليه الانتخابات الرئاسية لا يزال هو نفسه، المعارضة لا تزال عند اتفاقها على النِزال بمرشحها جهاد أزعور، فيما الثنائي الشيعي لا يزال عند مرشحه سليمان فرنجيه. بضعة أشهر من اللاسياسة، والمشهد هو نفسه. حالة من الانتظار دون أي حركة سياسية حقيقية.

إن غياب السياسة في لبنان يُهدد استقرار البلاد ويُعيق أي إصلاحات ضرورية. فبدون حكومة فاعلة، لا يمكن للبنان معالجة أزماته الاقتصادية والاجتماعية. وبدون رئيس للجمهورية، تبقى الحياة السياسية والدستورية معلّقة.

يجب على جميع الأطراف السياسية في لبنان أن تتحمل مسؤولياتها وأن تُحرك المياه الراكدة. فالبلاد بحاجة إلى عمل سياسي حقيقي لمعالجة التحديات التي تواجهها.

إن غياب السياسة في لبنان ليس قدراً محتوماً. فمع إرادة سياسية حقيقية، يمكن للبنان الخروج من هذا المأزق وتحقيق بعض من الاستقرار والازدهار. ولكن هيهات، من يكترث للقيام بأي حركة سياسية حقيقية تعيد الحياة السياسية إلى طبيعتها؟ على الأرجح لا أحد.

المصدر:  

لمتابعة الأخبار والأحداث عبر مجموعاتنا على واتساب: